Site icon IMLebanon

“خالتو، الماما ما خلّتني…”

كتب د. أنطوان الشرتوني في صحيفة “الجمهورية”:

كم من المرات نلتجِئ إلى شخص خارج عائلتنا الصغيرة، لنتكلم معه عن مشاكلنا أو عن فرحنا وربما حزننا. ونمضي ساعات وساعات معه، بدون الشعور بالملل… وهذا الشخص هو واحد من أفراد عائلتنا الكبيرة: العم أو العمة، الخال أو الخالة. ونجد دائماً عند أخ أو أخت والدنا أو والدتنا ملجأً يستمع بدقة إلى قلقنا ويرشدنا بعيداً من المشاعر السلبية. فما هو دور العم أو العمة في حياتنا اليومية؟ وما هي الصفات الأساسية للخال أو الخالة؟ وكيف يمكن لأشخاص تربطنا صلة دم وثيقة بهم أن يلعبوا دور الأب والأم في توجيهنا نحو الأفضل؟

هناك الكثير من الأمثال الشعبية التي تصف وجود العائلة الكبيرة كالخالة والخال والعمة والعم في كنف العائلة، كمثل»الولد لو بار، بيطلع تلتينو للخال». وهذا ما يؤكد لنا بأنّ المجتمع العربي يهتم بوجود الأقارب بقرب العائلة، حتى لو خفت قليلاً تلك التقاليد. ولكن من منّا لم يلتجئ لخاله أو عمته في ظروف صعبة، طالباً النصحية الموضوعية؟! إذاً، ما زال دور الخالة والخال أو العمة والعم يتربّع في قلب العائلة.

أهمية معرفة الحدود

لا نستطيع في هذا المقال أن نحصر كل الأدوار التي يمكن أن يلعبها العم والعمة تجاه أعضاء العائلة. كما لا نستطيع أن نحدّد وبشكل قطعي صفات وسلوكيات العم والعمة. ولكن من المعروف بأنّ أخ وأخت الأب يكونان قريبين من العائلة، خاصة العمة التي تحب أن تحتضن أطفال أخيها ومجالستهم. وبالطبع، تطغى غريزة الأمومة والابوّة الموجود عند العمة والعم على سلوكياتهما وتجعلهما من الأشخاص القربين من جميع أفراد العائلة. ولكن من المهم جداً أن يعرفا (العم والعمة) حدودهما تجاه العائلة وأن يتذكّرا بأنّ الأب والأم هما المسؤولان عن أطفالهما وهما اللذان يتخذا القرارات النهائية. ولا يمكن أن ننسى الدور التربوي الذي يلعبه العم تجاه أطفال أخيه أو أخته، ولديه دائماً الجواب الصحيح لكل سؤال. ناهيك عن النشاطات التي يحب ان يقوم بها مع أطفال عائلته الكبيرة. كما يفهم العم والعمة متطلبات المراهقين من العائلة الكبيرة ويسعيان إلى حلّ جميع المشاكل، الغرامية منها والإقتصادية والعلائقية والعائلية… وبكلمة واحدة، العم والعمة هما «مؤانسة» العائلة.

ماذا عن دور الخال والخالة؟

قبل تفصيل الدور النفسي الذي يلعبه الخال والخالة تجاه العائلة، يجب التذكير أنه لا يمكن اعتبار أنّ دور الخال والخالة في العائلة قريب من دور الأب والأم. فللوالدين أدوار بارزة في:

أما دور الخال والخالة، فهو أيضاً قريب من دور العم والعمة، ولا يجب تعميم سلوكيات وتصرفات الخال والخالة على الجميع. فلا يجب أن ننسى بأنّ التقسيم النفسي عند الإنسان يلعب دوراً بارزاً في التعاطي والإختلاط مع العالم الخارجي ومنه العائلة. ولكن نجد نقاطاً مشتركة بين جميع الأخوال والخالات ومنها:

إيجابيات وسلبيات وجود العم أو العمة – الخال أو الخالة

إذا أردنا أن نتحدث عن الإيجابيات، يمكن اختصار الكثير من النقاط بالتالي:

أولاً، وجود العم والعمة أو الخال والخالة في حياة الطفل يزيد من التوازن النفسي عنده خاصة عند الأطفال الذين يعانون من مشاكل عائلية.

ثانياً، وجودهم يخفف من الآثار النفسية على الطفل المعنّف.

ثالثاً، قسوة الأهل تجابه عطف وحنان الخال والخالة خاصة بعد قصاص، حيث يحتمي الكثير من الأطفال بشخص راشد باحثاً عن الطمأنينة بسبب الشعور المزعج الذي مرّ به بسبب القصاص.

أما بالنسبة للسلبيات، فأهمها هي التدليل المفرط، لذا على الوالدين أن يصارحا ويشرحا للعم والعمة والخال والخالة بأنّ التدليل الزائد لا يعلّم الطفل إلا المراوغة في التعامل مع الآخرين.

ونذكر أيضاً نقطة أخرى سلبية، وهي عدم تحمل العمة والعم والخالة والخال فكرة معاقبة الطفل من قِبَلْ الأهل. وهنا تُخلق جبهة ما بين الطفل ووالديه الذين يسعيان لتأديبه بالطريقة المناسبة أو المعاقبة البنّاءة. ويصبح العم والعمة أو الخال والخالة المرجع الوحيد للتهرّب من عقاب الوالدين اللذين يصبحان «عدوَّي» للطفل.

ونقطة سلبية أخرى هي شراء كل ما يريده الطفل، ولكن التربية السليمة تنصح بألّا يحصل الطفل على جميع طلباته، فهناك إنعكاسات صحية وإنعكاسات تربوية سيّئة لهذا التصرف.

لذا على الأهل أن يقوموا بالاتفاق على كمية ونوعية الهدايا والحلوى المقدمة لأطفالهم. وطبعاً يجب الأخذ بعين الإعتبار مشاعر العم والعمة والخال والخالة، فالهدف من تقديم الهدايا والحلويات هو التعبير عن الحب والعاطفة.

وأخيراً، لا يجب أبداً أن يتدخل أحد في تربية الطفل، فالحوار مع العائلة وتوضيح الأمور وشكرهم على محبتهم وعطفهم والتفسير لهم بأنّ التأديب والأخلاق والتربية من أساسيات الحياة وهو دور الأهل فقط وليس دور العم والعمة أو الخال والخالة.