Site icon IMLebanon

القاضية عون… تحركات إعلامية – إعلانية وترويجية – شعبوية

جاء في “أخبار اليوم”:

قرارات مدعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون وحركاتها الاعلامية والاعلانية والترويجية والشعبوية، وضعت القضاء تحت المجهر ودفعت الى طرح العديد من التساؤلات خصوصا بعدما لم يعد خفيا ان قراراتها ومذكراتها تنطلق من مسوغات سياسية خلفيتها انتخابية انتقامية… ومحاولة خلق “كبش فداء” يتحمل ممارسات السياسيين ويفتديهم …

والجميع يعلم ان حاكم مصرف لبنان ليس مسؤولا عن “خراب البصرة”… واذا سملنا جدلا انه مرتكب كما يدعي مقدموا الدعاوى ومن خلفهم فانه ليس الوحيد، بل يمكن فتح الكثير من الملفات التي لا تؤثر على سمعة لبنان ولا تؤدي الى تدهور الثقة به، بدءا من “مغارة الكهرباء” وصولا الى مجالس الهدر والفساد والسرقات الموصوفة.

الاسئلة توجه اولا الى الحكومة التي تضم قضاة: هل ان ما تقوم به القاضية عون من عرضات اعلامية هو صحيح؟ هل قام القضاة الموجودون اليوم الى طاولة مجلس الوزراء سابقا بنفس الممارسات؟ ماذا عن تسريبات المحاضر؟ اين وزير العدل، الذي يحق له ان يحول اي قاض الى التفتيش؟؟؟

واستطرادا: هل المشكلة في القضاء كمؤسسة؟ ام شبهات عدة تدور حول المؤسسة القضائية لان هناك قاضية تغرد خارج السرب لا احد يوقفها او يضعها عند حدها؟!

من حيث الشكل، يشرح مرجع فقهي قانوني، انه لا يمكن محاسبة قاضٍ في عمله القضائي الا وفق الاصول القضائية، الا اذا خالف في تصرفاته ما يعرف بـ Obligation de réserve اي موجب التخصص اي الارتباط بين طبيعة عمله كقاض وشخصيته ونظرة الناس اليه. وبالتالي على القاضي ان يمتنع عن المجاهرة بما سيقوم به، بما يزرع الشك عند الناس حول تجرده، بمعنى آخر لا يجوز للقاضي ان يمزج بين ارائه الخاصة وارائه المستندة الى القانون كقاض، كما لا يجوز له ان يعلق على اي قرار اصدره لان هذا القرار اذا كان صائبا او خاطئا سيصبح موضع اخذ ورد، ولا يجوز ايضا ان يروج او ان يسوّق لقراراته، وبالتالي ممنوع على القاضي ان يخرج عن المألوف في التصريح، فهذا يعرض صورة القضاء ككل.

انطلاقا من هذه القواعد: هل تصرفات القاضية عون تظهر انها على الحياد؟ هل يجوز ان تعلن في تصريح تلفزيوني انها “بصدد الإدعاء على اللواء عماد عثمان”؟ في حين كان يفترض بها ان تمتنع عن هذه المجاهرة التي تركت الشك عند الناس انها ليست مجرّدة. خصوصا انه يُمنع على القاضي ان يسوّق لنفسه بين العموم.

وردا على سؤال، قال المرجع: كل هذه المخالفات تتعلق بصلب عمل القاضي، وتعرّض القضاء ككل لجهة هيبته وتجرده، لذا كان يفترض بالتفتيش القضائي برئاسة القاضي بركان سعد، التحرك عفوا.

وهنا ذكر المصدر ان النصوص التي تشير الى ان اي ارتكاب يقوم به القاضي يسمى خطأ مسلكيا، وعلى التفتيش ان يتحقق ما اذا كان هذا الخطأ متعمد او عن غير قصد. وفي الحالتين هناك عقوبة مسلكية، ولكن اذا تبين للتفتيش ان هناك جرما فيحول القاضي الى النيابة العامة.

واذ كرر السؤال: اين التفتيش القضائي؟ قال المرجع: عندما لا يتحرك التفتيش هناك مسؤولية على مجلس القضاء الاعلى مجتمعا، فاين هو؟ علما انه امام الضجة والفوضى الحاصلة وجب عليه ان يصدر بيانا يؤكد فيه امرا من اثنين: اما ما تقوم به عون اجراءات سليمة او انها ترتكب مخالفة.

اما في المضمون، فيتحدث المرجع عن “الاختصاص”، موضحا مصرف لبنان يقع جغرافيا في بيروت، وكونه مؤسسة مصرفية، فان الملاحقة تكون باتجاه مركزه الرئيسي، اي مركز العمل الرئيسي ومكان وجود سلامة هو في بيروت، وبالتالي القضية يجب ان تكون من اختصاص مدعي عام بيروت (رجا حاموش) او المدعي العام المالي علي ابراهيم الذي صلاحيته تشمل كل الاراضي اللبنانية (لان الاتهامات الموجهة الى سلامة تتعلق بالجرائم المالية).

وردا على سؤال، يلفت المرجع الفقهي الى انه حتى لو كانت الدعوى قد قدمت امام مدعي عام جبل لبنان، فان العمليات المصرفية المشكو منها حصلت نتيجة اعمال حاكم مصرف لبنان في بيروت، وكان يفترض بغادة عون ان تحيل الملف الى الاختصاص المكاني الى النائب العام التمييزي او النائب العام المالي او النائب العام في بيروت، موضحا ان “جرائم” حاكم مصرف لبنان –اذا كان مرتكبا- ليست جرائم شخصية كي يلاحق في مقر اقامته، بل هي ناتجة عن عمله وعن قرارات يتخذها داخل مصرف لبنان في مركزه الاساسي.

وفي سياق متصل، يحذر المرجع من ان التعرض الى حاكم مصرف لبنان له تداعيات على كل لبنان، من وقف المصارف المراسلة تعاملاتها مع لبنان الى سعر صرف العملة الوطنية… وهذا ما يندرج في خانة الامن القومي، اي كل ما يتعرض لحياة القوم اجتماعيا امنيا وماليا، من هذا المنطلف فان تصرفات القاضية عون تستدعي عرضها على مجلس الوزراء الذي يستطيع ان يتخذ القرار المناسب لوضع حدا لها، ويطلب من وزير العدل التحرك كون القاضية تخالف الاختصاص المكاني وتقوم بالتعرض لحاكم المركزي، والامر الذي له تداعيات على سعر صرف الليرة.

الى ذلك لاحظ المرجع ان القاضية عون التي استدعت رياض سلامة من اجل الاستماع اليه، اعلنت انها ستوقفه، وبالتالي هي لا تستدعيه كي تكشف الحقيقة بل لتوقيفه، لا يمكن لاي شخص -حتى ولو كان بريئا- ان يقبل بان يتم توقيفه، وبالتالي نعود هنا الى صدقية العمل القضائي وهيبته، خصوصا وانه تم الاستماع سابقا الى سلامة فلم يستجد اي وقائع تجعل القاضية تتخذ قرارا بالاحضار.

ويختم المرجع: على اي قاض قبل اتخاذ اي قرار ان يقدّر تداعياته… فهل سألت القاضية عون نفسها ماذا اذا كانت قراراتها ستؤدي الى كارثة؟