Site icon IMLebanon

مخارج “الحزب” لتحريره من التزاماته!

جميع اللبنانيين خاسر، بمن فيهم الطبقة السياسية الحاكمة من رأس الهرم حتى ابسط مواطن، الا واحدا، حزب الله. نعم الجميع، من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي سيسجل التاريخ انهيار دولة لبنان الكبير في عهده اذا ما استمرت السياسات على حالها وقد قادت البلاد من الازدهار والبحبوحة الى الانخراط في حروب المحاور وصراعات الدول ومصالح الخارج ورفض الحياد والسقوط المدوي، الى رؤساء الحكومات الذين اسهموا في مشروع الانهيار بإبرام صفقات وتسويات شخصية على حساب الدولة الى رئيس مجلس النواب والنواب الذين انخرطوا في اللعبة ولم يقدموا على ما من شأنه منع الانزلاق نحو قعر الهاوية بالرضوخ الى قرارات احزابهم لا الى صوت الشعب الذي منحهم وكالة ايصال هذا الصوت لمراقبة ومحاسبة المنظومة الحاكمة، فكان ان تسببوا بقتله وافقاره وتهجيره الى درجة الكفر بهم وبكل من يتعاطى السياسة في هذا الوطن.

وحده حزب الله يدور خارج الفلك الانهياري. له دويلته وسياسته وماله ودولاراته وتهريبه وسلاحه واغراءاته المادية لناسه ومناصريه، باستثناء قلة قليلة ترفض الانصياع للدويلة وتحلم بالعيش كسائر اللبنانيين في دولة، فتخوّن وتلصق بها كل تهم العمالة وما يتفرع منها.

لكن جنّة حزب الله اللبنانية لن تستمر، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة للحزب لـ”المركزية”، وكما تلاشت قوى عظمى واحزاب وميليشيات كانت لها السطوة على لبنان سيتلاشى الحزب وتسقط دولته ليعود الى كنف الدولة اللبنانية، مهما عظم شأنه. ذلك ان مبررات استمرار وجوده عسكريا تكاد تنعدم، على رغم محاولاته التملص من بعض اثباتاتها والتعمية على ما يؤشر اليها. واذا كانت الجمهورية الاسلامية التي جاهر امين عام الحزب السيد حسن نصرالله بالولاء المطلق لها بقوله بالفم الملآن “نعم، للذين يقولون إننا حزب إيران. نعم! إيران تمنحنا كلّ شيء: سلاحنا، وملابسنا، ومأكلنا ومشربنا، ومالنا وعقيدتنا… ونقول قيادتنا وادارتنا وولاية امرنا وقرار حربنا وقرار سلمنا هو بيد الولي الفقيه”، تغتنم فرصة نادرة بوجود فريق حزبي في وطن ما، يبدي مصالحها على مصلحة وطنه وتحركه بإشارة من اصبعها، فإن ايران نفسها حينما تبرم صفقاتها الدولية ستستخدم الحزب ورقة تفاوض عليها وتبيعها على الارجح حينما تقبض الثمن الذي تطمح اليه.

هذا الواقع يدركه الحزب الوكيل، تضيف المصادر المعارضة، المستمر بضخ المخدر في عروق مناصريه للتعامي عن اقترافاته بحق شباب لبنان واستخدامهم وقودا في حروب الاخرين تحت ستار مقاومة العدو الاسرائيلي، فيما الاصيل، اي ايران، لا يطلق خرطوشة واحدة في اتجاه تل ابيب، في حين يتجه العرب  نحو التطبيع وابرام اتفاقات سلام مع الدولة العبرية في اطار رد فعل على التدخل الايراني في الشأن العربي ومحاولة بسط نفوذ طهران عربيا. وهنا، تدرج المصادر سلسلة مواقف وممارسات يتخذها الحزب اخيرا في سياق تأمين مخارج تكفل حماية رأسه لبنانيا اذا ما دقت الساعة. وليس بيان اعتراض الثنائي الشيعي على شكل الوفد اللبناني الى مفاوضات ترسيم الحدود مع اسرائيل سوى احد اوجه هذه المحاولات بحيث يوحي ان ثمة خلافا مع رئيس الجمهورية في هذا المسار، ولو في الاطار الشكلي، حتى اذا ما قادت المفاوضات التي اسس لها الرئيس نبيه بري الى ابعد من الترسيم، تكون ورقة براءة الذمة في يده لتحرره من التزاماته لا سيما حينما يصل الملف الى المجلس النيابي للتشريع من جهة ونزع تهمة تحكمه بالقرار السيادي في البلاد من جهة ثانية. فالرئيس عون شكل الوفد ولم يأخذ باعتراضنا، والقرار في يده. وأذا ما سارت المفاوضات كما تشتهي رياحه يسير بها ويتناسى ورقة الاعتراض.

وفي موازاة التباين الشكلي في ملف الترسيم، ترى المصادر تناغما واسعا بين مواقف الثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر على رغم انعدام الكيمياء بينه وبين الرئيس نبيه بري، في ما يتصل بانتقاد دستور الطائف ونعته بأبشع الصفات والدعوة الى تغييره. في هذا الالتقاء، تلاحظ ايضا دفعا من الحزب نحو توفير مخارج لوضعه اذا ما انتهت المفاوضات الاقليمية والدولية الى مشروع سلام، فيحفظ رأسه بمكاسب سياسية يصر على الحصول عليها. وما تمسكه بتسمية الوزراء الشيعة في الحكومة والاصرار على تطويب وزير المال بإسم الطائفة سوى بداية الغيث، على امل الا يكون تغيير النظام نحو المثالثة نهايته. ومخارج الحزب لتطورات المستقبل وضمان فائض قوته سياسيا اكثر مما يتوقع البعض، تختم المصادر.