Site icon IMLebanon

قطاع الأزهار والشتول ينهار: المجد للباذنجان!

يردّد مزارعو وتجّار الزهور والشتول في لبنان مع محمد عبد الوهاب كلمات أغنيته الشهيرة «يا ورد مين يشتريك». القطاع الذي يعيل آلاف العائلات، ويُبقي بعضاً من الروائح العطرة في بلد اجتاحته النفايات وروائح الصفقات والسمسرات، يذبل بشكل دراماتيكيّ وبصمت. أولويات اللبنانيين تبدّلت، والخوف من الجوع يستولي على النفوس، فكان لا بدّ للزهور من أن تدفع الثمن، وأن تُخلي الساحة للخضار…

لم يبقَ للبنانيين من الورد إلّا الشوك. المزارعون فقدوا الحماسة لزرع بذور لا فائدة ماديّة من نموّها، واللبنانيون انعدمت قدرتهم على شراء زهور أصبح عبيرها يكلّف غالياً. والخلاصة: القطاع الذي وصل إلى الذروة منذ سنوات وكان قادراً على المنافسة في الأسواق الخارجية… عاد عقوداً إلى الوراء.

«مزارعو الأزهار كانوا يشكّلون بين 10% و15% من إجمالي عدد المزارعين في لبنان قبل انفجار الأزمة الاقتصاديّة»، بحسب الياس منصور، مسؤول قطاع الأزهار في جمعية المزارعين اللبنانيين. هذه النسبة انخفضت خلال أشهر إلى ما بين «3% و4%»، مع تحوّل الغالبية منهم إلى زراعة الخضار الأكثر طلباً ومردوداً في الظروف الراهنة. فـ«على سبيل المثال، يتّسع «هنغار» نايلون مساحته ألف متر مربع، لـ 33 ألف شتلة مستورَدة من هولندا بقيمة أربعة آلاف دولار، تُضاف إليها ألفا دولار كلفة عناية وخدمة زراعيّة. أيّ مزارع زهور يمكن أن يبيع زهوراً بقيمة 6 إلى 7 آلاف دولار في مثل هذه الأوضاع؟ لذلك التجأ كثيرون إلى زراعة البندورة والخيار والباذنجان…».

يقدّر جوزيف أبو زيد، نقيب مزارعي الأزهار والشتول سابقاً، عدد من يعتاشون من هذا القطاع بحوالى 15 ألف عائلة، «رغم صعوبة حصر العدد بشكل دقيق، أو تحديد العدد الفعليّ للمشاتل العاملة في المجال بسبب غياب التنظيم الجديّ للقطاع». ويوضح أن «تقديراتنا تشير إلى أن هناك حوالى 180 مشتلاً منتسبة إلى النقابة، ويرتفع العدد إلى حوالى 300 في حال احتسبنا المشاتل غير المنتسبة، من دون الأخذ في الاعتبار المشاتل الصغيرة التي أسّسها مزارعون قرب منازلهم». لكن، كلّ هؤلاء، كباراً وصغاراً، «في انحسار ويصارعون للصمود. إذ أنّ كلّ نفقاتنا بالدولار فيما مبيعاتنا بالليرة».

يبلغ سعر كيس التراب الأسود 18 دولاراً أي أكثر من 140 ألف ليرة، ويراوح سعر الورقة التي تُستخدم للف الورد بين 4 آلاف ليرة و7 آلاف، بعدما كانت بين 800 و1000 ليرة فقط. أحد الأدوية الكيميائية التي تُستخدم للعناية بالزهور، بحسب أبو زيد، «يكلف 800 ألف ليرة فيما سعره في سوريا لا يتعدّى 25 ألف ليرة. لم يعُد بمقدورنا تغيير البلاستيك أو حتى إناء الزهور. وبعد أن كان همّنا سابقاً أن يكبر الشتل والزهر، بتنا اليوم نشحّلها ونصغرها كي لا نضطر إلى دفع تكاليف إناء أكبر وتراب وبلاستيك. وقد أتلفنا 80% من إنتاجنا العام الماضي، حين كان الدولار لا يزال بـ 1500 ليرة. فلك أن تتخيّل الوضع الآن».