Site icon IMLebanon

لبنان بلا “أحزمة أمان” يُلاقي”الأسبوع الوداعي” لترامب

 

لم يسبق لبنان أن كان يرتدي «أحزمة ناسفة» كالتي تزنّره في هذه الأيام، في واقعه الصحي والمالي والاقتصادي والسياسي. فعشية دخوله اليوم، مرحلة حال الطوارئ الصحية (حتى 25 الجاري) وإجراءاتها المشددة (بما فيها حظر التجول على مدار الساعة) على وهج تحليق «عدّاد الموت» بفيروس كورونا المستجد إلى أرقام قياسية بلغت 32 الثلاثاء، منافساً سبحة الإصابات التي تحطّم أعلى المعدّلات في العالم بنسبة فحوص إيجابية تناهز 17 في المئة (لكل مئة فحص)، لم يكن «فيلم الرعب الكوروني» الذي يُراد إبطاء سرعته عبر زيادة سعة المستشفيات والتخفيف من الضغط الفائض عليها كافياً لحجْب وقائع لا تقلّ خطورة تحوط بلبنان في أسبوعٍ يشي بإفراغ إدارة الرئيس دونالد ترامب ما في جعبتها من «سلاح احتياطي» ميدانياً وبالعقوبات قبل تسلُّم جو بايدن دفة الحُكْم، في 20 يناير، فيما «بلاد الأرز» التي بدأت رحلة الغرق نحو جهنّم لا تنفكّ تزيد من «أثقال» أزماتٍ قديمة وافتعال أخرى جديدة على طريقة «وبعدي الطوفان». وإذ شكّلت الغاراتُ الإسرائيلية على شرق سورية أمس، بناء على معلومات استخباراتية أميركية، المؤشرَ الأكثر دلالةً على أن ترامب لن يغادر البيت الأبيض إلا على متن «عاصفة وداعية» على الجبهة الإيرانية التي يرتبط بها لبنان عُضوياً، جاء الأكثر تعبيراً عما آل إليه الوضع اللبناني في إزالة كل خطوط الفصل بينه وبين النفوذ الإيراني عبر كلامٍ نافر للأمين العام لمجمع تشخيص مصلحة النظام ومرشح الرئاسة الجنرال محسن رضائي، مرّ مرور الكرام رغم تداعياته على مجمل مسار تَلَمُّس بيروت طريقاً لـ «التأهل» للحصول على دعم دولي ملحّ، ومعانيه العميقة لجهة موقع بلاد الأرز في «قوس النفوذ» الإيراني.

وقال رضائي إنه «في رؤيتنا الاستراتيجية التي وضعناها ضمن تحليلنا وبرنامجنا الانتخابي، مشروع الحزام الذهبي الإيراني في الشرق الأوسط. وسيمتد هذا الحزام من أفغانستان إلى إيران، مروراً بالعراق وسورية، حتى مياه البحر الأبيض المتوسط في لبنان».

وفي حين كانت تقارير في بيروت تتحدّث عن مناخات في واشنطن تشي بدفعة أخيرة من العقوبات على شخصيات لبنانية تحت عنوان مكافحة الفساد أو دعم «حزب الله»، مضى الداخل في السير على جمْر الأزماتِ الحارقة، من دون أن تلوح في الأفق أي احتمالاتٍ لاحتواء «كرات النار» المتدحرجة في طول البلاد وعرْضها ولا سيما بعدما بدا أن الأمل بالإفراج عن الحكومة الجديدة ابتعد أميالاً ضوئية بعد احتراق الجسور بين رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري.

وفيما كانت بعض الدوائر بدأت تعدّ الأيام المطلوبة لتبريد المناخات التي أحدثها تسريب الفيديو الذي يظهر فيه عون وهو يتّهم الحريري بالصوت والصورة بالكذب في ملف التشكيل، الأمر الذي أتى بمثابة صبّ للزيت على نار الحملة التي شنّها رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل على الرئيس المكلف ناسفاً التركيبة الحكومية التي قدّمها الى رئيس الجمهورية عن بكرة أبيها، بدا أن التدافع الخشن على خط بعبدا – بيت الوسط، صار أكبر من قدرة أي طرف على لجمه وسط تَعَمُّد قريبين من عون أمس، كشف مضمون ما قيل إنه الجزء غير المسرّب من كلامه أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب والذي انطوى على جرعة أعنف من الهجوم على زعيم «تيار المستقبل».

وفي هذا الجزء (نشرته صحيفة «الجمهورية»)، اتهم عون الحريري بأنّه لا يريد التدقيق الجنائي والمحاسبة، «وما بدو يزعّل حدا، بل همّه فقط السلطة واستمرار الصفقات، ولذلك لا يصلح أن يكون رئيس حكومة الإنقاذ»، ناقلة عن زوار القصر الجمهوري، انه ليس هناك أي شعور بالانزعاج أو الضيق لدى عون نتيجة التسريب الذي حصل «بل هو مرتاح ومتصالح مع نفسه، وأكثر ما أزعجه أنّ التسريب الصوتي لم يكن كاملاً».

وعكس هذا الكلام معطوفاً على تسريباتٍ عن أوراق جديدة قد تُلعب من فريق عون في إطار محاولة «تطفيش» الحريري قد تشتمل على إثارة الغبار حول دستورية احتجازه التكليف في جيْبه لأمد مفتوح، كما على بدء بعض الأوساط الحديث عن إمكان بقاء الوضع معلّقاً فوق أفواه البراكين لنحو 6 أشهر ريثما يتبلور مسار تعاطي بايدن مع إيران والملف النووي، أن البلاد تتجه بلا «أحزمة أمان» نحو أسابيع مخيفة مفتوحة على كل احتمالات «العبوات» المزروعة مالياً واقتصادياً وحتى وبائياً.