Site icon IMLebanon

26 مليون دولار شهريّاً.. هذا ما يحتاجه اللبنانيون لكي لا يقتلهم الفقر!

كتب الدكتور زكريا حمودا في صحيفة “الجمهورية”:

قد يكون فيروس كورونا قاتلاً، ولكن الأكثر خطورة في لبنان اليوم هو الفقر والجوع الذي يأتي بعد عدة أشهر من تسكير البلد وانخفاض القدرة الشرائية لدى المواطن اللبناني، بعدما نالت الأزمة المالية من الكثير من العائلات اللبنانية. أمام هَول ما يحصل أتت كورونا لتضرب الوطن منذ 21 شباط، ومنذ 15 آذار تمّ إعلان التعبئة العامة، وهنا بدأت الأزمة.

منذ بداية التعبئة العامة حتى اليوم، لم تستطع الحكومة إطلاق خطة سريعة لإغاثة العائلات الأكثر فقراً، فظهر جلياً خرق هذه التعبئة بالتزامن مع نظام استشفائي غير متوازن ولن يستطيع تلبية الإنفجار الصحي حال حصوله. إنطلاقاً منه، نقدّم الدراسة التالية التي كان يجب تطبيقها منذ بداية الأزمة لإنقاذ ما تبقى من الوطن قبل أن تَنهش كورونا الوطن والمواطن.

خطة شهرية إنقاذية

تعتمد السلطة اليوم على عديد من الموظفين العامّين وأجهزة أمنية ووظائف مختلفة تصل إلى 300 ألف شخص، بحيث يصل عديد الأجهزة الأمنية إلى قرابة الـ120 ألف، وهم موزعون على مختلف المحافظات الـ8 أو الأقضية الـ25.

1 – فريق العمل

وإذا اعتمدنا على الأقضية بهدف تضييق الدائرة، واعتمدنا على الأجهزة الأمنية وبعض الموظفين من الإدارات العامة في الأقضية والمحافظات، يتم توزيعهم بناء لموقع سكنهم والحجم السكاني لكل قضاء، نكون أمام فريق عمل متكامل بإدارة الجيش اللبناني وتُحدد آلية عمله بناء لخطة نستعرضها تباعاً.

2 – تحديد العائلات التي تحتاج مساعدة

بالنسبة للعائلات الأكثر فقراً، إنّ التخبّط كان حتى اليوم بعدم إقرار خطة واضحة لجمع الأسماء، فتارة يتم اقتراح نموذج للبلديات وطوراً من خلال وزارة الشؤون الإجتماعية التي تمتلك داتا بـ44 ألف عائلة. أمّا بالنسبة للبلديات وتسجيل الأسماء، فهذا خرق للتعبئة العامة وباب نحو نشر كورونا بشكل واسع خاصة بين العائلات الأكثر فقراً والبلديات، لذلك نقترح في الرسم التوضيحي رقم 1 هيكلية جمع الأسماء بدون نشر كورونا عبر الأوراق:

بكل بساطة ومن خلال موقع إلكتروني بسيط وخلال 72 ساعة، يمكننا تجميع الطلبات لفرزها نحو الخلايا في الأقضية، ليتم إلغاء من لا يستحق المساعدة ضمن معايير محددة أهمها شَطب جميع موظفي القطاع العام من هذه اللوائح ومن تحدده اللجان اللامركزية بإدارة الجيش اللبناني. من خلال هذه الآلية نلغي عملية تناقل كورونا من خلال الأوراق، ونضمن تسجيل جميع البيانات بالتفصيل.

3 – التكلفة المالية:

كثر الحديث عن التكلفة المالية ونوع المساعدات للعائلات الأكثر فقراً، إنطلاقاً منه واعتماداً على أرقام وزارة الشؤون الإجتماعية مضروبة بإثنين ونيِّف، وسنفترض وجود 100 ألف عائلة محتاجة للمساعدة، واعتماد معيار حصة غذائية ومبلغ مالي رمزي يقدّر بـ300 ألف لكل عائلة، فستكون التكلفة كما يُظهر الرسم التوضيحي رقم 2:

تكلفة قرابة 26 مليون دولار شهرياً من أجل العائلات الأكثر فقراً هو رقم زهيد في دولة تدفع 5.4 مليارات دولار على 300 ألف موظف مستوى إنتاجيتهم متدن ويسود جزء منه الفساد، وكذلك 5.4 مليارات دولار خدمة لدين عام تراكم بسبب سياسات مليئة بالفساد.

وقد يجد البعض أننا أمام رقم زهيد، ويقول الآخر من الطبقة السياسية اننا كنّا نستطيع أن نطعم جميع هؤلاء على مدى سنوات، لكنّ حقيقة الأمر أنّ هذا الأمر لا يسوده الفساد، ورائحته نظيفة لا تلزيمات فيها، بل يعتمد على تعزيز إنتاجية القطاع العام لخدمة الوطن، ومحاربة الفقر قبل أن يقتل هذا الفقر العائلات الأكثر فقراً إذا لم يصبها كورونا.

ختاماً، إذا ما انتشر فايروس كورونا بين العائلات الأكثر فقراً، فستكون التكلفة عظيمة جداً، إذ ستنتشر الجثث على الطرقات، وسينهار النظام الصحي في لبنان، وتكون التكلفة ما لا يُحمد عقباه، لنتحوّل كما يدّعي البعض حالياً، مِن مثال تتحدث عنه الدول بالنسبة للإجراءات، إلى مثال حزين تتداوله وكالات الصحافة والإعلام العالمية، كتلك المشاهد التي تم تداولها عن غرق الوطن بالنفايات في وقت سابق.