Site icon IMLebanon

بري نقطة ارتكاز في الملف الحكومي… وتراجع دور عون!

كتب محمد شقير في “الشرق الاوسط”:

قالت مصادر سياسية لبنانية واسعة الاطلاع إن رئيس المجلس النيابي نبيه بري يشكل نقطة ارتكاز في المشاورات الجارية لبلورة اسم المرشح الذي يحظى بغطاء من القيادات السنية لتشكيل الحكومة الجديدة باعتبار أنه الأكثر تمثيلاً لطائفته عن سواه من المرشحين لتولي هذا المنصب. وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط» بأن بري سيكون أول من يتبلغ باسمه ليكون في مقدوره أن يبني على الشيء مقتضاه قبل أن تبدأ اليوم (الاثنين) الاستشارات النيابية المُلزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال عون لتكليف المرشح الذي يحظى بتأييد الأكثرية النيابية بتشكيلها.

ولفتت المصادر السياسية إلى أن المشاورات الجارية عشية بدء الاستشارات النيابية المُلزمة اليوم، ليست معزولة عن مروحة الاتصالات التي يتولاها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل عودته ثانية مساء اليوم إلى بيروت، في محاولة منه لتأمين شبكة أمان سياسية تدفع باتجاه تهيئة الأجواء المحلية لتأتي ولادة الحكومة العتيدة طبيعية من دون أن تصطدم بعقبات من شأنها أن تعيق ولادتها.

وأشارت إلى أن ماكرون وإن كان يفضل وجود زعيم تيار «المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على رأس الحكومة لاعتبارات داخلية وخارجية أبرزها أنه الأكثر تمثيلاً في طائفته، فإن مبادرته إلى إعلان الحريري عزوفه عن تولي رئاسة الحكومة لم يخفف من منسوب الاهتمام الفرنسي بضرورة توليه الرئاسة الثالثة، وفي حال أصر على موقفه، لا بد من اختيار مرشح آخر يعود له تسميته بالتوافق مع رؤساء الحكومات السابقين، على أن تتوافر له إذا وقع عليه الخيار شروط النجاح في مهمته.

واعتبرت المصادر نفسها أن الدور المحوري الذي يلعبه الرئيس بري يعود إلى قدرته على التواصل مع جميع الأطراف بلا استثناء، في الوقت الذي بات يتعذر على الرئيس عون القيام بدور مماثل ليس لأن الآخرين يطوقونه ويصادرون دوره، بل لأنه انتدب رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل للقيام بهذا الدور بالنيابة عنه، وإلا ما الذي اضطره عندما التقاه رئيس المجلس بأن يحيله على باسيل للبحث في ملف التغيير الحكومي انطلاقاً من ضرورة تحديد موعد لإجراء الاستشارات النيابية المُلزمة لتسمية الرئيس المكلف؟ ورأت أن عون اعتاد وخلال وجود الحريري على رأس الحكومة، على الطلب منه أن يعود إلى باسيل للبحث في الأمور العالقة والشائكة، وقالت بأنه تعذر عليه تأمين مشاركة المعارضة في اللقاءات الحوارية التي استضافها في بعبدا، إضافة إلى أنه اصطدم بحائط مسدود عندما قرر إجراء مشاورات تسبق الاستشارات في محاولة منه لإعطاء الأولوية للتأليف بدلاً من التكليف.

وقالت إن الدور المحوري لبري لا يعود إلى امتناعه وكتلته النيابية عن انتخاب عون رئيساً للجمهورية ولا عن تأرجح علاقته بـ «رئيس الظل» باسيل، وإنما إلى دوره الوسطي الذي أتاح له التموضع في منتصف الطريق بين الموالاة والمعارضة، خصوصاً بعد أن تحول عون وبملء إرادته إلى فريق لا هم له، حتى إشعار آخر، سوى تعويم باسيل في ضوء تراجعه في الشارع المسيحي لمصلحة خصومه، لا سيما بعد الزلزال المدمر الذي أصاب بيروت من جراء الانفجار الذي حصل في المرفأ في 4 آب الجاري.

وسألت المصادر ذاتها: كيف يمكن لعون القيام بدور المدبر السياسي الذي يدفع باتجاه الإسراع في ولادة الحكومة بعد أن تخلى عن المهمة الموكلة إليه للعب دور الجامع بين اللبنانيين والراعي للحوار والذي كان لباسيل حصة الأسد في تدمير علاقاته المحلية والخارجية وأقحم لبنان في اشتباكات لا جدوى منها بدلاً من التزامه بالبيانات الوزارية للحكومات التي شغل فيها مناصب وزارية والتي نصت على النأي بالنفس وتحييد لبنان عن الصراعات الدائرة في المنطقة والتي دفعت بعدد من الدول العربية والغربية إلى تصنيفه على خانة انتمائه إلى محور الممانعة بقيادة إيران؟

لذلك، فإن دور عون قد يقتصر، حتى إشعار آخر، على توقيع المرسوم الخاص بتسمية الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة بناء للاستشارات المُلزمة، وبالتالي يصعب عليه مقاومة توافق أكثرية النواب على تسمية مرشح معين لأن هذا يضعه في مواجهة مباشرة مع ماكرون الذي يحذر لبنان من التدحرج نحو الحرب الأهلية في حال لم تسارع الأطراف المحلية إلى تدارك الخطر بإعطاء الأولوية لتشكيل حكومة إنقاذية ذات مهمة محددة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن بري تواصل مساء أول من أمس مع الحريري وبحث معه بضرورة الإسراع بالتنسيق مع رؤساء الحكومات للاتفاق على تسمية مرشح يتمتع بغطاء سياسي لا لبس فيه.

ونقلت مصادر نيابية عن بري قوله للحريري الذي التقى في نفس الليلة المعاون السياسي لرئيس المجلس النائب علي حسن خليل، إنه من غير الجائز تأخير تسمية المرشح إلى منتصف ليل الأحد أو فجر اليوم، عازياً السبب إلى أن هناك ضرورة للقيام باتصالات تسبق الاستشارات لبلورة موقف ما يشبه الإجماع بدلاً من حشر الكتل النيابية والطلب منها بتحديد موقفها في اللحظة الأخيرة قبل أن تنطلق هذه الاستشارات، وحينها أبلغه بترشيح سفير لبنان في ألمانيا مصطفى أديب.

وكان رؤساء الحكومات السابقون سعد الحريري، نجيب ميقاتي، فؤاد السنيورة وتمام سلام، اتفقوا في اجتماعهم الأخير على التواصل للاتفاق على مرشحهم لرئاسة الحكومة في ضوء عزوفهم جميعاً عن الترشح، إضافة إلى أن الحريري كما أبلغهم ليس في وارد تسمية مرشح من «المستقبل»، لأن مجرد موافقته على ترشيحه يُسقط الأسباب التي كانت وراء عزوفه عن الترشُح، وهذا ما فتح الباب أمام التداول بأسماء عدد من المرشحين، مع الإشارة إلى أن اسم سفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة نواف سلام كان قد طُرح في اجتماع رؤساء الحكومات لكنه استبعد لمعارضة «حزب الله» له. لكن رؤساء الحكومات توافقوا على تسمية السفير مصطفى أديب.