Site icon IMLebanon

هل ينجح “المركزي” باستراتيجية “الدولار المدعوم” لمواد أساسية؟

تدْخل بيروت عطلةَ عيد الفطر السعيد «قلْباً» يرتجف مع الوثبةِ الصادمةِ في عدّاد «كورونا»، و«عيْناً» شاخصةً على آخِر محاولاتِ لجْم الانهيارِ المريعِ لليرة أمام الدولار «وحش» التضخم وفلتان الأسعار، بانتظار اتضاح الخيْط الأبيض من الأسْود في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

وساهم تَراجُع عدد الإصابات اليومية أمس إلى 11 إصابة بعدما كان سجّل الخميس والجمعة على التوالي 63 و62 حالة، في تهدئةٍ نسبيةٍ للذعر الذي سبّبته «الأرقام الصاعقة» التي ارتفع معها إجمالي الإصابات إلى 1097 وسط خشية من أن تساهم فترة العيد بتوسيع رقعة «الغزوة» الكورونية التي جاءت حصيلة الـ 125 حالة في يوميْن قياسيةً منذ رصْد أوّل إصابة في 21 فبراير الماضي.

وفيما شكّل توزُّع الإصابات الـ 11 أمس بين 5 مقيمين (كلهم من المخالطين) و6 وافدين عاملاً مُساعِداً على تدعيم هذا المنطق الذي يجري الارتكاز عليه لتفادي العودة إلى خيار القفل التام للبلاد في ظل الوضع الاقتصادي المأسوي، برزت تحذيراتٌ من أن أي خطأ يسمح بـ «فقدان أثر» حالة أو أكثر من مقيمين او وافدين يمكن أن يضع لبنان في «فوهة» تسونامي كوروني جارف يتداعى أمامه النظام الصحي، ولا سيما أن ثمة فترة حساسة تمتد لـ 14 يومياً بعد انتهاء رحلات الإجلاء يفترض أن تتظهّر بعدها الصورة في ما خص «اتجاهات ريح» الفيروس الذي يحمل على متن رحلات العودة أرقاماً مخيفة بينها 25 حالة بين ركاب طائرة (للميدل ايست) حطت في بيروت يوم الثلاثاء آتية من الكويت.

وتوقّفت أوساط مراقبة عند كلام وزير الصحة حمد حسن قبل يومين عن أنه «إذا شعرنا أننا فقدنا السيطرة، نصدر قراراً سريعاً بإقفال البلد مثلما حصل الأسبوع الماضي»، موضحاً «أننا اعتمدنا على الـ Soft Herd Immunity اي مناعة القطيع الناعمة والتعبئة العامة مع خطة لفتح البلاد تدريجاً مقسمةً على مراحل»، ومشدداً على «إلزامية وضع الكمامات في المرحلة المُقبلة» وأن «الحجر الإلزامي لم يعد وجهة نظر، بل ستكون عليه ضوابط وغرامات (…)».

ولم يحجب الهمّ الصحي الاهتمامَ بتطور مصرفي – نقدي – اقتصادي وُضع «على الرادار» ويسود ترقب كبير لمآلاته بعد العيد ويتمثّل في سريان قرار دعم عمليات استيراد المواد الغذائية والمواد الاولية للصناعة الغذائية ابتداءً من الخميس المقبل بموجب التعميم الذي صدر عن مصرف لبنان والذي يتوقّع أن يُترجم بتوفير دولارات بسعر 3200 ليرة لوقف ارتفاع اسعار السلع الغذائية المُصنّفة أساسية (وهي الدولارات المتوافرة من التحويلات من الخارج عبر شركات تحويل الأموال والتي يتم دفعها لأصحابها بالليرة)، وذلك بالتوازي مع تدخل «المركزي» في سوق الصيرفة لفرْملة تآكُل الليرة.

وفي حين يسود انطباعٌ في أوساط معنية بأن من الصعوبة بمكان تَصوُّر أن يغامر «المركزي» بالتخلي عما تبقّى من احتياطاته بالدولار (نحو 21 مليار دولار) وضخّ جزء منها في السوق لضبْط سعر الصرف في ظلّ استحالة قدرته على ملاقاة حجم الطلب الكبير على العملة الخضراء، فإن جانباً أساسياً من السلوك الجديد للمركزي استقطب الأنظار ويتمثّل في أنه ارتكز على ما يشبه «تعايُش الضرورة» الذي اتضح عدم وجود إمكانية للخروج منه في الفترة الراهنة بين رئيس الحكومة حسان دياب وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي كان اتهمه الأول بـ «أداء مريب».

وجاء سكْب المياه الباردة على علاقة دياب – سلامة ليُلاقي مساراً تطبيعياً موازياً على خط الحكومة وجمعية المصارف، وهو ما انعكس إيجابياً ولو في الشكل على جولات التفاوض المستمرة بين لبنان وصندوق النقد بعد التناقضات الكبيرة التي جرى تظهيرها في انطلاقة المفاوضات داخل «الجبهة اللبنانية» وتحديداً حيال منهجية احتساب الخسائر المالية لدرجة أن الـ IMF بدا وسيطاً بين ممثلي الحكومة والقطاع المصرفي الذي لم يتوانَ في الساعات الماضية عن تقديم خطته للإنقاذ التي تركّز على على إعادة توزيع الخسائر بشكل عادل، بحيث لا تأتي النتائج مدمّرة للقطاع المالي والمصرفي كما للمودعين، وهو ما اختصره رئيس جمعية المصارف سليم صفير الذي نُقل عنه قوله في البرلمان قبل ايام «الخطة الحكومية تهدف الى القضاء على الدين من خلال القضاء على الدائنين».

وإذ يشكّل التفاهم الذي حصل بين رئيس البرلمان نبيه بري و«التيار الوطني الحر» على اقتراح قانون «الكابيتال كونترول» لضبط تحويل الأموال الى الخارج عنصراً إيجابياً إضافياً، فإن رصْداً يسود لما إذا كان التصويب العنيف من بري أول من أمس، على التيار ضمناً سيترك تداعيات على هذا الملف كما على مجريات الجلسة التشريعية لمجلس النواب بعد العيد، ولا سيما أن بري رفع السقف بكلامه عن «الأصوات النشاز التي بدأت تعلو في لبنان منادية بالفيديرالية، كحل للأزمات التي يئن تحت وطأتها لبنان واللبنانيون»، مؤكداً أنّ «لا الجوع ولا أي عنوان آخر يمكن أن يجعلنا نستسلم لمشيئة المشاريع الصهيونية الهدامة»، مؤكداً ضرورة «تحرير قطاع الكهرباء من عقلية المحاصصة المذهبية والطائفية والمناطقية والفيديرالية والكونفيديرالية».