Site icon IMLebanon

حوار بعبدا: خريطة طريق لإنقاذ الاقتصاد وتأمين الغطاء للقرارات الموجعة

صحيح ان الخرق الاسرائيلي للسيادة اللبنانية فرض نفسه بندا اول على طاولة الاهتمامات المحلية في الايام الماضية. الا ان الأولوية التي يوليها أهل الحكم لمواجهة هذا “الاعتداء”، دبلوماسيا وسياسيا وعسكريا، ليست في وارد إلهائهم عن متابعة الوضع الاقتصادي الدقيق الذي تعيشه البلاد، ولا أنْسَتهم “الأحكام” القاسية التي صدرت عن الوكالات الائتمانية، في حقّ واقعه الحالي، منذ ايام قليلة، مخفّضة تصنيفه الى CCC. وعليه، يستعد القصر الجمهوري في بعبدا لاستضافة طاولة حوار اقتصادي – مالي الاثنين المقبل، ستجمع ممثلين عن القوى السياسية والحزبية الممثلة في البرلمان للتباحث في أفكار للخروج من المستنقع القاتل الذي يتخبّط فيه الاقتصاد. الحوار يريده رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لرسم خريطة طريق واضحة المعالم، ستقود لبنان مجددا الى بر الامان المالي. وفي حين أعلن امس ان قد تكون هناك حاجة لاجراءات موجعة لكن لا بدّ منها، على غرار العلاج الصعب الذي يخضع له المريض لكن لا مفر منه ليستعيد صحّته، يبدو ان الطاولة العتيدة ستكون مهمتها تأمين الغطاء السياسي الواسع لهذه الخطوات، فلا تكون محط اعتراضات شعبية في المستقبل.

بحسب ما تقول مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، سيشهد القصر خلال المناقشات المنتظرة، عصفا فكريا قويا. فكل فريق مشارك ستتاح له فرصة طرح تصوره ونظرته لكيفية انقاذ الاقتصاد اللبناني، على ان ينتهي الحوار الى ورقة موحّدة. وفي السياق، سيحمل رئيس الجمهورية جملة خطوات سيقترحها هي “عصارة” مشاورات اجراها مع عدد من الخبراء ورجال الاختصاص في الايام الماضية.

وفي وقت تلفت الى ان هذه الخطوات وردت في معظمها في الورقة التي كان طرحها وزير الخارجية جبران باسيل ابان مناقشة موازنة 2019، تعدد منها الآتي: مكافحة التهرب الضريبي، تحسين الجباية، تحسين ادارة الدين العام لجهة تخفيض كلفته، اعادة النظر في القروض المدعومة والياتها، التركيز على زيادة الانتاج والتصدير والتخفيف من الاستيراد، مشروع قانون لاصلاح النظام الضريبي، مشروع قانون لاعادة النظرفي هيكلية الدولة بعد دراسة الحاجات واجراء مسح اداري فيتم الغاء مؤسسات ومجالس وصناديق وهيئات لا حاجة اليها لانها “تنفيعة” وهي كثيرة وترهق خزينة الدولة، تنظيم الاعفاءات والحوافز والرعاية المطلوبة للقطاعات الانتاجية لتنمية المناطق وزيادة الانتاج والتصدير، اجراء مسح شامل لاملاك الدولة، انشاء نظام نقل عام…

واذا كانت القوات لم تحسم بعد شكل مشاركتها في الحوار عبر رئيسها سمير جعجع او رئيس كتلتها النائب جورج عدوان او وزيرها غسان حاصباني، فإن تصوّرها لإنقاذ الوضع الاقتصادي-المالي بات معروفا، من مكافحة التهريب “الشرعي” و”غير الشرعي”، الى خصخصة قطاع الاتصالات والكهرباء الى تشكيل الهيئات الناظمة(…)

أما الرئيس نبيه بري، فتشكّل معالجةُ أزمة الكهرباء (سبب ثلث العجز في الموازنة)، واقرار موازنة 2020 في مواعيدها اضافة الى تنفيذ كل القوانين المعطلة، وإصدار مراسيمها التطبيقية، العمودَ الفقري لما هو في صدد طرحه على الطاولة.

كلامٌ كثير سيقال الاثنين، وورقةٌ جديدة ستبصر النور، لتضاف الى أوراق عديدة وملفّات وُضعت على مر السنوات الماضية، كان هدفها وقف النزف الاقتصادي ووضع قطار النهوض على السكة، لعلّ أبرزها خطة ماكينزي التي كلّفت الدولة الملايين! والسؤال الذي يفرض نفسه هو “هل ستجد الطروحات التي ستولد، طريقها الى التنفيذ العملي هذه المرة”؟ “ستاندرد اند بورز” أمهلت لبنان 6 أشهر لإظهار جديّته في إصلاح نفسه، والدول المانحة لن تساعد بيروت بناء على الاقوال “الجميلة” بل تنتظر منها أفعالا حقيقة. وهذا يعني انها، اذا رُميت الورقة المرتقبة في الادراج، كما سابقاتها، فإن لبنان سيكون يسير برجليه الى الهاوية.