Site icon IMLebanon

900 مليون دولار لدولة “المهربجيّي”!؟

كتب أنطوان الفتى في “أخبار اليوم”: 

مُضحِكَة هي أساليب التهريب متعدّدة الأشكال والأنواع، والتي رغم فضح الكثير منها يومياً، إلا أننا نجدها تزداد وتنمو وتتمدّد. والمُضحِكٌ بالأكثر، هو المجتمع الدولي، الذي يُطالِب دوماً بضبط الحدود ووقف التهريب، كشرط من شروط الإنتظام السياسي والإقتصادي والمالي، وحصول لبنان على برنامج من “صندوق النّقد الدولي”، فيما أُفيد أمس بإمكانيّة حصوله (لبنان) على 900 مليون دولار من “الصّندوق”، من ضمن آلية معيّنة أُعلِنَ عنها، وهي تحتاج الى مزيد من الوقت والدراسة.

كيف يُمكنه؟

فمهما كانت التفسيرات والتبريرات، كيف يُمكن للمجتمع الدولي، الذي يرفض فَصْل المساعدات الدوائية والطبية الملحّة للبنان، عن ضرورة تشكيل حكومة جديدة تطبّق الإصلاحات وتكافح الفساد، والذي يشدّد على أن وقف التهريب وضبط الحدود هما من شروط التعاطي مع “صندوق النّقد الدولي”، (كيف يمكنه) أن يقبل بأن تحلّق تلك الملايين من “الصّندوق” نفسه الى لبنان، وهو (المجتمع الدولي) يعلم تماماً أنها ستموّل دولة “المهرّبجيّي”، إذ يعترف أكثر من مسؤول في السلطة بوجود مهرّبين داخل الطبقة السياسية نفسها، بما يكشف دون أدنى شكّ أننا نعيش في ظلّ حُكم “مهربجيّي”؟

توزيع أدوار

إحترموا عقولنا ولو قليلاً. أفَمَا يُمكن وقف التهريب؟ وكيف يسمح المجتمع الدولي بتمويل دولة “مهرّبجيّي”، بأفرقائها وتحالفاتها الداعمة للتهريب، فيما يرفض مساعدة فقراء لبنان بالأغذية والأدوية والطبابة؟ وكيف يقبل المجتمع الدولي بالتعاطي مع أطراف طبقة سياسية، تُمارس الحُكم من على الكراسي، والتهريب في أوقات الفراغ السلطوي الكثيرة في بلادنا، وتتعامل مع “المهربجيّي” على طريقة “تنقّلوا وتبدّلوا وخلّولي مطرح إلي”، بتوزيع أدوار رهيب؟

رصيد الفساد

رأى أمين سرّ تكتّل “الجمهورية القوية” النائب السابق فادي كرم أن “إمكانيّة دخول 900 مليون دولار الى لبنان، وسط غياب الإصلاحات، هو سؤال يُطرَح على معظم مكوّنات المجتمع الدولي، الذي ساهم بتمويل الفساد في لبنان خلال العقود الثلاثة الأخيرة مع الأسف، والذي لا يزال يتعاطى مع الملف اللبناني بالذهنيّة نفسها”.

وأوضح في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” أن “المجتمع الدولي يتعامل مع السلطة في لبنان بحسب السياسات والضّغوط أو المفاوضات التي تجري إقليمياً ودولياً. فضلاً عن أن بعض التسويات الإقليمية التي من المُمكِن أن تُبصِر النّور، قد تحتاج الى تمويل. وهذا التمويل، بهذه الطريقة، يموّل رصيد الفساد في لبنان”.

مبدأ الزبائنية

وأكد كرم أن “تلك الوقائع الملموسة، تُثبت صحة ما تقوله “القوات اللبنانية”، عن أن لا حلول في لبنان إلا عن يد الشعب اللبناني. فلا إمكانيّة للإتّكال لا على أفرقاء في الخارج، ولا على عمل الطبقة السياسية الحاكمة الآن، ولا على انتفاضات فوضوية، بل يتوجّب علينا كشعب لبناني عَدَم الإستسلام، والوثوق بأنفسنا، والدّفع باتّجاه انتخابات نيابية مبكرة تقود الى تغيير تدريجي، تماماً كما أن الإنهيار حصل بشكل تدريجي أيضاً”.

وقال:”الـ 900 مليون دولار لن تُفيد الشعب اللبناني بشيء، تماماً مثل البطاقة التمويلية التي لا فائدة منها، إلا بتحويل اللبناني الى العيش على مبدأ الخضوع للمُعيل، ومبدأ الزبائنية، مع انعدام مفهوم الإنسانية والكرامة”.

زمن المعاناة

وشدّد كرم على أنه “مهما مُوِّلَت هذه السلطة الفاسدة المتعاونة مع اللاشرعية، ومع الدُوَيْلَة، ومهما استفادت من المفاوضات الإقليمية – الدولية الحاصلة حالياً، فإنها لن تتمكّن من بناء بلد ونظام إقتصادي مُنتِج. والمبادرة هي بيد الشعب اللبناني، ليقصّر هو زمن معاناته من خلال انتخابات نيابية مبكرة، يعرف تحديد خياراته ومستقبله من خلالها، دون أن يستبدل السلطة الفاسدة بمزيد من الفوضويين الجُدُد”.

وختم:”بعض الوجوه التي برزت ضمن انتفاضة 17 تشرين الأول، هي حضارية، وتمتلك رؤية للمستقبل. ولكن إذا لم تتضامن مع بعضها البعض، وإذا لم تضع يدها بِيَد “القوات اللبنانية”، فإن فُرَص إنقاذ الشعب اللبناني ستتقلّص. فحزب “القوات” أثبت بالملموس أنه فريق حزبي منظّم، يمتلك رؤية، ويعمل كفريق إصلاحي حقيقي سواء داخل السلطة التنفيذية، أو في المؤسّسات. وهذا هو أكثر ما يحتاجه العمل على انتشال لبنان من الانهيار”.