Site icon IMLebanon

لبنان “يستنجد” بمجموعة الدعم الدولية لمواجهة “كورونا” والانهيار

ليست المرة الأولى، يعاني لبنان مَظاهرَ «انفصامٍ» غالباً ما كان وقْعُه الخارجي صاعقاً، ولكن ارتسامَ عوارضه مجدداً في غمرة خطرٍ يهدّد البشرية برمّتها وعنوانه فيروس كورونا المستجد، طَرَحَ علامات استفهامٍ حول مدى إدراكِ السلطة لحجم الكارثة التي يمكن أن تصيبَ البلادَ، بعدما استعادت الصراعاتُ السياسية بين رعاة الحكومة ومع خصومها وهْجَها.

ولم يكن عابراً أن تسير محاولات لبنان تفادي الأسوأ بملاقاة التَمدُّد الداخلي للفيروس «المُرْعِب» الذي «يفترس» الكرة الأرضية ويُسْقِطُ «الدفاعات الصحية» لدولٍ كبرى، جنباً إلى جنب مع ملفاتٍ محلية لطالما انزلقتْ إلى زواريب السياسة ومحاصصاتها فكيف في مرحلةٍ تحمل مؤشراتِ «وجهٍ جديد»، مالياً ونقدياً واقتصادياً، للبنان ما بعد «كوفيد – 19» الذي صبّ الزيت على نار الانهيار المالي.

واستوقفتْ أوساطاً سياسية في هذا الإطار، ملامح انتقال لبنان إلى أعلى درجات التأهّب على جبهة «كورونا» عشية انطلاق مسار العودة المُمَرْحَلةِ للراغبين من الخارج والذي يشكّل امتحاناً لمدى جدية الضوابط التي وضعتْها الحكومةُ لـ«عودةٍ آمنة» لا تتحوّل «لغماً» ينفجر في الداخل الذي يُصارِع أصلاً لتأخير مرحلة الذروة بانتشار الفيروس.
وفي حين تُدشَّن رحلات العودة اليوم (عبر شركة «ميدل ايست») بأربع طائرات من الرياض ثم أبوظبي فلاغوس وبعدها ابيدجان، بدا جلياً تَهَيُّب هذه العملية التي كان مقرَّراً أن تشتمل على مرحلتيْن (الأولى بين 5 و12 الحالي والثانية بين 27 نيسان و4 أيار) وبات مصير الثانية يرتبط بحجم الإصابات التي ستظْهر في صفوف الدفعة الأولى من العائدين وإمكان استيعاب النظام الصحي أعداد إضافية فيما عدّاد حالات الداخل يمْضي بالارتفاع رغم شحّ الفحوص اليومية التي تُجرى (بين 300 و 500) حيث سجّل أمس زيادة بـ12 إصابة رسا معها الرقم الإجمالي على 520 مع 17 وفاة.

وحرص رئيس الحكومة حسان دياب أمس، على تذكير وزارة الخارجية بالآلية التي ستُعتمد لعودة المنتشرين بعدما عُدّلت لتتلاءم مع رفْض الدول التي سيعود منها لبنانيون أن تقوم فرق طبية لبنانية بإخضاع الركاب لفحوص في مطاراتها لغرْبلة المصابين من غير حاملي الفيروس، علماً أن هذه الإجراءات التي تبدأ من مكان إقلاع الطائرات وصولاً إلى مطار رفيق الحريري الدولي وما بعد إجراء اختبارات الـPCR في لبنان، تشمل تحديد الأولوية الصحية والعُمرية والاجتماعية، وإخضاع الركاب من الفريق الطبي والتمريضي الذي يرافق كل طائرة لمعاينة «تأكيدية» (فحص حرارة – أعراض تنفسية…) على متنها، وتوزيع المسافرين على الطائرة بما يراعي المسافة الآمنة ووضع الأقنعة والقفازات، وإخضاع الركاب فور وصولهم الى بيروت لفحوص PCR قبل نقْلهم لأماكن الحجر المخصصة من وزارة الصحة لحين صدور النتائج.

وإذ كانت الأسعار المرتفعة جداً لبطاقات رحلات العودة مثار انتقاداتٍ رغم أنها عُزيت إلى أن الطائرات تغادر بيروت فارغة من الركاب وتعود الى بيروت بنصف عدد المقاعد، لم يتوانَ رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل عن إعلان «أنا غير مطْمئنّ وأنبّه أي لبناني، ألا يصعد الى أي طائرة اذا لم يكن متأكّداً أن لا مصابين فيها، وأحمّل الحكومة مسؤولية أي خلط بين الركّاب من دون معرفتهم المسبقة»، بالتوازي مع كلامه عن أن لبنان «يعيش نكبة لأن هناك تراكم أزمات كبيرة من الوضع الاقتصادي المالي الصعب (…) والآن زاد عليه كورونا».

وعلى وقع الأسبوعين المخيفين «كورونياً» واللذين يترافقان مع خشية متصاعدة من تداعياتٍ اجتماعية مأسوية للشلل الاقتصادي الذي عمّقه «كوفيد – 19» والانهيار المالي الذي لم يتلمّس لبنان بعد طريقَه للخروج منه، برزت دعوة الرئيس ميشال عون، أعضاء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان لاجتماع الاثنين في قصر بعبدا، بحضور دياب ووزراء لاطلاع أعضاء المجموعة على الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية والصحية وانعكاسات أزمة كورونا، وما يمكن أن تقوم به المجموعة لمساعدة لبنان في هذه الظروف الصعبة.

وفيما ترافق كشفُ هذه الدعوة مع وضْعِ باسيل على الطاولة بقوة ملف اللجوء إلى صندوق النقد الدولي مطالباً بالتفاوض الجدي معه «حول برنامج تمويل للبنان» من ضمن خطة النهوض الاقتصادي – المالي «وأنا معه اذا ناسبتْنا الشروط وطبعاً اذا لم يكن هناك شروط سياسية مضرّة (…) فالمكان الذي ستأتي منه الأموال من الخارج (Fresh money) هو صندوق النقد فلماذا المكابرة والانتظار»؟ لم تسترح السياسة في «زمن كورونا» وسط تظهير رئيس «التيار الحر» الصراعات بين مكوّنات الحكومة ومع خصومها وخصوصاً حول التعيينات التي جُمِّدت، وسط غمْزٍ لافت من قناة رئيس البرلمان نبيه بري وزعيم «المردة» سليمان فرنجية و«تَقاطُعهما» مع الرئيس سعد الحريري.

وإذ كان بارزاً في سياق متصل اتهام «حزب الله» بلسان نائبه حسن فضل الله واشنطن بـ«التدخل السافر» والضغط لتسمية مرشحها لأحد نواب حاكم مصرف لبنان، ما ظهّر البُعد الخارجي المتصل بمجمل الوضع المالي – المصرفي وارتباطه بالعقوبات على الحزب، دَخَلت البلاد مرحلة رصْدٍ لترجمات ومفاعيل التعميمين اللذين أصدرهما حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول السحوبات النقدية (بالدولار والليرة) من الحسابات الصغيرة وإنشاء وحدة جديدة تتولّى التداول بالعملات الأجنبية النقدية ولا سيما بالدولار «وفق سعر السوق».