Site icon IMLebanon

الأوضاع تتدحرج نحو جهنّم: الناس طفح كيلها!

كتب رمال جوني في “نداء الوطن”:

عادت الاحتجاجات الى الشارع، قطع طرقات بالاطارات المشتعلة، أصوات اعتراض على رفع الدعم، وأصوات مطالبة بوضع حدّ لانهيار الليرة. كلّ المؤشرات الحياتية تنذر بالكارثة، فالغلاء الفاحش الذي صاحب ارتفاع سعر صرف الدولار أوجع المواطن، بات يحسب ألف حساب لغالون الزيت وعبوة الجلي والرز، ويتلهّى في البحث عن السكّر وباقي السلع المدعومة التي فُقدت فجأة من السوق. لا شكّ أنّ صرخة الناس محقّة، ولا شكّ أيضاً أنّ الضغط باتجاه رفض السياسات المالية المتبعة يحرك المياه الراكدة حكومياً وسياسياً ومالياً، غير أنّ المؤكّد أن صمت الناس المريب سيدفع الى مزيد من الازمات، بدليل التزاحم على شراء غالون زيت مدعوم بدلاً من رفض سياسة تجويعه المتّبعة من زعمائه، وِفق ما أكد عدد من المحتجّين الذين خرجوا الى الشارع، رافعين راية رفض التبعية والاستعلاء السياسيين، همّهم لقمتهم المسروقة، وعينهم على معاشاتهم المتآكلة.

عناصر دفعت بالناس الى الشارع مجدّداً، ويبدو أنّ لغة الشارع ستكون لها قوتها الضاغطة هذه المرّة، اذ تعيش قرى النبطية خضّة متنقّلة، فالامتعاض تتوسّع رقعته داخل القرى، من جسر حبوش الى مفرق كفررمان وتمثال حسن كامل الصباح وصولاً الى كفرتبنيت، الوجع واحد: الجوع والفقر. “لم يعد امامنا خيار آخر غير الشارع”، يقول احد المحتجّين، فيما خرج علي، سائق فان، للاعتراض على حاله واحوال سائقي الفانات، سيما على خطّ النبطية بيروت. وِفق علي “إننا نعمل طيلة النهار بمئة الف ليرة، نصفها بنزين والباقي لا يكفي غيار قطعة”، يقلق علي من تعطّل فانه، حينها ستقع الكارثة، فالقطع تباع على سعر الدولار ونحن نتقاضى باللبناني، ونعمل فقط بـ30 بالمئة، بسبب جائحة “كورونا”. لا يتردّد علي بالصراخ ” قتلتونا ونحن أحياء”، ولا يخجل بالقول: “نحن ندفع ثمن خياراتنا”، لم يعد أحد يعيره الانتباه، فالرياح الاقتصادية عصفت بكل مدخّراته، بات “عالحديدة” على حدّ توصيفه، و”واقع سائقي الفانات مزرٍ”.

بات في حكم المؤكّد أنّ الناس طفح كيلها، فكلّ يوم يشتدّ وقع الأزمة عليهم، والغلاء بات كالسمّ في طعامهم، يقول أبو حسين، الذي خرج الى الشارع، إنّه بات عاجزاً عن شراء حبّة فاكهة لاولاده الثلاثة، يتقاضى 600 الف ليرة شهرياً، فهو يعمل في احدى المحطات، معاش بالكاد يكفيه ثلاثة أيام، وماذا عن باقي الشهر، “ماذا لو مرض أحد أبنائي؟ ماذا أفعل وبات الاستشفاء على سعر صرف السوق السوداء”؟ يحمل دولاباً ويرمي به بين الناس، قبل أن يضيف: “يا محلا سواد الدولاب أمام سواد معيشتنا، فالسلطة الكريمة حوّلت حياتنا جحيماً، تستسهل رفع الدعم عنّا في مواجهة مافيات السلع المدعومة، فنحن لقمة مستساغة برأيها أمّا التجّار فمدعومون”.

بعد فقدان المدعوم من الأسواق، وتخطّي الدولار الـ10 آلاف ليرة، وجد عدد من المواطنين أنفسهم في الشارع، قاطعين الطريق عند دوار كفرتبنيت، فالظروف المعيشية المتردّية دفعت بهم لرسم خريطة طريق جديدة لحياتهم المهدّدة، فالغلاء طوّقهم، والفقر خنقهم، و”كورونا” يهدّد حياتهم. “كل ما يحيط بنا قاتل، الا الزعماء يمصّون دمنا بدم بارد”، تقول احدى السيدات التي خرجت لتسجيل موقف رافض، وتضيف السيدة الخمسينية: “بتّ عاجزة عن تأمين متطلّبات منزلي، أعمل في الخبز، وما أنتجه لا يكفي ثمن قنينة غاز، أمّا باقي الامور فباتت باهظة”.

حال الناس صعبة، ومآسيهم لا تنتهي، فالظروف تتدهور بشكل سريع، ومن جملة المخاوف تجاوز الدولار حدّه اكثر لأنّ ذلك في حسابات الناس مزيد من الموت البطيء، في ظلّ طبقة سياسية لم تقدّم للناس سوى المآسي، ولم يحرّكها وجعهم وبحثهم عن المدعوم، كل ذلك يؤكّد أنّ الاوضاع تتدحرج نحو جهنّم بشكل سريع حتى “كورونا” لم يُثنِ الناس عن الصراخ، فهو برأي الجميع أرحم من “كورونا” الطبقة السياسية.