Site icon IMLebanon

سعيد: ماذا يفعل الإيرانيون في أفقا ولاسا؟

كتب رولان خاطر في “الجمهورية”: 

دخل 14 تشرين الأول في روزنامة التواريخ المفصلية في الحياة السياسية اللبنانية، ومن المؤكد أن معادلاتها ستظهر تباعاً في الأيام والمراحل المقبلة.

لا نهائيات في لبنان. بمعنى لا انتصار لـ»حزب الله» أو مشروعه في لبنان، وفي الوقت نفسه لا قدرة للبنانيين اليوم للانتصار على «حزب الله»، إذ انّ الحزب من خلال افتعال أحداث الطيونة، وهو المسؤول عن هذه الحادثة، بحسب ما يؤكد النائب السابق فارس سعيد، «حاولَ خَلق توازن بين مسارح التحقيق. أراد تعطيل التحقيق في موضوع المرفأ، ربما لأنّ مسؤوليته واضحة لدى القضاء، فافتعل مسرحاً جديداً في الطيونة، محاولاً خلق معادلة متبادلة، أي، تحقيق مقابل تحقيق، ومذكّرة توقيف مقابل مذكرة توقيف، من أجل إيجاد معادلة تفرض على اللبنانيين المساواة والمقايضة وتدوير الزوايا. وهو أمر شاذ ومرفوض، ودليل ضعف من قبل الحزب، فيما المطلوب رفع اليد عن القضاء».

ويعتبر رئيس لقاء «سيدة الجبل»، أن «حزب الله» خسر مصداقيته بشكل كبير في الطيونة، وبات لدى الرأي العام اللبناني عموماً والمسيحي خصوصاً، عامل ربط بين الأزمات الأمنية والمعيشية والاقتصادية والمصرفية ووضع «حزب الله» يده على مقدرات الدولة في لبنان».

دور الجيش

ويؤكد أن «الحزب هو الذي اعتدى على الأحياء الآمنة، وأهالي هذه الأحياء دافعت عن نفسها. بالموازاة أدى الجيش اللبناني دوراً أساسياً من أجل حماية هذه الأحياء ووضع حدّ لهذا الاعتداء».

ويضيف: «اذا ربطنا أحداث الطيونة بمحاولة الحزب تعطيل التحقيق بشأن المرفأ، فإنّ الاصطدام مع الجيش له بُعد أوسع. من هنا الحملة التي شُنّت من بيئة «حزب الله» على الجيش». ويقول سعيد: «وَقفة معَلّم على معلّم صعبة»، بمعنى أن تتساكَن قوتان عسكريتان في جمهورية واحدة وفي دولة واحدة، أمر صعب، ويخلق حساسيات، من الطبيعي أن تكون موجودة بين الجيش اللبناني الذي يمثّل جميع اللبنانيين ويخضع لقوانين الدولة اللبنانية والدستور، وبين تنظيم يأخذ أوامره من خارج لبنان، ويتصرف على قاعدة المصلحة فوق الوطنية».

بالموازاة، ينظر «حزب الله» إلى أحداث المنطقة بعين القلق وهو يحاول أن يعوّض أي خسارة له في المنطقة، في حال تحوّل الى ورقة تفاوض على طاولة الحوار الأميركية الإيرانية، والسعودية الإيرانية، فيحاول الحصول على ضمانات أمنية وعسكرية. وهو يرى ان المؤسسة العسكرية لم تُعطه بعد الضمانات المطلوبة، لذلك يحاول من خلال هذه المواجهة اللفظية ضد الجيش ان ينتزع منه ضمانات في حال انقلبت الأوضاع رأساً على عقب في المنطقة».

ويوضح سعيد أنّ «حزب الله» يرى أن «الولايات المتحدة تدعم المؤسسة العسكرية، وهو يخاف من تعاظم نفوذ واشنطن ودوائر القرار الخارجية داخل الجيش وأن يتحول في هذه اللحظة المفصلية من المنطقة ومن لبنان إلى مكان لتَصارع النفوذ. لذلك، الوقوف خلف الجيش واجب وطني من أجل الحفاظ على وحدته كمؤسسة، وبالتالي، هي لحظة التضامن مع الجيش».

أحداث الطيونة، قد يكون لها قراءتها الاقليمية، إنما بعيداً عن مسألة الانتخابات النيابية، فـ»حزب الله»، برأي سعيد «لا يخاف من الانتخابات، لأنه يملك القدرة على إلغاء نتائجها من خلال السلاح، وهذا ما حصل في الـ2005 والـ2009 والـ2018. وربط أحداث الطيونة بأحداث المنطقة قد يكون فيه شيء من الحقيقة، خصوصاً أن إيران في لحظة التفاوض مع السعوديين ومع الأميركيين قد تقود عملية تسخين في المنطقة، في اليمن وفي سوريا وايضاً في بيروت».

