Site icon IMLebanon

سلة غذائية.. فوق طاقة الفقير

كتبت أنديرا مطر في “القبس”:

وقفت ريتا في قسم الألبان في احدى السوبرماركات في لبنان متفحصة الأسعار لتشتري الحليب الأقل ثمناً لابنها ذي السنوات الثلاث من عمره. لم تكن هذه حالها قبل سنة، حين كانت تشتري على الفور الحليب المفضل لابنها، لكن ارتفاع سعره إلى 70 الف ليرة أرغمها على استبداله بنوع أرخص، لا سيما بعد تقلص راتب زوجها، العامل في شركة تأجير سيارات، إلى النصف.

وبالرغم من ان السلة الغذائية المدعومة تشمل الحليب، فإن سعره لا يزال بعد التخفيض فوق قدرتها الشرائية. وتقول لـ “القبس” ان كل السلع الأساسية، بما فيها تلك المصنعة محليا، أصبحت بعيدة عن متناول عائلتها. علبة التونة مثلاً ارتفع سعرها من 2500 إلى 8 آلاف ليرة، وعلبة الباستا التي كانت بـ1500 أصبحت بـ7 آلاف ليرة، حتى الحبوب والبقوليات تضاعف سعرها، وكيلو العدس الذي كان بـ4 آلاف ارتفع إلى 10 آلاف ليرة.

وانتظرت هذه السيدة كسواها من المواطنين نزول السلة الغذائية المدعومة من الحكومة، التي وُعدوا بها قبل شهرين. وهذه السلة أقرتها وزارة الاقتصاد لتخفيف وطأة ارتفاع الأسعار على الطبقات الفقيرة، وتتضمن نحو 333 سلعة اساسية ومواد أولية للصناعة والزراعة، لتمكين المزارعين والصناعيين من انتاج سلع غذائية. ووعد وزير الاقتصاد بأنها ستغطي 80 بالمئة من احتياجات المواطن الأساسية.

«نزلت السلة» أخيرا لكن الأسعار لم تنزل بشكل واضح، واختلطت السلع الغذائية المدعومة مع آلاف الأصناف الأخرى غير المدعومة في السوبرماركات. كما ان البقالات الصغيرة لم تتمكن من الحصول عليها. فالسلع المدعومة كان يفترض ان يتدنى سعرها بنحو 30 بالمئة، وبالرغم من ان سعر صرف الدولار سجّل انخفاضاً في السوق السوداء وصل الى حدود 8 آلاف ليرة بعدما ناهز 10 آلاف، فإن أسعار السلع والمواد الغذائية لم تسجل انخفاضا موازيا، بل بالعكس واصلت ارتفاعها او بأحسن الأحوال بقيت على سعرها.

وبحسب جمعية حماية المستهلك ارتفعت أسعار المواد المستوردة الى نحو 300 بالمئة. وتربط الجمعية بين احتكار بعض السياسيين للشركات المستوردة وبين ارتفاع الأسعار بهذا الشكل الجنوني.

«اختُصِرت قليلا مشاوير السوبرماركت». يقول احد أصحاب السوبرماركت ان الزبون الذي كان يأتي مرة يوميا اصبح يزورنا مرة في الأسبوع يشتري فيها السلع الأساسية.

وفق أرقام صادرة من الجمارك اللبنانيّة يتبين أن واردات لبنان من السلع تدنّت بنحو 42 في المئة في الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ما يشير الى «تدني القدرة الشرائيّة للبنانيّين، وتراجع قدرتهم على الاستهلاك».

وفي المتاجر الكبرى زحمة زبائن اعتيادية. لكن الأهواء تغيرت وعملية التسوق طرأت عليها تعديلات كبيرة.

تقول منى الموظفة في القطاع العام انها كانت تملأ العربة بـ300 الف ليرة في السنة الماضية لكنها اليوم تحمل بيدها «كيسين» ببضع سلع بهذا المبلغ. وتشير الى انها استبدلت كل السلع الأجنبية التي كانت تستخدمها بأخرى «وطنية» بسعر أدنى.

ولكن من قال ان المحلي أقل كلفة؟ العائلات الفقيرة ألغت اللحوم المحلية من وجباتها رغم تعهد وزارة الاقتصاد بشمولها ضمن السلة المدعومة. كيلو لحم البقر 60 الف ليرة، اما لحم الضأن فبلغ 90 الفا، حتى ان عددا من الجزارين توقف عن بيع اللحم بعد تراجع الطلب عليه.