Site icon IMLebanon

أنصار تودّع ضحايا جريمة السفّاح فيّاض وتطالب “أعدموه”

كتبت رنا جوني في “نداء الوطن”:

عن سابق إصرار وتصميم، رمى حسين فيّاض تالا، منال، باسمة وريما بالرصاص من سلاح صيد بعد يوم واحد من اختفائهنّ في الثاني من آذار بحسب بيان الطبيب الشرعي، الذي دحض فرضية قتلهنّ للاتجار بالأعضاء، مؤكداً أن القتل كان من مسافة قريبة جداً بالرأس والصدر، ما يعني أن القتل كان عمداً ولكن ما السبب، لماذا أقدم على هكذا جريمة؟

بالطبع البحث عن خيوط الجريمة والقطبة المخفية فيها شغلت الرأي العام اللبناني كلّه، فلم تسجّل جريمة مماثلة في الجنوب سابقاً، إلّا إذا كان المجرم مثخناً بالأفكار التطرفية والداعشية، إذ لا يوجد سبب منطقي للجريمة غيره، لأنه وفق اعترافه بأنه قتلهنّ لأن تالا التي تربطه بها علاقة عاطفية تركته وتعرفت إلى آخر لا يعطيه مبرراً لا لقتلها ولا لقتل أمّها وأخواتها، فهذه الفرضية لم تقنع المحققين الذين يستغربون برودة أعصابه وتعاطيه مع القضية بلا مبالاة وكأن شيئاً لم يحدث ولم تلوّث يداه بدم 4 بريئات قتلهنّ فقط لأنه قرّر ذلك بالتواطؤ مع السوري الغنوش.

ما زالت أنصار في حالة صدمة، فهي لم تستوعب الجريمة التي بقيت غامضة 23 يوماً رغم ادّعاء المختار زكريا صفاوي بشكوى لدى القضاء المختص إلّا أنّ الملف أقفل من قبل مدعي عام الجنوب غادة ابو علوان، دون أسباب منطقية وسجّلت القضية تحت عنوان «هروب». غير أن مخابرات الجيش أثارها الأمر وأعادت فتح التحقيق، لا سيّما أن فياض غيّر أقواله مرّات عدّة، وما أثار الشبهة حوله أنه أنكر مشاهدته العائلة رغم وجود شهود، ومغادرته فجأة إلى سوريا ثم عودته، كلّها عناصر دفعت بالمخابرات للتوسّع بالتحقيق الذي أدّى إلى اعتراف فيّاض بجريمته وأنه استدرجهنّ إلى المغارة وقتلهنّ هناك.

حتى الساعة لا حقيقة مؤكّدة سوى أنه اعترف بجريمته وكيف خطّط ونفّذ واستدرج الفتيات والأمّ إلى عشاء وهميّ انتهى بجريمة القتل. داخل مغارة تقع في أحد البساتين التابعة لعمّه بين أنصار والزرارية، والتي كان يتردّد عليها بشكل دائم، فهو يعرف بانطوائه وبحثه الدائم عن الآثار وهي العلاقة التي تجمعه مع السوري، شريكه في الجريمة.

حتّى الساعة لم تُقنع اعترافاته المحققين بأنها «قضية شرف» فإذا كان على خلاف مع البنت التي يحبّها ما ذنب باقي العائلة، لماذا يقتلهنّ؟ أم أنه ينتقم لرجوليته؟ بالطبع السبب المعلن لا يعطي دافعاً لجريمة كهذه، حتماً هناك أسباب أكبر ولا يمكن لأحد أن يغفل دور السوري وما علاقته بالجريمة وما هذا التواطؤ؟ هل هما شريكان في التنقيب عن الآثار وهل هناك تبادل مصالح؟

وفق المعلومات، فإن فيّاض إستأجر السيارة التي يقودها من نوع سوبر شارج لمدة خمس سنوات، وهو أمر مستغرب للعائلة والبلدة في آن، إضافة إلى أنه وبحسب معلومات أمنية فقد أعطى أحد شبان البلدة حبّة مخدّرة أدّت إلى نومه يوماً كاملاً وهو ما دفع بالتحقيقات للاتجاه ناحية المخدّرات وارتباطها بالجريمة، وأنه قد يكون قد وضع حبّات مماثلة لباسمة وبناتها قبل إعدامهنّ بالرصاص نهاراً داخل المغارة حيث عثر على جثثهنّ، وتستبعد المعلومات أن يكون الدافع للجريمة «انتقام شرف» لأنه لا يتقاطع مع خيوط الجريمة التي دبّر كلّ تفاصيلها وبدقة قبل يوم ونفّذها في الثاني من آذار عبر استدراج العائلة لتناول «السندويش» ومن ثم التوجّه إلى مكان الجريمة.

