Site icon IMLebanon

هكذا يواجه شبّان صيداويون الأزمة

كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:

أطبقت الازمة المعيشية والاقتصادية الخانقة مع طول أمدها، على الكثير من العائلات الصيداوية المستورة والمتعفّفة والفقيرة، واجهت تداعياتها السلبية مع اندلاعها بصبر، ولكنها اليوم باتت تفتقد كل مقومات الصمود، بعدما أكلت مدخراتها وأجبرتها على نمط جديد من الحياة لا يقوم فقط على التخلي عن الكماليات وانما غالبية الضروريات، وعلى التقشف وربط الاحزمة وعلى قاعدة “عسكري دبر حالك”.

ومع ارتفاع نسبة البطالة، تحول الكثير من ابناء المدينة عمالاً مياومين، البعض عمل على بسطات جوالة لبيع الخضار والفواكه، البعض الآخر اضطر الى جمع الخردة وبيعها، والبعض الثالث “دليفري”، وقلة حافظوا على مهنتهم وحاولوا زيادة ساعات العمل لتلبية احتياجات عائلاتهم مع الغلاء وارتفاع الاسعار ارتباطاً بإنهيار قيمة العملة الوطنية.

الصيداوي عمر ارناؤوط واحد من هؤلاء، حافظ على مهنة بيع الشراب من جلاب وتمر هندي وعرق السوس، وضاعف من ساعات عمله واضطر الى اعتماد بسطة جوالة يستقر بها ظهر كل يوم عند ساحة النجمة وسط المدينة، ينادي على شرابه البارد ويساعده في كسب قوت يومه، إرث العائلة المشهور “الحنون” في صناعة الشراب الذي يزداد عليه الطلب في شهر رمضان المبارك.

يقول ارناؤوط لـ”نداء الوطن”: “الازمة الاقتصادية والمعيشية غيرت مفهوم الناس الى الحياة والعمل معاً، من يملك مهنة مهما كانت تمسّك بأسنانه بها ليؤمن لقمة عيش حلال، فالوظيفة والعمل في اي محل لم يعد يغني او يسمن من جوع، ويشعر الانسان انه مهدد بمصيره ومستقبل اولاده”، قبل ان يضيف: “الحمد لله، ورثت المهنة عن والدي منذ صغري، متزوج ولديّ ولدان، ومنزلي بالايجار، كان علي مضاعفة ساعات العمل والقيام بخطوة الى الامام، وها انا ابيع شراب تمر الهندي والجلاب وعرق السوق على هذه العربة الجوالة كل يوم، حتى استر نفسي وعائلتي”.

ويؤكد ارناؤوط ان “هذا الشراب مطلوب بشكل كبير في شهر رمضان المبارك، وفي فصل الصيف حيث ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة، والذي يقصد المدينة واسواقها التجارية للتسوق، غالباً ما يتوقف ليطفئ عطشه بكوب من هذا الشراب اللذيذ”، موضحاً انه يبيع القنينة الواحدة بـ15 ألف ليرة لبنانية، والكباية الصغيرة بـ4 آلاف والكبيرة بـ5 آلاف، وهي مقبولة قياساً على الغلاء وسعر اي نوع آخر من الشراب وحتى قنينة المياه المعدنية، الناس باتت تفضل ان تشرب كوباً بارداً”. ويوزّع ارناؤوط وقته بين إعداد الشراب صباحاً وبين بيعه على العربة ظهراً، ويبقى حتى ساعات المساء حيث تخفّ الحركة مع اقفال الاسواق وعودة الناس الى منازلها، مشدداً على ان “الحياة باتت صعبة ولكن يجب ألا نستسلم، مرحلة صعبة ستمر ولكنها كشفت الكثير من الناس على حقيقتها”.

وعلى شاكلة ارناؤوط، يكافح الكثير من الشباب الصيداوي الذي لم يستسلم لليأس والهجرة، مع استفحال الازمة المعيشية بالبحث عن سبل مختلفة للعمل وكسب مصروفهم وعائلاتهم، وبدأت تنتشر في المدينة ظاهرة البيع على بسطات ثابتة او نقالة، لكل شيء موسمي، التين والصبار، عصير الليمون والجزر، الخضار والفواكه، حتى المحارم والمنظفات، او البطاطا والبصل وسواها، مما تؤمن العيش الكريم. ويقول نادر عامل الـ”دليفري” لـ نداء الوطن”: “قررت شراء دراجة كهربائية والعمل في توصيل الطلبات، متعاون مع احد المطاعم صباحاً ومع الناس مباشرة بعد الظهر، اذا اراد احد شراء شيء وتوصيله افعل ذلك مقابل مبلغ سبعة آلاف ليرة لبنانية، يبقى اوفر من التاكسي واسرع، وقد بات لدي عدد من الزبائن والعمل بأي طريقة حلال افضل من البطالة”.