Site icon IMLebanon

“المستقبل” يُفضل حلاً داخليًا.. وخطاب عالي النبرة للحريري الأحد

كتب عمار نعمة في “اللواء”:

يُخفي الرئيس سعد الحريري هذه الايام خطواته ومواقفه حتى عن أقرب المقربين، يتكتم عليها مفاجئاً الصديق قبل الخصم، وهذا كان حاله في زيارته أمس الى بعبدا التي خرج بها الى الاعلام وهو في طريقه للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في اجتماع يبدو انه عمّق الفجوة مع العهد.

هذا التكتم طبع حركة الرئيس المكلف خارجيا وما نتج عنها وخاصة خاتمتها في العشاء الباريسي البعيد عن الأضواء والضوضاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

بعد لقاء باريس، خرج متشائمون وهم من خارج الحلقة «المستقبلية» برغم تعاطف بعضهم مع الحريري، بكلام غير متفائل حول لقاء الرئيس المكلف مع الرئيس الفرنسي، ولعل دافعهم الاهم لذلك كان عدم خروج بيان مشترك كما عدم تسرب الايجابيات عن لقاءاته العربية السابقة على طريق فك عقد التشكيل الحكومي الشائك.

عن دعوة الراعي

يقابل مقربون من الحريري النزعة التشاؤمية تلك بطرح آخر يشدد على الحل اللبناني برغم حاجة البلد الى الدعم العربي والدولي. وهم بذلك يطرحون حلا لبنانيا في موازاة دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي للتدويل، أو أقله ما جاء علنا من بكركي لعقد مؤتمر دولي لدعم لبنان.

وفي الاجواء «المستقبلية» ليس ثمة رفض علني لدعوة الراعي التي لم تطرح لتناقش في الاجتماعات الداخلية في «تيار المستقبل» في ظل غياب «الرئيس». و«المستقبليون» يحتفظون باحترام كبير لسيد بكركي ويعلمون مدى حرصه على تشكيل حكومة في هذا الظرف الصعب للبلاد المتجهة قدما نحو المهوار. لكن يقاربون رؤيتهم لحل لبنان داخلي بين الافرقاء، وهو ما يعكس موقفا مماثلا لأفرقاء آخرين مواجهين للعهد حيال دعوة بكركي مثل زعيم الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط وآخرين مثل رئيس مجلس النواب نبيه بري ناهيك طبعا عن “حزب الله”.

لذا قد يجانب النجاح دعوة بكركي التي صدرت قبل ايام من دون تأييد جدّي لها. وبالنسبة الى «المستقبل»، فالحل اذا يجب أن يتم ضمن الأطر الداخلية لكن المعطى الخارجي، العربي خصوصا، يمثل دعما هاما علنيا للحريري. ورغم عدم صدور موقف سعودي واضح وعدم زيارة الحريري للسعودية حتى الآن، فإن ضوءا أخضر «مبدئيا» من الرياض قد مهد الطريق امام الامارات ومصر لتعزيز موقف الحريري قبل انتقاله الى فرنسا، وهو ما ترى الامارات ومصر انه الموقف الافضل للبلاد كما للحريري الذي تبلغ من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موقفا داعما باسم «المجموعة العربية» في لقاء يصفه مطلعون بالممتاز.

وما تسرب لدى المعنيين الداخليين في «التيار» لزيارة الحريري الفرنسية يدعو الى التفاؤل من جانبهم من دون التوقف عند الإخراج، فالعشاء مع ماكرون ليس في حاجة الى احتفال اعلامي أو حتى بيان مشترك فالحريري لا يزال رئيسا مكلفا للحكومة. لكن ثمة موافقة من قبل الإليزيه على البيان الذي أصدره الحريري الذي حاول تلخيص اهداف جولته الخارجية وخاصة لدى حديثه عن التقارب العربي والدولي مع لبنان اضافة الى الملف الحكومي وعقباته «الداخلية».. وتشجيع للحريري لأن يكمل في طريقه.

لقاء بعبدا يُعمق الفجوة

متسلحا بكل ذلك، طلب الحريري أمس موعد اللقاء مع رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا حيث وجه سؤاله التالي الى الأخير: المجتمعان الدولي والعربي يريدان مساعدتنا وتشكيل الحكومة فما أنت فاعل؟

طبعا لم يتلق الحريري الاجابة التي يريدها، وهو كسب في كونه ظهر امام الرأي العام متعاليا على الاساءة واتهامه بالكذب واضعا الكرة في ملعب العهد الذي ساءه ما جرى وتكرار الرئيس المكلف لطرحه الحكومي السابق، وسارع الى اعلان طلب الحريري للاجتماع بعون ما يعده «المستقبليون» دعسة ناقصة جديدة من قبل قصر بعبدا في بيانه «التصعيدي» الذي كرّس الانقسام لا بل عمّقه.

بدا واضحا ان الحريري لم يكن مرتاحا بعد اللقاء وهو اكد هذا الانطباع مع عودته لأدراجه بعد انهاء مداخلته للتأكيد للاعلاميين على اللاءات التي في حوزته. وفي كل الاحوال، يشير البعض الى أن خطاب زعيم «المستقبل» غدا في ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري، سيكون عالي النبرة ومفصليا. فالحريري متشدد في طرحه الثلاثي الرفضي على اساس تفسيره الذي لا يتزعزع للمبادرة الفرنسية: لا للثلث المعطل لأي طرف ولا لتوسيع عدد الوزراء الى ما فوق 18 وزيرا ولا لحكومة سياسيين بل اختصاصيين فقط.. فقط.

ومن الواضح ان لا تأليف قريبا للحكومة وسط غموض حول موعد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى السعودية وهو أرجأ بعث اي مرسال الى المسؤولين اللبنانيين كما كان مقررا في نهاية الاسبوع الحالي، ما يزيد من التساؤلات حول ملف حكومي غامض ومتشعب داخليا وإقليميا ودوليا.

سيعكس الزعيم «المستقبلي» كل ذلك غدا وسيُفصل ما وصلت إليه المبادرات الحكومية ليدفع عنه تهمة التعطيل. ولمن يتذكر، فإن الحريري كان خرج بخطاب حاد تجاه العهد بشقيه الرئيس ميشال عون ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، في الذكرى العام الماضي، ومن غير المرجح ان لا يقنص الفرصة ايضا هذه المرة لتصويب سهامه على الخصوم خلال مناسبة ذات معنى خاص.