Site icon IMLebanon

ساشا دحدوح: نحن شعب لا ينكسر…

كتبت ريتا ابراهيم فريد في “نداء الوطن”:

“خايفة بكرا قوم ولاقي برادي فاضي، وما أقدر طعمي بناتي”. بهذه الكلمات المؤثّرة، أطلقت الإعلامية ساشا دحدوح صرخة ارتجّت على وقعها قلوب ملايين المشاهدين، خلال المقدّمة التي ألقتها منذ أسابيع قليلة في البرنامج الصباحي الذي تشارك في تقديمه على قناة “الجديد”، حيث لا يزال الفيديو يلاقي انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي. ساشا بكت وأبكتنا معها. كما أنّ الغصّة التي استوقفتها أكثر من مرة، ترجمت هموم كل مواطن كادح، وخوف كلّ أمّ على أطفالها من الغد، وقلق كل أسرة من مستقبل ضائع قد يحمل ذاكرة مأسوية في ظلّ الوضع الصعب الذي نمرّ به. “نداء الوطن” تواصلت مع الإعلامية والممثلة ساشا دحدوح، فكان هذا الحوار النابع من القلب ومن شعور وطنيّ صادق وأمل قريب، على الرغم من كل اليأس.

هل كانت المقدمة النارية التي ألقيتِها في برنامج “صباح اليوم” إرتجالية أم قمتِ بتحضيرها مسبقاً؟

بصراحة كان هناك قسم من هذه المقدمة إرتجالياً، لكن بالطبع قمت بتحضيرها مسبقاً. فأنا شخص عاطفيّ جداً وبشكل خاص في الأمور التي تتعلّق بحياتي الخاصة، حيث أني قد ذكرتُ أطفالي في معرض الحديث. فارتأيت أنه لا بدّ من تحضير المقدمة مسبقاً كي لا أنجرف مع أحاسيسي، علماً أنني عبّرتُ في تلك المقدمة عن إحساسي كما هو. وعندما حان وقت الهواء، حاولتُ أن أضبط نفسي، فأنا شخص صلب من الخارج ومن الصعب جداً أن أبكي أمام الناس، لكنّ الوضع بالفعل كان مبكياً. وعندما ذكرتُ أطفالي لم أتمالك نفسي، فهذا هو الهمّ الأوّل الذي يرافقني يومياً، وعلى الرغم من ذلك حاولت أن أحافظ على قوتي لأنّنا شعب لا ينكسر، وأنا لا أريد أن أبكي على الهواء أمام من هم السبب في ما وصلنا إليه اليوم. أردتُ أن أعبّر عن الهمّ الذي يعيشه كلّ شخص منّا، وبالفعل ما قلته كان تعبيراً عن الخوف من الغد ومما يمكن أن يحدث. أقول بكل صدق أنّ ما عبّرتُ عنه كان نابعاً من القلب ولم أكن أمثّل، علماً أنني بارعة في مهنة التمثيل، ولكن ما قلته يومها كان حقيقياً وصادقاً ولذلك صدّقه الناس لأنه لمسهم في الصميم، فالمُشاهد قادر على التمييز بين الصدق وبين التمثيل والتصنّع.

كيف تردّين على الذين اعتبروا أنّك تمثّلين بهدف إحداث ضجة؟

لن أردّ عليهم. لأنّهم بتفكيرهم الرجعي يتحمّلون مسؤولية ما وصلنا إليه اليوم في هذا البلد حيث بتنا عاجزين عن التقدّم الى الأمام. في المقابل غالبية الناس تعاطفت معي وقالوا لي إنني تحدّثتُ بلغتهم وعبّرت عن أفكارهم وهمّهم ومخاوفهم. علماً أنني لم أكن أقصد أن أبكي المشاهدين، فأنا مثلهم تأثرتُ بما كتبته لأنه يمسّني. فمشهد الولد الذي يقف أمام ثلاجة فارغة هو مشهد قاس جداً لا يمكن احتماله. وأهلي الذين عايشوا الحرب أخبروني أنهم لم يجوعوا حتى في أصعب الظروف، فالى أين وصلنا نحن اليوم؟

هل تفكّرين بالهجرة أو على الأقلّ إرسال أولادك الى الخارج؟

في السابق كنت أرفض هذه الفكرة بشكل قاطع، وكنتُ أعتبر أنّ بلدي أهمّ من كل البلدان. وكنت عندما أسافر بداعي العمل، أنتظر بفارغ الصبر أن أعود الى وطني كي أستمتع برائحة القهوة في المطار، حيث أني كنتُ أشعر بانتماء عميق الى هذا الوطن. أنا لا أنكر أنّ انتمائي الوطني لا يزال موجوداً، لكن الخوف بدأ يسيطر أكثر، ومن حقّي أن أخاف، فأنا شخص لديه عائلة وأخاف على مستقبل أولادي. في هذا البلد لم يعد بإمكاننا أن نخطّط لمستقبلنا ولمستقبل أولادنا. اليوم نعم أنا أفكّر في الهجرة، لكن إذا تحسّن الوضع في لبنان، أؤكّد لك أنه لا يمكن أن أهاجر. فالغربة صعبة والوحدة بشعة، ومن الصعب جداً الابتعاد عن أهلنا وناسنا. لكن في المقابل أيضاً لا بدّ من التضحية في سبيل مستقبل أكثر أماناً لأطفالي.

