Site icon IMLebanon

“مافي شي بيحرز”…لكل ما تفعلونه! (بقلم رولا حداد)

لا شيء يستأهل سقوط دم في لبنان، لا في الجبل ولا في أي منطقة لبنانية.

لا شيء يستأهل أن يموت أي انسان على قارعة طريق إرضاء لغريزة متخلّفة لم تتطوّر رغم كل التجارب اللبنانية الأليمة!

نعم لا شيء يستأهل أن تعود عقارب الساعة إلى الوراء. لا شيء يستأهل أن ندمّر بلدنا مرة جديدة من أجله، لا قضية خارجية ولا زعيم داخلي أياً يكن، مع احترامنا لجميع الزعماء.

لماذا حصل ما حصل في الجبل؟ هل من تبريرات يمكن أن تقنع أي عاقل بتفاصيل ما حدث، وخصوصاً أنه، وكما كل مرة، لكل حادثة روايتان في حين أن الحقيقة المطلقة ستضيع في غياهب السياسة والتسييس وضعف القضاء والإجراءات المرافقة للتحقيقات في أي حادثة مماثلة؟!

إن ما حصل في الجبل نتيجة حتمية لمعادلتين:

ـ الأولى أن الدولة في كل القضايا المماثلة تنتهج الأسلوب نفسه في الابتعاد عن الحسم نتيجة الطبيعة العشائرية للنظام السياسي اللبناني، فتبتعد دائماً عن منطق تطبيق القانون بحزم على الجميع ما يسمح بتكرار الحوادث المماثلة، وخصوصاً أن كل طرف يعتبر أنه قادر على حماية جماعته ومناصريه فيبقيهم خارج إطار أي محاسبة ومحاكمة على ما يرتكبون، وهكذا يتمادون في ممارساتهم التي تتكرر عند كل “حاجة سياسية”. هذه الدولة، أو بوصف أدق هذه اللادولة تؤدي حكماً في تقاعسها إلى تسهيل الانزلاق إلى توترات وحوادث لا أحد يعرف كيف يمكن أن تطور سلباً عند أي تقاطع إقليمي يجد مصلحة في استعمال الساحة اللبنانية لتحقيق غايات مشبوهة!

ـ والمعادلة الثانية تتمثل في أن أي طرف، ولتحقيق غاياته السياسية، لا يتوانى عن اعتماد أقصى درجات التطرّف في خطابه السياسي، فيحاكي الغرائز ساعة يشاء فقط لشدّ العصبيات السياسية والطائفية، من دون ان يدرك حساسية التركيبة السياسية والطائفية في لبنان.

لماذا لم نتعلّم من تجاربنا المريرة بعد؟ ألم تكفينا 15 عاماً من الحرب الداخلية والاقتتال العبثي لندرك أن وحدتنا الداخلية أهم من كل الاعتبارات والمصالح السياسية؟ هل يدرك المسؤولون حجم اليأس الذي يتسببون به للبنانيين نتيجة لامسؤوليتهم في مقاربة ما يجري ونتيجة الاستخفاف بحياتهم وارواحهم وأرزاقهم ومستقبلهم؟

ألا تكفينا مصائبنا المالية والاقتصادية لننزلق بهذه السهولة نحو الغرائزية والعنف العبثي من أجل إرضاء عنجهيتنا وتصفية لبعض الحسابات السياسية؟ متى نعود لتحكيم لغة العقل عوض لغة الشارع؟ وما السبيل إلى التنافس الحضاري عوض التباهي بقطع الطرقات وعراضات السلاح؟

إن ما حصل في الجبل لا يدعو سوى لليأس مجدداً، اولاً من طبقة سياسية تصرّ على ممارسة أقصى درجات النرجسية، وأتباع يدمنون لذّة لحس المبرد من دون أن يدركوا أن دماءهم هي التي تسيل، في حين أن زعماءهم سيتصالحون بعد أيام أو أسابيع، وذلك بعد ان يضمنوا مصالحهم وحصصهم للمرحلة المقبلة!

“والله قرّفتونا”… شبعنا دماً ومشاهد سوداوية. أتركوا لبنان يعيش. نحتاج لموسم سياحي واحد وليس لمزيد من الضحايا والدماء. نحتاج إلى عملية نهوض مالي واقتصادي وليس إلى المزيد من الغرق في سياسات المصالح المدمّرة…

إرأفوا بنا لأن “ما في شي بيحرز” لكل ما تفعلونه… وارحموا لبنان واللبنانيين!