Site icon IMLebanon

هل أُجهضت معركة مكافحة الفساد؟! (بقلم رولا حداد)

في الأسابيع الأخيرة انتهى كل الحديث عن “الحرب على الفساد”. سقطت أخبار “مكافحة الفساد” عن خطابات المسؤولين والسياسيين تماماً كما اختفت من نشرات الأخبار ومن كل وسائل الإعلام!

لم نعرف ماذا حلّ بالمواجهة التي كانت قائمة بين مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، كما لم نعرف ماذا حلّ بالدعوى التي رفعها جرمانوس على “شعبة المعلومات” وقوى الأمن الداخلي، ولم نعد نسمع عن مصير التوقيفات التي قامت بها “شعبة المعلومات” بموضوع “السماسرة القضائيين”. وبعدما كان هذا الموضوع نجم وسائل الإعلام لأسابيع، تراجعت نجوميته، لا بل اختفت، من دون أن نعرف نهاية القصة، وهل هي سعيدة أم حزينة!

لم نعرف أيضاً ما إذا كانت تمت التسويات على الطريقة اللبنانية، فتمت لفلفة الملفات من دون أن تصل إلى أي نتيجة كالعادة في كل الملفات، كما في ملف “الإيدن باي” وغيره الكثير، وكأن ما يجري يقتصر على محاولة إلهاء الرأي العام لفترة قبل الانتقال إلى موضوع جديد!

انطلاقاً مما سبق ثمة أكثر من علامة استفهام لا بد من طرح الأسئلة حولها:

ـ هل تمرير الموازنة في مجلس الوزراء كان يفترض اعتماد استراتيجية “تصفير المشاكل” بين الأطراف السياسية، بما يعني من ضمنها وقف حملات مكافحة الفساد التي كانت تشكل جزءًا من الحروب الدائرة بين الأفرقاء السياسيين؟

ـ وهل تمرير الموازنة بالتوافق بين الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل يعني حكماً تسوية ما بين جرمانوس وعثمان، أو على الأقل تهدئة ما، تمهيداً لتسوية قد تكون على طريقة تعيين جرمانوس سفيراً كما درجت العادة في لبنان؟

ـ هل قدر القضاء أن يكون ساحة للتسويات السياسية عوض أن يكون قوساً للمحاسبة والمساءلة والمحاكمة لكل من يخالف القوانين ولجميع الفاسدين والمفسدين؟

ـ كيف يمكن الحديث عن إصلاحات من دون محاربة الفساد؟ وهل يمكن وقف مزاريب الهدر في الموازنة من دون الضرب بيد من حديد لوقف الفساد وتوقيف الفاسدين؟ وكيف يمكن وقف كل أنواع الصفقات والسمسرات ومن يقف وراءها طالما لا محاسبة ولا محاكمة للفاسدين الذين يعيثون فساداً في مؤسسات الدولة؟

ـ أي نكسة يمكن أن يُصاب بها العهد في حال عدم استكمال معركة محاربة الفساد وهو الذي رفعها مؤخراً شعاراً له ارتاح إليه المواطنون؟ وأي نكسة للأجهزة الأمنية من مديرية المخابرات و”شعبة المعلومات” و”أمن الدولة” إذا تم إجهاض كل ما كان سبق أن بدأوا به في إطار مكافحة الفساد في المؤسسات والإدارات العامة؟

ـ هل يعي المسؤولون أن إجهاض معركة مكافحة الفساد ستعني حكماً وحتماً عودة الفساد والفاسدين بقوة أكبر إلى إدارات الدولة بمجرد أن يظهر للجميع أنهم أقوى من الدولة وأجهزتها، أو أنهم مدعومون ومحميون من الدولة وأجهزتها؟

ـ والأخطر أي نكسة للمواطنين الذين راهنوا على تغيير ما واستبشروا خيراً بمكافحة الفساد بعدما ظنّوا لوهلة أن هذه المعركة يمكن خوضها والوصول إلى نتيجة فيها يكون أبسطتها وقف نزيف الفساد والمخالفات القائمة إن لم يكن بالإمكان محاسبة الفاسدين عن كل المراحل السابقة؟!

في الخلاصة، إن أسوأ ما يمكن أن يحدث ليس في كون الفساد مستشرياً في لبنان، بل في التأمل للحظة بأن ثمة نية للتخلص منه، ليتضح لاحقاً للمواطنين بأن هذا الأمل لا يعدو كونه سراباً في صحراء فساد لا تنتهي في المزرعة اللبنانية!