Site icon IMLebanon

“المفتشية العامة التربوية”: هذا يخالف مبدأ المساواة!

أبدت المفتشية العامة التربوية، استناداً إلى المادة الثانية من المرسوم الإشتراعي رقم 115 تاريخ 12/6/1959 (إنشاء التفتيش المركزي)، رأيها في النصوص القانونية التي صدرت استثنائياً لتنظيم الإمتحانات الرسمية لهذا العام الدراسي 2020-2021 وخلُصت إلى أن نتائج الإمتحانات الرسمية للشهادة المتوسطة لهذا العام الدراسي لن تختلف عن نتائج الإمتحانات المدرسية فيما لو تم تطبيق الإجراءات التي تتضمنها هذه النصوص. ورأت بالنتيجة أن إجراء هذه الإمتحانات يشكل مساساً بمصداقية الشهادة الرسمية ويخالف مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص وذلك للأسباب التالية:

أولاً : أعطت المادة الثالثة في فقرتها الثانية من المرسوم رقم 7883 تاريخ 18/6/2021 حق الترشح لإمتحانات الشهادة المتوسطة للتلميذ غير اللبناني المسجل لدى أي من المدارس الرسمية أو الخاصة وفي الصف التاسع الأساسي للعام الدراسي 2020-2021 وإن كان تسجيل غير مبرر  نتيجة عدم حيازة التلميذ غير اللبناني للمستندات الثبوتية المطلوبة أساساً للترشح/ أو لبطاقة الإقامة القانونية في لبنان.

تعليقاً على ما جاء في هذه المادة، واحتراماً لمبدأ المساواة، كان من الطبيعي أن تشمل الطالب اللبناني فيما خص عدم حيازة المستندات الثبوتية المطلوبة، وبهدف انتظام المسار التعليمي القانوني، كان من المفترض أن تشترط هذه المادة  ضم المستندات الناقصة ضمن مهلة زمنية محددة ومقبولة بعد إجراء الإمتحانات تحت طائلة إبطال النتيجة التي حصل عليها المرشّح في حال عدم استكمال المستندات المطلوبة ضمن المهلة المحددة.

ثانياً : تتضمّن المادة الثانية من المرسوم رقم 7883 تاريخ 18/6/2021 : «يستعان بأفراد الهيئتين الإدارية والتعليمية من ملاك المدارس الخاصة للقيام بأعمال المراقبة، على أن لا يترتب على وزارة التربية والتعليم العالي أي أعباء مالية جراء هذه الاستعانة. كما تضمّنت المادة الثانية من المرسوم عينه:«تؤمن كافة الاعتمادات اللازمة لإجرائها وفق القرار 462/م/2016 تاريخ 15/6/2016 (تحديد تعويضات الإمتحانات الرسمية) والقرار رقم 370/م/2019 تاريخ 3/6/2019 (تعديل القرار رقم 462/م/2016) ويستثنى منها المراقبون المستعان بهم من المدارس الخاصة.

نجد في كلتيّ المادتين عدم مساواة بين من يتشاركون نفس المهمة، فكيف يؤمن تعويض لقسم من مراقبي إمتحانات الشهادة المتوسطة (أساتذة ومعلمين من القطاع العام) دون سواهم من معلمي القطاع الخاص.

مع الإشارة إلى أن هذا العمل لا يستحق قانوناً أي تعويض، فهو من أصل وواجبات المعلّم والأستاذ الوظيفيّة  ويُنفذ ضمن الدوام الرسمي في معظم الأحيان، ما يتعارض مع البند /5/  من المادة 16 من المرسوم الاشتراعي 112/59 تاريخ 12/6/1959  ولو سلّمنا جدلاً بأحقيّة تقاضي المراقب أو أي شخص آخر تعويضاً  لقاء عمله في الإمتحانات الرسمية، فيجب أن يشمل هذا الحق جميع العاملين فيها دون تمييز.

إن عدم دفع البدل المادي للمعلمين من القطاع الخاص، المشاركين في أعمال الإمتحانات الرسمية، هو اعتراف ضمني من قبل وزارة التربية بعدم قدرة الجهاز البشري فيها على تغطية كافة أعمال الإمتحانات بالإضافة إلى العجز المادي في تغطية كافة النفقات.

ثالثاً: سمحت المادتان الأولى والثانية من المرسوم رقم 7883 تاريخ 18/6/2021 بإجراء امتحانات الشهادة المتوسطة في المدرسة الرسمية أو الخاصة التي تابع فيها التلميذ دراسته لهذا الصف، وبأن يقوم مدرسو المدرسة فيها بأعمال المراقبة، كما حددت المذكرة الإدارية رقم 27 تاريخ 22/6/2021 في الفقرة ثالثاً معايير اختيار المراقب في غرف وقاعات الإمتحان، واعتبرت الأولوية في اختيار المراقبين لإداريي المدرسة، ومن ثم مدرّسي مرحلة الروضة والحلقتين الأولى والثانية .

