Site icon IMLebanon

حزب الله يجمع التبرعات في الطرقات بعد توقف الدعم الإيراني

عكست الحواجز التي أقامها حزب الله في مناطق سيطرته في لبنان من أجل جمع التبرّعات الأزمة المالية والسياسية التي يعاني منها الحزب في ضوء العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.

وقالت أوساط سياسية لبنانية إن الحزب استغل هذه الأزمة للتعبئة الداخلية في وقت بدأ المجتمع الشيعي اللبناني يطرح تساؤلات عن الجدوى من تدخل الحزب عسكريا في سوريا.

ولاحظت هذه الأوساط التي لديها اطلاع على ما يدور في المناطق الشيعية أنّ الحزب تفادى إقامة حواجز لجمع التبرعات في مناطق مسيحية أو سنّية أو درزية خشية حصول أي احتكاك مع الطوائف الأخرى من جهة وتفادي أي إحراج يمكن أن يسببه لحليفه المسيحي (التيار الوطني الحرّ) من جهة أخرى.

 

كلوي كورنيش: نصرالله أعلن الجهاد المالي بعد توقف الدعم الإيراني
واعتبرت ذلك إشارة إلى أنّه يتحكّم كليا بالمناطق الشيعية في لبنان وأن قبضته قويّة جدا في تلك المناطق.

وأوضحت أن الهدف من الحواجز ليس جمع التبرعات بقدر ما هو رسالة موجهة إلى الشيعة عموما.

وقالت الأوساط في تصريحات لـ”العرب” إن فحوى الرسالة أن الحزب يسيطر على مناطقه بإحكام شديد وأن لا مكان في هذه المناطق لأيّ صوت شيعي معترض أو لتساؤلات في شأن جدوى التدخل في سوريا وكلفة هذا التدخل ماليا وبشريا.

وكان الأمين العام للحزب حسن نصرالله صعّد من لهجته في الخطاب الذي ألقاه، الجمعة الماضي، بمناسبة “يوم القدس″ الذي تحتفل به إيران وأذرعها من الميليشيات في العراق ولبنان واليمن.

وتحدّث نصرالله في ذلك الخطاب عن صواريخ دقيقة يمتلكها الحزب وعن الاستعداد لإنشاء مصانع لإنتاج الصواريخ في لبنان.

وفسرت الأوساط السياسية هذا التصعيد بالرغبة في القول لأنصاره في لبنان إن العقوبات الأميركية لن تؤثر على الحزب وإنّه متمسك بسلاحه وخياره الإيراني أكثر من أي وقت.

وبدأت العقوبات الأميركية على إيران تؤثر بشكل واضح على حزب الله، بعد انقطاع الدعم الذي كان يصله من طهران.

وسبق وأن قدرت الولايات المتحدة قيمة الدعم الذي كانت تقدمه إيران لحزب الله بنحو 700 مليون دولار سنويا.

واعتبرت المحللة السياسية كلوي كورنيش أن حزب الله يشعر بالألم جراء صعوبة حصول إيران على السيولة المالية إثر العقوبات التي فرضتها واشنطن.

وقالت كورنيش المتخصصة بشؤون لبنان والعراق وسوريا في تقرير لها بصحيفة فاينشيال تايمز البريطانية “إن حزب الله عمد إلى جمع تبرعات خلال رمضان على نطاق واسع، وجاب بمكبرات الصوت المركزة على السيارات في شوارع بيروت، كما تداول مناصرو الحزب رسائل نصية على وسائل التواصل الاجتماعي تطالبهم بالتبرع ولو بدولار واحد للحزب”.

وأضافت أن الأزمة المالية التي تعصف بالحزب دفعت حسن نصرالله إلى إعلان “الجهاد المالي” بعدما توقف دعم إيران للحزب بسبب إعادة فرض العقوبات عليها من قبل الولايات المتحدة.

يأتي ذلك في وقت طالب فيه أعضاء في البرلمان الألماني بحظر حزب الله واعتباره تنظيما إرهابيا. وناقش البرلمان الألماني، الخميس، حظر حزب الله بناء على طلب رفعه حزب البديل اليميني.

ودعا البيان المرفوع من حزب البديل إلى إصدار توصية للحكومة الألمانية بحظر حزب الله بالكامل من دون التفريق بين جناحيه العسكري والسياسي. وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد حث الأسبوع الماضي ألمانيا على أن تحذو حذو بريطانيا وتحظر حزب الله اللبناني.

ولفتت مصادر دبلوماسية غربية إلى أن النقاش البرلماني في ألمانيا بشأن حظر حزب الله يشكل تطورا مهما داخل الاتحاد الأوروبي أيا كانت نتائج هذا النقاش.

وأوضحت أن انضمام بريطانيا إلى الولايات المتحدة في وضع الحزب بجناحيه السياسي والعسكري على لوائح الإرهاب عدّ مؤشرا أول على احتمال نزوع الأوروبيين نحو الانضمام إلى جهود واشنطن في شأن مكافحة ما يمثله حزب الله داخل ملف الإرهاب في العالم.

وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي ما زال يعتبر أن الجناح السياسي لحزب الله ليس إرهابيا ويتم التواصل والتعامل معه، إلا أن تأكيد نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أن الحزب واحد وليس لديه جناح عسكري يختلف عن الجناح السياسي يطرح أسئلة على الدول الأوروبية حول الحكمة من وضع حدود بين جناحين في وقت ينكر فيه الحزب وجود هذه الحدود.

ويلاحظ خبراء في شؤون أذرع إيران في العالم، أن العواصم الدولية تناقش مسألة التعامل مع حزب بصفته حالة استثنائية يختلف التعامل معها مع بقية الميليشيات التابعة لطهران.

ويستنتج هؤلاء أن الحزب بات عقبة حقيقية أمام قيام الدولة في لبنان وأداة من أدوات عدم الاستقرار التي تستخدمها إيران في الشرق الأوسط.

ويدور القلق الألماني والبريطاني حول مسألة تنامي النفوذ الذي يمتلكه الحزب داخل الجاليات الأجنبية، كما على رواج شعارات وأنشطة لا تتماشى مع القيم الأوروبية، ناهيك عما يمثله هذا النفوذ من تهديد واختراق أمنيين.

واعتبر بعض المحللين أن استجابة البرلمان الألماني لمناقشة مسألة دعا إليها بومبيو في زيارته الأخيرة لبرلين على منوال ما فعلت واشنطن ولندن، تعد تحولا في المزاج الألماني العام إزاء قضايا لطالما اختلفت ألمانيا في مقاربتها عما هو معمول به في الولايات المتحدة.

ويرى هؤلاء أن نقاش الموقف من حزب الله يبعث برسالة نوعية لافتة إلى إيران وحزب الله، وقد يرفد الموقف الأميركي في مسعاه لفرض شروط إبرام صفقة جديدة متطورة مع طهران.

وقالت مصادر في بيروت إن تحوّل الموقف الأوروبي من حزب الله سيفرض قيودا على شبكات الحزب المالية في أوروبا سواء تلك التي توفرها تبرعات المناصرين أو تلك التي تستخدم في نقل أموال لصالح الحزب مصدرها أنشطة مشبوهة في مناطق أخرى من العالم.