إعترف فيّاض بجرمه وتحدّث عن كلّ التفاصيل كيف فكّر وخطّط ودبّر ونفّذ وأنه تواطأ مع السوري المتواري الغنوش ولكنّه لم يعترف بالسبب الحقيقي حتى الساعة، وما يثير الريبة أن فيّاض يتعامل ببرودة أعصاب مع التحقيق ولم ينهَر أو يبكي، بقي صلباً وهذا ما أثار استغراب المحققين أيضاً.

وفيما تتواصل أعمال التحقيق مع المجرم حسين فيّاض لدى فرع المعلومات، كانت أنصار تشيّع ضحاياها في مأتم حاشد، وسط مطالبة واسعة بإنزال حكم الإعدام في ساحة أنصار بمرتكبي الجريمة للقضاء على الفكر التطرفي المستجدّ والذي يفتح الملفات المعلّقة لاختفاء 16 فتاة خلال الفترة الماضية.

متنقّلاً بين بناته تالا، منال وريما كان المختار زكريا صفاوي يطالب العدالة بإنزال أقصى العقوبة بالسفّاح حسين فيّاض الذي قتل بناته وطليقته بدم بارد، فهو حضّر لجريمته بكلّ دقة، حفر القبور لهن داخل المغارة الواقعة بين أنصار والزرارية حيث كان يتّخذها مركزاً له للبحث عن الآثار، لا مبرّر لجريمته، ولا يوجد سبب مقنع لسفك دماء أربع بريئات، سوى أنه «سفّاح بهيئة إنسان».

وسط حالة ذهول وحزن وصدمة، كان أهالي أنصار يشيّعون باسمة عباس وبناتها الثلاث إلى مثواهنّ الأخير، وسط سيطرة حالة من التساؤل على الجميع «ما السبب وراء الجريمة، وهل من دافع للأمر؟»، فلا جواب مقنعاً حتى الساعة.

فالسفّاح وفق ما يردّده أبناء أنصار نفّذ جريمته بدم بارد، قضى على أحلام الفتيات لأسباب مجهولة حتى الساعة، فسير التحقيقات يتّخذ منحى آخر بعد تحول الملف من مخابرات الجيش إلى فرع المعلومات التي من المتوقع أن تنهي التحقيقات مع المجرم حسين فيّاض اليوم الاثنين وفق ما يؤكّده المحامي حسن بزي الذي أكد أن لا دوافع منطقية للجريمة، وأن السفّاح يفترض إعدامه، لافتاً إلى أن الاعترافات الأولية التي أدلى بها « تافهة» وليست الحقيقة، رغم أنه اعترف بالجريمة بكل تفاصيلها» وكشف بزي أنه بصدد رفع دعوى لتصحيح القضاء الذي تقاعس عن متابعة قضية بهذا الحجم منذ البداية».

بالعلم اللبناني سار موكب التشييع باتجاه جبانة البلدة، وحده حديثهم «أعدموا السفّاح» كان سيداً فالكل يطالب الدولة اللبنانية باتخاذ هذا القرار كي لا تتكرّر الجرائم. وهذا ما ركّز عليه أبو أحمد صفاوي الذي تحدث باسم العائلة.

ماذا بعد جريمة أنصار التي هزّت الرأي العام اللبناني وهل الأمن الاجتماعي في خطر؟

لم تتّضح خيوط الجريمة ودوافعها حتى الساعة، غير أن الفكر التطرّفي يغلب عليها، ولا يغيب الفكر والتصرف الداعشي عنها، والذي يؤسس لمرحلة خطيرة تهدد الأمن الاجتماعي، لأن ما حصل أكبر من جريمة وأخطر من قتل بدم بارد، إنّه التحول الخطير بالجريمة، التي هزّت الرأي العام الذي يدور في فلك البحث عن الدوافع الجرمية دون أن يخلص إلى أي نتيجة سوى أنها جريمة داعشية تتطلب قراراً جريئاً بإعدام الفاعلين.

وفي اعترافاته يؤكد أنه أطلق النار على الفتيات والأم ثم تراجع عن أقواله مدّعياً أن السوري هو من أطلق النار مباشرة، بطبيعة الحال هذه الجريمة أشبه بجرائم داعش التي نفّذوها في القرى التي سيطروا عليها، وهي أشبه بفيلم «أكشن» خطير بدأ يهدد الأمن المجتمعي داخل القرى، لا سيّما أنّ انتشار تفكير مماثل يعني انتشار حالات القتل ولا تستبعد مصادر مطلعة أن تكون الفتيات اللواتي فقدن قد جرت تصفيتهن بالأسلوب نفسه لأسباب غير مقنعة.