Site icon IMLebanon

“التيار” و”المستقبل” يوظفان المناوشات الحكومية للتعبئة الشعبية

كل ما يدور من تراشق واتهامات على حلبة الصراع المستقبلي – العوني لا يتخطى اطار التعبئة العامة لدى الفريقين السياسيين اللذين تجمعهما المصالح والتسويات حينا وتفرقهما حينا آخر. لكن الثابت ان كليهما يستفيد الى الحد الاقصى مما يجري راهنا لاعادة تعويم شعبيته المنهارة  بفعل مسلسل التقارب والتباعد وسلسلة الاخفاقات التي تسببت بها  سياساتهما واودت بالبلاد، ومن ضمنها ما تبقى من مستقبليين وعونيين، الى أسوأ حال على الاطلاق. والاكيد ان الفريقين يوظفان الظروف المستجدة من أجل محاولة استنهاض هذه الشعبية واعادتها الى سابق عهدها.

تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، في معرض تحليلها لهذا الواقع، ان انطلاقا من الخيارات المحصورة امام اللبنانيين في ضوء المستجدات الاخيرة والمتمثلة بعجز المعارضة عن قلب الطاولة وعدم امكان الاستمرار في الفراغ الحكومي الذي يفاقم الازمات ويسرّع الانهيارات، وفق ما هو مثبت وتقديم الرئيس سعد الحريري نفسه كخيار وحيد متاح راهنا باعتبار ان تكليفه مضمون بأصوات الثنائي الشيعي والاشتراكي والمردة والمستقبل بطبيعة الحال، يجد تيار المستقبل نفسه في مواجهة مع التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل، الرافض عودة الحريري الى النادي الحكومي بصفته السياسية لترؤس حكومة اختصاصيين انقاذية، متجاهلا ان المواقع الرئاسية الثلاثة سياسية بامتياز. بيد ان هذه المواجهة على سلبياتها التي ستعرقل التأليف ان حصل التكليف يوم الخميس المقبل في الاستشارات النيابية ما لم تؤجل، تعود بالفائدة على التيارين الاكثر تضررا على مستوى الشعبية منذ تولي الرئيس ميشال عون سدة الرئاسة في العام 2016 نظرا الى التقلبات التي حكمت تموضعهما ومواقفهما.

في مقلب التيار الحر، توضح المصادر لـ”المركزية” انه يوظف ورقة تكليف الحريري لمصلحة تظهير الامور على انها “قوطبة” اسلامية ثلاثية على الفريق المسيحي القوي الذي يمثله كما على المسيحيين عموما، ما دامت القوات اللبنانية غير منضوية في حلف التكليف وتاليا عودة الى زمن الرباعية، فيرفع بذلك منسوب الحس الطائفي لدى المناصرين الذين يدغدغ اللعب على هذا الوتر مشاعرهم فيفجرون احتقاناتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، برفض تهميش المسيحيين واقصائهم عن دائرة القرار وتصوير ما يجري على انه محاصرة لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون وحرب مفتوحة على موقع الرئاسة بعدما سلبها اتفاق الطائف “السني الهوى” معظم صلاحياتها لمصلحة رئاسة الحكومة .

وعلى ضفة المستقبل، تلاحظ المصادر ايضا استنهاضا للهمم المذهبية، من خلال وجوب تثبيت أحقية الطائفة في اختيار رئيس الحكومة السني على قاعدة المساواة في الرئاسات الثلاث ورفض ربط الموقع  بأي اعتبارات على غرار الاختصاص الذي يشترطه التيار صفة للرئيس المكلف ما دامت الحكومة ذات طبيعة اختصاصية. وتلفت الى ان الرئيس الحريري الذي افقدته التسوية الرئاسية شعبية واسعة استمرت في مسار انحداري حتى اليوم، يحتاج بدوره الى اعادة تعويم وضع تياره، لاسيما في المناطق التي كانت حتى ما قبل التسوية خزان المستقبل الشعبي.

في ما يدور من مماحكات بين التيارين، عملية تضخيم متعمد، تضيف المصادر، وهما على يقين بأن لعبتهما هذه لا تقدم ولا تؤخر في المسار الحكومي المرتبط عضويا بالانتخابات الرئاسية الاميركية، بقرار ايراني ينفذه الثنائي الشيعي وتحديدا حزب الله الذي يتفرج على اللاعبين على المسرح اللبناني يملأون الوقت الضائع… ولا ضير من مسرحية تعويم الشعبية بين الحليف الاستراتيجي البرتقالي وحليف  المصلحة “الحكومي”، ما دامت غير مؤثرة على مستوى القرار الذي تعود للحزب وحده اتخاذه حينما تقتضي مصلحته الاقليمية.