إن اعتماد تدابير مماثلة، سوف يؤدي إلى نتائج شبيهة بتلك الناتجة عن الإمتحانات المدرسيّة رغم اتخاذ التدابير الاحترازية للحؤول دون تعاطف الأساتذة مع تلاميذ مدرستهم ، ولحيازة غالبيتهم إجازات جامعية تمكنهم من المساعدة حتى ولو كانوا من الإداريين أو من معلمي صفوف الحلقة الثانية وما دون، كما يضرب مبدأ تكافؤ الفرص إذ إن هناك تلاميذ سيقدمون الإمتحانات ضمن بيئتهم ومدارسهم وتلاميذ آخرين سيراقبهم أساتذة من مدارس أخرى.

رابعاً: حدد التعميم رقم 28 تاريخ 22/6/2021 موعداً لاختبار تجريبي تقني مع مدراء المدارس/الثانويات الرسمية والخاصة المعتمد كمراكز للإمتحانات أو من ينتدبون عنهم، للتأكد من جهوزية المركز من الناحية التقنيّة. لكن هناك عدة تساؤلات يمكن طرحها في هذا السياق:

هل لهذا الاختبار التجريبي مهما كانت نسبة نجاحه مرتفعة، أن يضمن نتيجة مرضية في جميع المراكز أو على الأقل في غالبيتها، وفي كل أيام الإمتحانات، نظراً للأعطال التي يمكن أن تطرأ على التيار/المولد الكهربائي ، على شبكة الأنترنت، على جهاز الكمبيوتر، أو على آلة التصوير في ظل الوضع المتردّي الذي نعيشه؟

في حال مواجهة أي عائق تقني في أي مركز هل هناك إمكانية للتدخّل من الجهة المعنية بالإمتحانات الرسمية في وزارة التربية للمعالجة بالسرعة اللازمة ليصار إلى توزيع المسابقات على جميع الطلاب في نفس الوقت؟ وفي حال تعذر ذلك، هل تحافظ الإمتحانات الرسمية في ظل هذا الوضع على الشفافيّة والنزاهة والمصداقيّة وتكافؤ الفرص؟

خامساً: تضمنت المادة الثانية من المرسوم 7883 تاريخ 18/6/2021 الطلب من أفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة المساعدة في أعمال المراقبة دون وضع معايير لعملهم وآلية لمتابعة هذا العمل ومحاسبتهم عن المخالفة. هذا الأمر لا يمكن القبول به لأنه يضرب مبدأ العدالة ويؤدي إلى عدم المساواة في المسؤولية المسلكيّة.

سادساً: تضمّنت الفقرة -أ- النقطة الثانية من البند رقم /7/ من المذكرة رقم 26 تاريخ 22/6/2021 إشارة واضحة إلى إرسال المسابقات إلى رئيس المركز عبر البريد الإلكتروني قبل الإمتحان ليقوم بنفسه بتدقيقها واستنساخها لاحقاً لتوزيعها على الطلاب في الوقت المخصص لذلك. ما يتعارض مع نص المادة /15/ من المرسوم 5697 تاريخ 15/6/2001 التي تقضي بأن :« تتولى دائرة الإمتحانات طبع الأسئلة واستنساخها وتأمين وصولها إلى مراكز الإمتحانات ». كما أن تدقيق المسابقة من قبل رئيس المركز للتأكد من وضوحها، لناحية الخط والكلمات، الرموز، الصور والمستندات يفقد المسابقة طابع السريّة، ويعرّضُها لاحتمال التسريب مما يؤدي إلى الطعن بالإمتحانات.

سابعاً: لم تأتِ المراسيم والقرارات المتعلقة بتنظيم أعمال الإمتحانات الرسمية لهذا العام الدراسي على ذكر استعمال أو عدم استعمال كاميرات المراقبة التي كان لها دور كبير في ضبط الكثير من المخالفات، وما هو وضع المدارس الخاصة بالنسبة لهذا الأمر.

ثامناً: إن إبقاء التلاميذ في مدارسهم التي تصلح أن تكون مراكز إمتحانات كما ورد في المرسوم رقم 7883 تاريخ 18/6/2021 يعني زيادة كبيرة في أعداد هذه المراكز مما يضعف متابعتها من قبل التفتيش التربوي ويعرقل قيامه بأحد مهامه الأساسية لجهة مراقبة أعمال الإمتحانات الرسمية. إضافةً إلى ما يشكله من هدر في المال العام نتيجة زيادة أعداد المراكز في ظل وجود مدارس يمكن أن تستوعب عدد أكبر من المرشحين دون أن تتأثر أعمال الوقاية الصحية المطلوبة أو أعمال الرقابة على هذه الإمتحانات.

تاسعاً: في إطار متابعة المفتشية العامة التربوية للتعلم عن بعد في فترة الحجر نتيجة وباء كورونا خلال هذا العام الدراسي تبين لها أن عدداً لا يستهان به من المدارس لم تستطع تأمين التعلم عن بعد لتلاميذها لصعوبات تقنية معروفة ولعدم قدرة المعلمين والأساتذة فيها على اعتماد الطرق التعليمية المناسبة بالإضافة إلى عدم قدرتهم المادية لتأمين المستلزمات الضرورية ( كمبيوتر، اشتراك انترنت…) مما جعل الإستفادة من التعلم عن بعد متفاوتة بين مدرسة وأخرى وتلميذ وآخر مع عجز موصوف لوزارة التربية لجهة العمل على تأمين الحلول المناسبة.