Site icon IMLebanon

قرارٌ رئاسي بعدم التعاون مع بيت الوسط؟

صحيح ان البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي دخل بقوة منذ أشهر، على خط تأليف الحكومة، ناصحا، مؤنّبا، فوسيطا، فمنتقدا لاذعا، من جديد، لاداء الحكام الذين أفشلوا مساعيه. الا ان ما جاء في عظته امس الاحد، من كلام في حق اللاعبين الاساسيين على ملعب التشكيل، يكاد يكون الاعلى سقفا وحدّة. غير ان نبرته هذه، مبرّرة وأكثر، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.

فبعد ان أُحبطت الاتصالات التي كان يقوم بها بين بعبدا وبيت الوسط اواخر العام الماضي، وفي اعقاب ذهاب النداء الذي وجّهه الى رئيس الجمهورية ميشال عون – لدعوة الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا والتفاهم حكوميا- كصرخة في واد، كان لا بد له من ردّ فعل يكون بحجم “الفعل – الجريمة” الذي يقترفه اهل الحكم ويدفع الشعب الجائع ثمنه. فمن دون قفازات وبلغة مباشرة صريحة، اعتبر الراعي في عظته ان “من المؤسف القول إنّ هذه ليست أصولَ العلاقةِ بين رئيسِ جمهوريّةٍ يُفترضُ أن يكون فوق الصراعات والأحزاب، وبين رئيسٍ مكلَّفٍ يُفترضُ أن يَستوعِبَ الجميعَ ويَتحرّرَ من الجميع”، مشيراً إلى أنّه “إذا لم تَصطَلِح العلاقةُ بين الاثنين لن تكون لنا حكومة. فهما محكومان بالاتفاقِ على تشكيل حكومة “مهمّة وطنيّة” تَضُمُّ النُخبَ الإخصّائيّةً الاستثنائيّةَ وليس العاديّةَ المنتميةَ إلى الزعماءِ والأحزاب. إنّ الإمعان في التعطيل يتسبّب بثورة الجياع وحرمانهم من أبسط حقوقهم ويدفع بالبلاد إلى الإنهيار. وهذا منطق تآمري وهدّام يستلزم وضع حدّ له من أجل إنقاذ لبنان”… الجدير ذكره، أن هذه الادانة الكنسية – المحلية لسلوك المسؤولين اللبنانيين، تأتي ساعات بعيد ادانة دولية أتت على لسان الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي قال “النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف الشيطاني بين الفساد والترهيب”، مضيفاً “عاطفتي مع الشعب اللبناني، أما قادته فلا يستحقون بلدهم”.

من هنا، تنتقل المصادر لتشير الى ان التوصيفات هذه، تؤكد ان عربة التأليف عالقة في نفق مظلم طويل لا مخرج منه، حتى الساعة. واذ تشير الى ان عظة الراعي أصابت، ووضعت الاصبع على الجرح، تعرب عن خشيتها من ان تكون العلاقة بين الفريق الرئاسي والحريري باتت فعلا، عصية على الترميم والاصلاح. فحتى لو قرر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون طلب تعاون ايراني للافراج عن الحكومة، اي الطلب من حزب الله تفعيل اتصالاته لدى حلفائه في بعبدا وميرنا الشالوحي لخفض سقف المواجهة التي يخوضان مع الحريري – وهو ما تبدو الضاحية بدأته امس مع الاتصال الذي سُجّل بين الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ورئيس التيار النائب جبران باسيل – لا تخفي المصادر قلقها من ان يكون قرار القصر والقاضي بعدم التعاون مع الرئيس المكلّف، وبإنزال “الحرم” عليه رئاسيا، بات مبرما ولا عودة عنه، خاصة وان الحديث يكثر في الصالونات السياسية عن ان العهد يفضّل بقاء حكومة تصريف الاعمال، على قيام حكومة برئاسة الحريري “الذي لا يؤتمن على الاصلاح ومحاربة الفساد وقد اوصلت سياساته الاقتصادية والمالية لبنان الى الحال التي هو فيها اليوم”، بحسب ما تقول اوساط التيار الوطني.

فعندها كيف سيتصرّف الحزب، الذي يريد الحريري في السراي، ولو ضعيفا وبشروطه؟ وايضا كيف سيتصرّف ماكرون؟ وايضا، أيّ حكومة ستكون تلك التي تجمع، قسريا، المتخاصمين تحت سقفها؟! فالخلافات كثيرة على حجم الحكومة وشكلها وعلى حصص كل فريق فيها وآلية تأليفها ومَن يسمي وزراءها وعلى صلاحيات الرئيس والرئيس المكلف، مع عقبات اقليمية – ايرانية لا يستهان بها. لكن قبل الانكباب على تفكيك هذه العقد كلّها، لا بد من التأكد من ان العلاقة بين عون وباسيل والحريري قابلة للانعاش من جديد، وإلا “عبثا يسعى الساعون”، تختم المصادر.