في الموازاة، يعتبر سعيد أنّ «أحداث عين الرمانة أثبتت أن الحزب هو بمواجهة جميع اللبنانيين، وأنّ المسيحيين ليسوا حلفاء «حزب الله»، ولم يستطع الرئيس عون تأمين الغطاء له. ولو كان هناك رئيس في بعبدا لكان استطاع ان يقنع الوزير محمد مرتضى الذي حمل وجهة نظر «حزب الله» إلى داخل مجلس الوزراء قبل يومين من قوع أحداث الطيونة، لكن هذا الرئيس، الذي أتى على قاعدة انّ صداقته مع الحزب ستحافظ على السلم الاهلي، غيابه سمح بحصول أحداث الخميس الفائت، وهو يتحمل مسؤولية سفك الدماء في عين الرمانة».

قضائياً، يرى سعيد أنّ «هناك محاولة لوضع يد سياسية على القضاء اللبناني، وهذا يُفسد الشراكة الوطنية، لأنه أمر مخالف للدستور الذي يتحدث عن فصل السلطات وليس عن دمجها، أو عن وضع يد تنظيم مسلح على السلطات القضائية. وبالتالي، فإنّ تحرير القضاء اللبناني هو عملية متكاملة لا علاقة بالقضاء بها كمؤسسة إنما بالوضع السياسي العام، إذ لا يمكن إصلاح القضاء اذا كان الحزب يستمر في إفساد الشراكة الوطنية والعيش المشترك من خلال فَرض وجهة نظره وتوظيف قدرته العسكرية والأمنية والسياسية كمشروع غلبة على سائر اللبنانيين، ومن ضمنهم القضاة».

وعن إمكانية العودة إلى فتح ملفات استنسابية على غرار الـ1994، يقول سعيد: «هناك دائماً تخوّف من أن يدفع أحد في لبنان ثمن التسويات الكبرى في لحظة تحولات كبرى. ونخشى، برأيي، ان يدفع الثمن، أطراف، هي ضعيفة في المعادلة الوطنية والاقليمية».

ويضيف: «حتى ولو كان هناك بروز لعلامات ضعف لدى القيادات السنيّة السياسية، إنما لا يمكن أن تحصل تسوية في المنطقة لا تأخذ بالاعتبار وجود غالبية سنّية في المنطقة، في حين أنّ هذه التسويات قد تحصل وتُشطب فيها طوائف ومصالح كبرى، من هنا الخشية أن يدفع المسيحيون ثمناً هم ليسوا مسؤولين عن اي خللٍ فيه. من هنا، اتهام «القوات» بأنها افتعلت مشكل عين الرمانة لا يستقيم وهو مَشبوه».

واعتبر ان «لا خلاص لنا كمسيحيين ومسلمين إلا من خلال العودة والدفاع عن الدستور. محاربة «حزب الله» تكون على قاعدة إعادة نسج العلاقات الوطنية مع القيادات الاسلامية من خلال الدفاع عن وثيقة الوفاق الوطني والطائف وقرارات الشرعية العربية والدولية. لذلك، على سمير جعجع وسعد الحريري ووليد جنبلاط العودة إلى اتفاق الطائف، الذي يعطي القدرة والمجال لمواجهة الحزب».

موقف الراعي

سعيد الذي يشدّد على أنه ليس في موقع إعطاء النصائح لبكركي، يُلمّح إلى ضرورة أن تخرج بكركي، التي تعتبر مرجعية وطنية لكل اللبنانيين وليس للموارنة فقط كما تمثّل الضمير الحقيقي للمصلحة اللبنانية اليوم وغداً وبعد غد، من الخطاب التقليدي والخوف من مطالبة الرئيس الماروني بالاستقالة إلى خطوات إنقاذية جريئة، لأنّ «الاستمرار بالاعتراض من دون أي تدابير فعلية لن يؤدي إلا إلى مزيد من تردي الأوضاع».