برأيك هل لا يزال هناك أمل في لبنان أم أننا دخلنا في مرحلة اليأس؟

نعم دخلنا بقوّة في مرحلة اليأس. فنحن أشخاص لا نزال في عملنا ونعتبر من الفئة المنتجة ونشعر باليأس، فكيف بالحري الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم وقدرتهم على إعالة عائلاتهم؟ كيف يشعر هؤلاء؟ اليوم إذا سألني أحد “كيف حالك؟” يمكنه بسهولة أن يرى الدمعة في عيني. لكن أجمل ما في الشعب اللبناني أنه يفكّر بغيره والدليل على ذلك هو المبادرات الفردية التي نشهدها اليوم في هذه الظروف الصعبة. نخوة اللبناني هي التي أبقته حتى الآن صامداً في هذا البلد. نحن فقدنا الاستقرار والأمان وهذا الأمر صعب جداً.

هل أنتِ اليوم مع قيام ثورة تحمل زخم 17 تشرين؟ وهل ستشاركين في حال حصولها؟

حتماً سيأتي الوقت الذي سيثور فيه الشعب اللبناني. أنا من الأشخاص الذين شاركوا في بداية الثورة لأنّني كنتُ مؤمنة بأننا كنا صوتاً واحداً. لكن اختلفت الأمور في ما بعد. وأعتقد أننا سنصل قريباً الى مرحلة ينتفض فيها اللبنانيون بحقّ وقوة. أنظري اليوم الى وجوه الناس، لن تري سوى الحزن للأسف. وبالتالي لن يكون هناك حل إلا بالثورة. وإذا كنا يداً واحدة من دون تسييس مع شعار وطني بحت، بالطبع سأشارك وسأرفع العلم اللبناني.

نرى اليوم انقساماً في المجتمع اللبناني بين الذين يعانون من الفقر المدقع، وبين الذين يتابعون حياة اللهو والسهر بشكل طبيعي. البعض ينتقد الشريحة الثانية طالباً منها أن تشعر مع غيرها، والبعض الآخر يعتبر أنّ السهر والخروج والتمتّع بالحياة ينعش الاقتصاد. ما رأيك بهذا الموضوع؟

أعتبر هذا القرار شخصياً. فإذا كنت أمرّ بظروف صعبة، هذا لا يعني أنه عليّ أن أنهي حياتي وأن أبقى في منزلي وأبكي على الاطلال، إنّما علينا أن نتعايش مع الوضع الراهن وأن نحاول أن نبقى على قيد الحياة، وأن نعيش كل يوم بيومه ونفرح قليلاً. لا يمكن أن نعيش على حبوب الأعصاب، فقد نصل الى الانتحار. ونحن قد دخلنا في مرحلة لم نعد نعرف فيها معنى السعادة في حياتنا. وبالتالي لا بدّ من أن نخرج ونموّه عن أنفسنا لنتمكّن من الإستمرار.

هل من الممكن أن تعملي بنصيحة السيد نصرالله وتتجهي نحو الزراعة؟

لقد لجأت الناس الى الزراعة منذ وقت سابق، وبدأوا يأكلون من منتجاتهم. وأعتقد أننا سنصل الى هذه المرحلة، حيث نعود الى الأرض. وبالتالي فالزراعة قد تكون الحلّ الوحيد المتبقي لنا.

بعض السياسيين طلبوا من الإعلام أن يكون إيجابياً وأن يعكس صورة جميلة عن لبنان بهدف استقطاب السياح وإنعاش الاقتصاد. ما رأيك بذلك؟

أنا بطبعي إيجابية. وأؤمن بأنّ الأيام المقبلة ستكون أفضل على الرغم من اليأس الذي نعيشه. لا بدّ أن نحاول عبر الإعلام أن ننشر الإيجابية والتفاؤل، على ألا يكون ذلك كمن يعيش على كوكب آخر.

كإعلامية وممثلة، ما هي أكبر أحلامك في لبنان اليوم؟

أكبر أحلامي اليوم أن أتمكّن من تحقيق النجاح والإنتشار على صعيد لبنان والدول العربية، والأهمّ أن أكون فخورة بكوني لبنانية حقّقت كل هذا النجاح. بعد المقدمة التي ألقيتُها في برنامج “صباح اليوم”، لمستُ محبة الناس أكثر رغم أني منذ سنوات أعمل في مجالي الإعلام والتمثيل، وذلك لأني تحدّثتُ عن هموم الناس وخوفهم. وأتمنى بالتالي أن أصل الى مرحلة استمرارية محبة الناس لي.

كمواطنة وكأمّ، ماذا تطلبين من ربّك خلال الصلاة، وماذا تطلبين من المسؤولين في لبنان؟

عندما أصلي أطلب الصحة فهي الأهمّ بالنسبة لي. أما كمواطنة وأمّ، هناك الكثير، لكن أرى أنّ الأولوية في أن نحصل على ضمان الشيخوخة، فهذا أمر يقلقني كثيراً وهو حقّ لكلّ إنسان.