Site icon IMLebanon

“يوروبوندز” لبنان يدخل “غينيس” بأسعار الفوائد

كتب خالد أبو شقرا في صحيفة “نداء الوطن”:

على أبواب موازنة 2020 عاد الحديث عن استدانة ملياري دولار من الاسواق العالمية من بوابة “اليوروبوندز”، ولو انكره المسؤولون. وإذا كانت الاستدانة حلّاً حاضراً دائماً لمشكلة التمويل، فإن ارتفاع كلفته بحسب التقارير العالمية، يعتبر معطى جديداً لم يكن في الحسبان. فإهمال الإصلاحات وتراجع التصنيفات لم يرفع كلفة الاقتراض فحسب، بل يعرّضها الى مزيد من الارتفاعات في المستقبل القريب.

يشير تقرير نشرته مجموعة “بلومبرغ” إلى ان لبنان يتحضر لاصدار سندات “يوروبوندز” بقيمة ملياري دولار، وبكلفة 14.7 في المئة لمدة 5 سنوات، وهو ما اعتبره التقرير أعلى معدل على الفوائد في التاريخ، إذ “ارتفع متوسط أسعار الفائدة على الأوراق المالية الموجودة في لبنان بأكثر من 500 نقطة أساس منذ شباط الماضي إلى 14.7 في المئة، مع قلق المستثمرين من تدهور الوضع المالي”. ويعتبر العائد على السندات بحسب احصاءات “بلومبرغ” هو الاعلى عالمياً، “و باستثناء البورصات وإعادة الهيكلة المتعثرة، باع عدد قليل فقط من الدول سندات الدولار القياسية بعائدات أعلى من 10 في المئة خلال القرن الحالي، ولم تتخط أي دولة نسبة الـ 13 في المئة. فقد أصدرت فنزويلا الأوراق المالية بنسبة 12.8 في المئة و 11.9 في المئة في الجزء الأول من العقد، وتعثرت في كل منهما في العام 2018. كما أصدرت إكوادور، الصفقة ذات العائد الأعلى هذا العام، بفائدة 10.75 في المئة مقابل 2.1 مليار دولار على الديون المستحقة في العام 2029”.

المخاطر

ارتفاع الفوائد على “اليوروبوندز” ليست دليل صحة، بل هي مؤشر على ارتفاع المخاطر. فأسعار السندات ترتبط بعلاقة عكسية مع معدل العائد، أي كلما انخفض السعر، يرتفع العائد، حيث يَنتظر حامل السند مردوداً مرتفعاً يغطي المخاطر. وهذا ما حدث مؤخراً حين ارتفعت قيمة العائد على الإستحقاق yield to maturity لـ سندات “اليوروبوندز”، بحدود 19 في المئة، على استحقاق العام 2021. وهذا ما أعاد تقرير بلومبرغ تأكيده حيث اعتبر “أن سندات لبنان من “اليوروبوندز” هي الأسوأ أداءً بعد الأرجنتين في الأسواق الناشئة لهذا العام، حيث خسرت 7.2٪ على أساس العائد الإجمالي”.

بالرغم من اعتبارها ديوناً سيادية تحمل مخاطر أقل بالنسبة الى المستثمرين، فان انعكاسها على اقتصاد مثل الاقتصاد اللبناني يعتبر خطيراً. “فهي تعني بدايةً، زيادة في الديون الخارجية، المقومة بالعملات الاجنبية. وهي تُطرح في ظل ما يمر به لبنان من عجز في ميزان المدفوعات والعجز عن تأمين مبالغ كافية من الدولار”، يقول الاستراتيجي بشؤون الاستثمار جهاد الحكيم ويضيف، أن “المشكلة تكمن في زيادة الديون في ظل عدم نمو الاقتصاد. فالدين لا يعتبر مشكلة بحد ذاته. إذ ان دين اليابان يبلغ 200 في المئة من حجم ناتجها المحلي، وهي تستطيع التعامل معه لان اقتصادها ينمو ودينها محلي. أما في لبنان فان الديون الخارجية تزيد والاقتصاد يتقلص”. انعدام الاصلاحات

يشير أحد المطلعين في القطاع المصرفي الى أن “انتقاد الفوائد المعمول بها في لبنان يجب أن ينطلق من مقارنتها أولاً المعدلات المعمول بها في دول محيطة، ظروفها تشبه لبنان مثل تركيا ومصر. وثانياً يجب الاخذ بالاعتبار المعدل العام للفوائد، فاذا اعتبرنا ان اصدار “اليوروبوندز” هو عمليات بفوائد مرتفعة، فهناك عمليات بفوائد أدنى، وبالتالي فان المعدل العام يتراوح بحدود 9 في المئة”. لكنه يستدرك أن “الفوائد المرتفعة على خطورتها تبقى مقبولة لفترة محددة، شرط ان تترافق مع اصلاحات جدية كما حدث في مصر، أما في ظل غياب الاصلاحات وعدم القدرة على تأمين ابسط المتطلبات مثل الكهرباء، فان الفوائد تصبح مضرة . كلام يؤكده حكيم، الذي يرى ان “الاصلاح يجب أن يبدأ من تحرير سعر صرف الليرة. فلا يجوز في ظل اقتصاد حر أن تبقى الليرة مثبتة الى ما لا نهاية، وذلك نظراً الى كلفة التثبيت المرتفعة التي يتكبدها مصرف لبنان. فالمفروض أن يكون النظام المعمول به هو استقرار لسعر صرف الليرة وليس تثبيتها، لكي نتمكن من خلق سوق للقطع”. بالاضافة الى كل ما تقدم يبرز السؤال عن السياسة الاستثمارية المتبعة التي ممكن ان تؤمن فوائد بقيمة 14.7 في المئة في اقتصاد منكمش معطل ولا ينمو. سؤال وإن كان الجواب عليه صعب، فانه يدل على استحالة الإستمرار في السير باجراءات غير مستدامة لفترات طويلة قبل أن تقع المصيبة.