Site icon IMLebanon

مشروع “عفو خاص” لإطلاق مئات السجناء في لبنان

كتب يوسف دياب في صحيفة الشرق الأوسط:

دخلت الدولة اللبنانية في سباق مع الوقت لتخفيف الاكتظاظ داخل السجون وإخراج أكبر عدد من نزلائها، خوفاً من وصول وباء «كورونا» إليها والفتك بهم، واستكملت وزيرة العدل ماري كلود نجم قرارات إخلاء السبيل الصادرة عن قضاة التحقيق والمحاكم وشملت عشرات الموقوفين في الأيام الماضية، بمشروع عفو خاص بدأت بإعداده مع فريق عملها ويشمل مئات المحكومين الذين شارفت مدّة محكوميتهم على الانتهاء، إلا إن هذا الأمر لاقى اعتراض البعض، الذين ذكّروا بأن الحلّ الأمثل لأزمة السجون لا يتحقق إلا بقانون العفو العام.

وأعلنت الوزيرة نجم أن «العمل جارٍ على تكوين ملفات المحكومين الذين قد يشملهم مشروع العفو الخاص في حال إقراره». وكشفت عن «تنسيق قائم مع مديرية السجون في قوى الأمن الداخلي، لتكوين الملفات التي ستتضمن إفادات السلوك وخلاصات الأحكام، ليصار بعدها إلى إحالتها إلى لجنة العفو الخاص، ثم النيابة العامة التمييزية، قبل أن يوقع المرسوم رئيس الجمهورية ميشال عون ويصبح نافذاً». وأكدت وزيرة العدل أنها عرضت مشروع العفو الخاص على الرئيس عون في إطار الخطوات التي تهدف إلى معالجة الاكتظاظ في السجون لا سيما بعد انتشار فيروس «كورونا». وأوضحت أن رفع «أعداد المخلى سبيلهم، في حال أبصر المشروع النور، سيكون تدريجياً؛ بدءاً من الذي تبقى من محكوميته شهر، ثم شهران، إلى 4 و5 و6 أشهر، وقد نذهب لاحقاً إلى أبعد من ذلك بعد التشاور مع رئيس الجمهورية».

ويتزامن مشروع العفو الخاص مع قرارات إخلاء سبيل عشرات الموقوفين التي يتخذها يومياً قضاة تحقيق ومحاكم في جميع قصور العدل، وأوضح مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن المشروع «يستند إلى معايير موضوعية، تنطلق من حتمية تخفيف الاكتظاظ في السجون، ومراعاة الجانب الإنساني والاجتماعي لمئات السجناء، وهو لا يحتاج لتقديم طلب من المحكوم عليه أو موافقته المسبقة». واعترف المصدر بأن «هذا التدبير استثنائي في ظرف استثنائي، ويراعي أوضاع السجناء المحكومين على قدم المساواة». وقال: «بعد صدور قرارات إخلاء سبيل الموقوفين بشكل متلاحق، بقي المحكومون غير مستفيدين من الإجراءات الاستثنائية، من هنا أتت مبادرة وزيرة العدل لإنصاف أكبر عدد من السجناء». وشدد المصدر القضائي على أن «أهم معايير العفو الخاص، هو أنه يشمل من صدرت بحقهم أحكام مبرمة، والذين قضوا الفترة الأطول من محكوميتهم بالسجن، ومن أصحاب السلوك الحسن، الذين لم يبق على انتهاء سجنهم سوى مهلة تتراوح بين شهر و6 أشهر، كما تشترط المادة 156 من قانون العقوبات، أنه إذا عاد المعفى عنه وارتكب جريمة خلال المهلة التي أعفي فيها، يسقط العفو عنه فوراً ويعود لإكمال مدة عقوبته، عدا عقوبة الجرم الجديد الذي ارتكبه».

وتلجأ السلطة القضائية في لبنان، إلى تسريع وتيرة التحقيق مع الموقوفين وبدأت باعتماد آلية الاستجواب الإلكتروني، بسبب صعوبة نقل الموقوف إلى المحكمة، وطلب النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات من القضاة، عدم اللجوء إلى التوقيف إلا عند الضرورة القصوى. وشدد المصدر القضائي على أن «هذه التدابير استثنائية، لأنها تشكل تجاوزاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية، الذي يفرض مثول الموقوف أمام قاضي التحقيق والتثبت من أنه يدلي بإفادته من دون ضغط أو إكراه».

وعن الأسباب التي دفعت بوزيرة العدل إلى البحث عن عفو خاص، بدلاً من مشروع قانون العفو العام العالق في أدراج مجلس الوزراء، ذكّر المصدر القضائي بأن «العفو الخاص ليس بديلاً عن العفو العام، لكن الأخير غير متاح تحقيقه الآن».

ويبدو أن الإجراءات الاستثنائية لا تطمئن أغلب السجناء، خصوصاً الموقوفين الإسلاميين؛ إذ عدّ المحامي فواز زكريا أن الحلول الجزئية لا تحل مشكلة السجون، وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «العفو العام يبقى الحلّ الأمثل في الظروف الصحية التي يمر بها لبنان، وهو أهم من أي إجراء آخر». وقال المحامي زكريا، وهو وكيل عدد كبير من الموقوفين الإسلاميين: «العفو العام بات حاجة وطنية ملحّة، بغض النظر عن المعطيات الطائفية والاعتبارات المذهبية التي تتجاذب هذا القانون».