ويقول: «ليس هناك رئيس في بعبدا، من يريد وضع حد لتجاوزات «حزب الله» الأمنية أو العسكرية أو السياسية عليه أن يَملأ فراغ بعبدا. لو كان في بعبدا رئيس لما حصلت أحداث الطيونة، ولما أخذ التحقيق في موضوع انفجار المرفأ هذا المنحى الانقسامي. يجب أن نتساعَد جميعاً لملء هذا الفراغ على المستوى الرئاسي أو ان يستقيل رئيس الجمهورية ونذهب إلى تسوية رئاسية او انتخاب رئاسي جديد. إنّ الاعتراض على «حزب الله» وسلوكه واعتدائه على الأحياء الآمنة يبدأ بالمطالبة باستقالة رئيس الجمهورية».

ويضيف: «على المرجعيات المارونية، ومن ضمنها «القوات اللبنانية»، أن تدرك أن الفراغ الموجود في بعبدا هو الذي يؤدي وسيؤدي إلى إعطاء «حزب الله» القوة والقدرة على استباحة كل شيء، لأن هذا الرئيس الذي يقسم على الدستور، هو الذي يؤمّن الغطاء الدستوري والمعنوي والسياسي والماروني لسلاح غير شرعي».

ويوضح أن «عملية انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان لم تكن يوماً عملية احتساب أصوات في مجلس النواب، إنما تخضع لموازين قوى وطنية وإقليمية ودولية. وفي لحظة التحولات الكبرى في المنطقة لا يمكن لإيران أن تفرض رئيساً يشبه ميشال عون في لبنان». ويشير سعيد إلى أنّ «الدليل على أن الانتخابات الرئاسية ليست عملية احتساب أصوات نواب، المجلس النيابي الذي انتخَب بشير الجميل في العام 1982 هو نفسه الذي انتخب الياس الهراوي ورينه معوض في العام 1989، في ظروف مختلفة».

وفي هذا السياق، دعا سعيد القيادات المارونية والسُنيّة والدرزية إلى أن يقودوا عملية حوار في ما بينهم، وينظموا علاقاتهم على قاعدة المصلحة الوطنية.

خطاب نصرالله

وعَلّق على خطاب السيد حسن نصرالله ضد «القوات اللبنانية»، معتبراً انه تكلّم انطلاقاً ممّا أسمّيه «الحَول السياسي». هو وجّهَ الكلام إلى «القوات» كي تسمع قيادة الجيش. كما أن الادعاء أنه حمى المسيحيين أمر مُستفز، فهو يحتمي بالمسيحيين ولا يحميهم. أما الحديث عن الـ100 ألف مقاتل، فهي رسالة من نصرالله إلى طاولات الحوار في المنطقة التي تتحاوَر حول إعادة ترتيب المنطقة وفق لموازين قوى معينة»، بحسب سعيد.

وفي حين يجدّد سعيد تأكيد اتهام الحزب بتورّطه في انفجار مرفأ بيروت، يُثني على أداء القاضي طارق البيطار، ويقول: «لا معطيات قانونية لديّ حول مسار القضية، ولا اطلاع لديّ على ما اذا كان هناك ثغرات في الملف القضائي، لكن هذا الهجوم على البيطار يجعلني بشكل عفوي أتضامن معه».

إيران في أفقا ولاسا

وبعيداً عن أحداث الطيونة وتطورات الداخل الأخيرة، شوهِدت سيارات تابعة للسفارة الإيرانية في بلدة أفقا المجاورة لبلدتي قرطبا والعاقورة، مع عناصر إيرانية يرافقها مترجم، يتحدثون إلى الأهالي والمخاتير لتوزيع مازوت ومولدات كهرباء، وسط مواكبة أمنية من قوى الأمن الداخلي في هذه الجولة. وفي الإطار، يقول سعيد: «لا نُمانع أن تجول السفارة الايرانية على القرى التي تراها مناسبة، إنما نُنبّه لأن تكون هذه الخدمات الاجتماعية مقدّمة لأن ننتقل في مرحلة أخرى إلى مُعطَى أمني، إذ انهم كانوا يستطيعون أن يوزّعوا المازوت ومولدات الكهرباء بواسطة حلفائهم في المنطقة. لذا، فإن هذا الظهور العلني لإيرانيين في المنطقة، هو إمّا يأتي ظهوراً موازياً لما تقوم به السفيرة الأميركية في بعض المناطق من نشاطات ودعم، أو هناك سبب آخر، من حقّنا أن نسأل عنه».

سعيد يختم كلامه بالتأكيد ّأنّ «التجربة اللبنانية غير مهددة. لبنان أقوى من الجميع. مَرّ الكثيرون عليه، من أبو عمار، إلى آرييل شارون، إلى حافظ وبشار الأسد ولم يصمدوا. كذلك، فإن إيران أيضاً لن تصمد في لبنان