Site icon IMLebanon

غطاء أميركي لرئيس الوزراء اللبناني

تفتح عودة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الأربعاء إلى بيروت من زيارة خارجية، باب الأمل في تحريك ملف الحكومة المجمد بسبب عدم الاتفاق على صيغة لمعالجة حادثة قبرشمون التي راح ضحيتها مرافقان لوزير شؤون اللاجئين صالح الغريب خلال زيارة مشتركة مع وزير الخارجية جبران باسيل إلى القرية الواقعة في جبل لبنان.

وعبر الحريري عن تفاؤله بعد لقاء مع الرئيس ميشال عون ومدير الأمن العام اللواء عباس إبراهيم الخميس قائلاً “الاجتماع مع الرئيس عون كان إيجابياً والحلول باتت في نهايتها وأنا متفائل أكثر من السابق وعلينا انتظار القليل وستسمعون الخبر السار إن شاء الله”.

يأتي هذا التفاؤل في الوقت الذي أخذت فيه الأزمة أبعادا جديدة لها علاقة بالصراع الدولي الإقليمي، لاسيما بعد صدور بيان السفارة الأميركية في بيروت، الثلاثاء، والذي اعتُبر مؤشراً جديدا وجديا على تدخل المجتمع الدولي لوقف التصعيد في لبنان.

 

ونفت مصادر في تيار المستقبل الذي يرأسه الحريري أي كلام حول نية رئيس الوزراء على الاعتكاف، مؤكدة أن الحريري ما زال عازماً على عدم دعوة مجلس الوزراء إلى اجتماع “تفجيري” قبل تفكيك كافة الألغام التي زرعتها المواقف المتعارضة بشأن الصيغة المثالية للمعالجة القضائية لحادثة قبرشمون.

وتعتبر الزيارة التي يترقب أن يقوم بها الحريري لواشنطن خلال الساعات المقبلة من أجل لقاء نائب الرئيس الأميركي مايك بنس بنس ووزير الخارجية مايك بومبيو ومسؤولين أميركيين آخرين، بمثابة إشارة أميركية جديدة لحماية رئيس الوزراء اللبناني ومنحه سقفا يقيه أي ميول لتبديل التوازنات السياسية التي أنتجت الصفقة الرئاسية التي أتت بميشال عون رئيسا للجمهورية.

ويعتقد متابعون للشأن اللبناني أن إدلاء واشنطن بدلوها قد يتبعه إجراءات عقابية قد تطال شخصيات لبنانية قريبة من حزب الله من خارج البيئة الشيعية الحاضنة مباشرة لحزب الله.

وتتخوف بعض الأوساط المسيحية من أن تنال العقوبات من شخصيات محسوبة على رئيس الجمهورية والتيار العوني على نحو يعكس مواقف أميركية جديدة من الوضع اللبناني. فيما ترى هذه الأوساط أن ما يتردد عن استقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للزعيم الدرزي وليد جنبلاط يعتبر تقاطعا روسيا أميركيا نادراً في مقاربة شؤون لبنان.

وكشفت مصادر قريبة من الحزب التقدمي الاشتراكي عن تحضيرات قائمة للزيارة بعد اتصالات قام بها ممثل الحزب في موسكو حليم بو فخرالدين مع الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وأفريقيا ميخائيل بوغدانوف، وأن الزيارة ستحصل حال تحديد زعيم الكرملين موعداً للقاء جنبلاط.

وبات التحرك الدولي ضروريا بعد فشل كافة المساعي والمبادرات الداخلية لحلّ أزمة قبرشمون، خصوصا بعد أن رفع الرئيس عون سقف السجال حين نقل عنه اعتباره أن “الكمين” في ذلك اليوم كان يستهدف صهره وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.

واعتبر هذا التحول موقفا شخصيا لعون يراد منه تصفية حسابات قديمة مع جنبلاط، كما اعتبر أنه يعبر أيضا عن خطط لدى حزب الله لمحاصرة جنبلاط والجنبلاطية في لبنان.

ورأت بعض الأوساط أن توقف وساطات رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري يعود إلى إدراكه أن تعنت رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال إرسلان وتصلّب موقف رئيس الجمهورية اللبنانية في هذه القضية يحظيان برعاية ودعم حزب الله الكاملين.

ويتأسس موقف جنبلاط التصعيدي على معطيات حقيقية داخلية من خلال إعلان رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع دعمه لجنبلاط، ومن خلال صدور بيانات عن وجاهات سياسية سنية في مقدمها تيار المستقبل وزعيمه سعد الحريري في الوقوف إلى جانبه وعدم التخلي عنه.

ونقل موقف عون في اعتبار الحدث استهدافا لصهره الصراع من مستواه الدرزي-الدرزي إلى مستوى المواجهة بين الجنبلاطية والعونية، وهو ما أضعف أرسلان لدى البيئة الدرزية ورفع من شعبية جنبلاط داخلها، كما رفع الحدث إلى مستويات سياسية قد لا تكون بعيدة عن الصراع العام المتعلق بالموقف الدولي من إيران.

كما أن السجال الذي فجره المؤتمر الصحافي للوزير الجنبلاطي وائل أبو فاعور ورد باسيل عليه حوّل الصراع إلى فضاءات أخرى وصفت بأنها صراع القصرين: قصر بعبدا وقصر المختارة.

وقالت مصادر قريبة من قصر بعبدا أن عون استاء من بيان السفارة الأميركية، فيما أفادت أوساط باسيل أنه أبدى امتعاضا من تحرك السفارة وأنه كان وراء ما أعلنه عون، قبل صدور البيان الذي جاء فيه أن “لبنان لا يخضع لإملاءات أحد ولا يؤثر عليه أحد”.

وأعرب البيان الذي صدر عن السفارة الأميركية في بيروت عن دعم واشنطن المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخل سياسي، متوقعا أن تتعامل السلطات اللبنانية مع هذا الأمر بطريقة تحقق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية.

وكانت مصادر لبنانية قد نقلت عن السفارة الأميركيّة في بيروت تأكيدها، أن السفارة ليست في وارد التعليق المباشر على حادثة قبرشمون وما تبعها، ما يعني أن تطوراً ما دفعها إلى تعديل رأيها وإصدار بيانها.

ورأت مصادر سياسية لبنانية أن البيان كان ضروريا لاظهار موقف يحمي جنبلاط ويدعم موقعه.

وعبرت مصادر من حزب الله عن غضبها من البيان الأميركي في بيروت واعتبرت من خلال صحيفة الأخبار القريبة من الحزب أن “البيان يشكل تدخلاً في الشأن اللبناني، وبطريقة غير معتادة، فالكل يعرف أن السفارة تعبّر عن موقفها من الشؤون اللبنانية خلف الأبواب المغلقة، أما إصدار بيان علني بذلك، فيشكل سابقة يفترض أن يتلقى الرد من وزارة الخارجية”.