Site icon IMLebanon

ماكرون يُحيّد بيروت عن أشد صراع أميركي- إيراني

سارع رئيس الجمهورية ميشال عون وبعده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى تعطيل احد مفاعيل الزيارة الخاطفة للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت المنكوبة غداة الفاجعة التي حلت بها بفعل انفجار مرفأ بيروت. فالتقى الرجلان، وهما حليفان تقليديان، على رفض الركون إلى تحقيق دولي في الجريمة، طبقا لما طالب به الرئيس الفرنسي “حتى تكشف الحقائق، ولا تسيطر الشكوك”، كما قال في المؤتمر الصحافي الذي عقده في قصر الصنوبر. كما التقيا على معارضة  تأليف حكومة حيادية تحظى بتأييد كل القوى المحلية، في مواجهة الطرح الدولي الذي حمله ماكرون مفوضا من المجتمع الدولي. ذلك أن نصرالله أعلن في خطابه الأخير أن الحزب يرفض تشكيل حكومة حياديين، ولا يؤمنون بوجودهم في لبنان. في المقابل، نقلت وسائل إعلام عن الرئيس عون الأسبوع الماضي طرحه حكومة أقطاب، ما يعني الشخصيات السياسية التي يصب الثوار جام غضبهم عليها.

على أن مصادر سياسية مراقبة أكدت لـ”المركزية”، أن مواقف عون ونصرالله هذه لا تقلل من أهمية زيارة الرئيس ماكرون إلى لبنان، خصوصا أنه حدد للمسؤولين اللبنانيين مهلة لتنفيذ الاصلاحات الموعودة تنتهي في 1 أيلول، وهي مهلة قد لا تكون كافية لتشكيل الحكومة الجديدة.

غير أن المصادر عينها لفتت إلى أن كل هذه العراقيل والفيتوات التي واجهتها المبادرة الفرنسية لا تنفي أن ماكرون عمد إلى إعطاء إشارات ايجابية كبيرة إلى حزب الله، على رأسها دعوته إلى المشاركة في اللقاء الذي جمعه برؤساء الكتل النيابية، والذي شارك فيه رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد في بادرة انفتاح نادرة على الغرب والمجتمع الدولي اللذين لا ينزلان بردا وسلاما في الضاحية.

وفي هذا الاطار، نبهت المصادر إلى أن حزب الله تلقف جيدا الرسالة التي رمى ماكرون إلى إرسالها إلى الضاحية ومفادها: فرنسا تتماهى مع المجتمع الدولي في كل ما يتعلق بلبنان، ما خلا نزع سلاح الحزب من دون تحضير سياسي لذلك لا يفجر الساحة اللبنانية من الداخل قبل الخارج. وفي ذلك تأكيد أن لفرنسا أجندة واضحة تتلخص على الشكل الآتي: لبنان الجريح وناسه المنكوبون واقتصاده المترنح أولويات المرحلة المقبلة، وإن كان ذلك يتناقض مع الموقف الأميركي القائم على التشدد في مواجهة ايران وأعداء اسرائيل، وهو ما يسعى إليه الرئيس دونالد ترامب عشية الانتخابات الرئاسية الأميركية، والتي يلعب فيها اللوبي اليهودي دورا مؤثرا. وتذكر المصادر أن ترامب كان أول المعلنين عن اتفاق السلام التاريخي بين اسرائيل والامارات، التي كان ممثلون عنها حضروا الاعلان عن بنود صفقة القرن في شباط الماضي.

لكن أمام هذه الحسابات ذات الطابع الانتخابي الصرف، تصر باريس على تقديم نموذج مناقض يحمي “ابنها اللبناني المدلل”، وهو يكمن في إنقاذ الناس وإبعاد لبنان قدر الامكان عن صراعات اقليمية لا تخلو من الحسابات الدولية.