Site icon IMLebanon

نداء طبيب من شحور الجنوبية… استهتار في موضوع “كورونا”!

تتكشّف الثغر في إجراءات الحجر المنزلي الهشّ، وفي غياب الرقابة الفاعلة مع القصص الخارجة إلى العلن لركاب أتوا من أماكن ينتشر فيها فيروس كورونا، وهم يقطنون اليوم في منازلهم ويختلطون مع أفراد العائلة، لا بل إن روايات تتحدث أيضاً عن عدم التزام بالبقاء في المنزل.

بلدة شحور في قضاء صور، هي واحدة من البلدات الجنوبية التي تعيش حالاً من البلبلة والارتباك بعد وصول 24 من أبنائها إليها، وكانوا في عداد ركاب الطائرة الإيرانية التي حطت في مطار رفيق الحريري الدولي في 24 شباط الفائت.

عدم التزام الواصلين بتدابير الحجر المنزلي، جعل الطبيب عصام الزين يرفع الصوت صوناً لصحة أهل بلدته.

ابن البلدة الذي يملك عيادة فيها، ينتقد “الإجراءات الهزيلة المتخذة”، ويقول إنه “رأى بأمّ العين زائراً عائداً من إيران يضع الكمامة ويعاني من عوارض إنفلونزا، دخل صيدلية ليبتاع أدوية، وعائداً آخر يقصد الحلاق لمدة نصف ساعة بينما كان هناك زبائن آخرون في صالون الحلاقة”، وفق روايته. هذا الأمر دفع الزين للتواصل مع الهيئات المحلية ومخفر بلدة جويا لاتخاذ إجراءات متشددة، ويروي أنه نجح بإلغاء ذكرى أسبوعين لمتوفيَين كان من المقرر أن تُقاما يوم غد، منعاً لإقامة تجمعات وتبادل السلام بين الحشود في البلدة.

وفي حين تلقى مبادرة الزين مباركة من سكان البلدة، كما يرى، فإن ثمة من هو ممتعض من رفع الصوت “تشويهاً لسمعة البلدة”. لكن الأمر لا يثني الطبيب عن إكمال ما يقوم به، والتعليق عبر صفحته على “فايسبوك”، أما التواصل مع وزارة الصحة فـ”ليس من مهمته بل من مهمة البلدية”، كما يقول.

في السياق نفسه، اتصلت “النهار” هاتفياً بمختار البلدة، وسام الزين، وهو صاحب حملة كان يصطحب نحو 70 شخصاً إلى إيران، عادوا جميعاً على متن الطائرة الإيرانية في الـ24 من الشهر الجاري.

حين تحدثنا إلى المختار كان واضحاً أنه يسعل، وأخبرنا أنه يعاني من “حساسية منذ 25 يوماً”. سمعنا أيضاً عبر الهاتف صوت طفل صغير إلى جانبه؛ وأخبرنا المختار أنه يعزل نفسه مع زوجته وابنه في منزله، وقد كانوا جميعاً في إيران. وأشار إلى أن أفراداً من البلدية والهيئة الصحية الإسلامية التابعة لـ”حزب الله” ووزارة الصحة،  يقومون بالإشراف على عملية الحجر. ونفى بشكل عام ما يثار حول خرق إجراءات الحجر المنزلي، مشيراً إلى أنه لا يخرج من منزله، وهناك من يوصل له البضائع والحاجيات اليومية، وكذلك نفى رواية الطبيب الزين.

ويتحدث المختار الزين عن إجراءات المطار، فيشير الى ركن الطائرة مدة نصف ساعة بعد وصولها وتخفيف التهوئة داخلها، “الأمر المضر صحياً لاسيما في حال وجود أشخاص يحملون الفيروس”، ويقول إنه تم أخذ حرارتهم وطرح أسئلة صحية عليهم، وأخذ بيانات منهم قبل أن يغادروا إلى منازلهم.

ويشير إلى إنشائه “غروب” على واتساب للتنسيق بين نحو 120 شخصاً من الزوار العائدين في البلدة والبلدات المجاورة، وقد أدخل مندوب وزارة الصحة إلى المجموعة ليبقى على علم بمجريات الأمور. وفي رأيه، “لا يمكن الحجر على كل الأشخاص العائدين من إيران نظراً لعددهم الكبير”، متسائلاً: “لماذا التركيز على طائرتين، وماذا عن الطائرات التي سبقتها ولحقت بها؟”.

شاهد عيان يفضّل عدم ذكر اسمه منعاً لإثارة النقمة ضده “ممن يريد التغطية على الأمور”، كما يقول، إذ “هناك للأسف أشخاص يتعاملون مع المسألة وكأنها تمسّ بسياسة أو حزب أو مجموعة، فيغضبون إن انتقد أحدهم خروقات إجراءات العزل”. ويشير الى توثيق حالتَي زائرَين خرجا من منزلهما على الأقل”. أما المختار فيرى أن الآتين من إيران “يخضعون لضغط اجتماعي داخل القرى، فلا يجرؤ كثيرون على الخروج من المنازل”. لكن هذه المعادلة تبقى غير مقنعة طالما أن الوزارة لم تكن الممسك الأساسي بالتدابير  بطريقة علمية شفافة، وطالما أن إجراءات منع وصول الرحلات من الأماكن التي ينتشر فيها الفيروس لم تُتخذ حتى انتهاء الأزمة.

يُذكر أن راكبة عائدة على متن إحدى الطائرات الإيطالية كانت عبّرت بالأمس لـ”النهار” عن انتقادها الإجراءات المتخذة وجهلها بإجراءات الحجر المنزلي، وقالت رولا خوري: “خوفاً على عائلتي، حرصتُ على عدم الاقتراب منهم لدى عودتي، وأحضرت السائل المعقم لغسل كافة أغراضي. أعيش يومياً حالة من القلق الشديد لخوفي على المحيطين ولشعوري بأني أجهل إجراءات الوقاية الصحيحة. كما أني أحرص على الابتعاد عنهم إلى حد كاف، لكني أشعر بقلق دائم. حتى أني فضّلت عدم التوجه إلى مكان العمل خوفاً من نقل العدوى إلى الآخرين”. تتابع خوري: “أجهل كيفية التصرف فعلياً وكنت أتمنى لو أنه كان هناك المزيد من التعليمات والتوجيهات لتزويدنا بها لنعرف كيفية التصرف لمنع انتقال العدوى إلى الآخرين. فهل العزل يعني الإقامة في منزل آخر بعيداً عن أفراد العائلة أيضاً؟ وما الإجراءات التي يجب اتخاذها لحماية الأطفال وأفراد العائلة، خصوصاً أنّ ثمة تفاصيل كثيرة تؤثر إلى حد كبير ولا يمكن التهاون فيها لأن الفيروس سهل الانتشار”.

وانتقد الدكتور رياض فضل الله، مستشار وزير الصحة الذي كان على متن الطائرة الإيرانية، إجراءات الحجر المنزلي المتبعة، قائلاً لـ”النهار”: “أنا في حجر منزلي بعيداً من عائلتي، لكن ماذا عن باقي الركاب؟”. سؤال نضعه في عهدة وزارة الصحة وجميع المعنيين. فهل مَن يسمع ويشعر بمخاوف شعبه وهو يراقب عدّاد كورونا الشغّال؟”.

 

صحيفة “النهار”