جاء في “نداء الوطن”:
“لا أولوية تعلو على أولوية الرئيس” لدى بكركي، و”لا أولوية تعلو على أولوية السلاح” لدى حارة حريك… بهذا الاختصار يمكن اختزال تناقضات مشهدية الأمس بين المعايير الوطنية والدستورية التي رسمها مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان برئاسة البطريرك الماروني بشارة الراعي للاستحقاق الرئاسي، وبين الأبعاد الفئوية والحزبية التي وضعها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله كشرط موجب لإنجاز الاستحقاق مهما طال أمد الشغور.
فعلى دارج العادة عند كل استحقاق دستوري مفصلي على صلة مباشرة بمحاولات إعادة تكوين السلطة واستنهاض مؤسسات الدولة، يبادر “حزب الله” إلى إعلاء مصلحة سلاحه على رأس المصالح الوطنية تحت طائل تعطيل الاستحقاقات ورشق عموم اللبنانيين بوابل من اتهامات العمالة والتخوين والتآمر والائتمار بأوامر السفارات والدول الغربية، إلى درجة لم يتوانَ معها أمس عن التشهير بالمواطنين الذين دفعهم الجوع والعوز إلى الانتفاض على منظومة الفساد التي يرعاها “حزب الله” في سدة السلطة، باعتبار أنّ ثورة 17 تشرين هي من صنيعة “الطاعون” الأميركي بنظر نصرالله الذي تفاخر في إطلالته المتلفزة بأنّ “حزب الله” كان وراء قمع هذه الثورة والتصدي لها عام 2019 بوصفها كناية عن “فوضى زرعت لعنتها الولايات المتحدة” في لبنان.
وبعدما استفزّ كلام الأمين العام لـ”حزب الله” التخويني شرائح واسعة من المواطنين الثائرين على فساد الطبقة الحاكمة، سارع النائب ابراهيم منيمنة إلى أن يعكس هذا الامتعاض الشعبي بتغريدة عنيفة ردّ فيها على نصرالله متوجهاً إليه مباشرة بالقول: “من قوّض الدولة يا سيّد هو من استعمل سلاحه في الداخل وفي المنطقة، وهو من ترك الحدود سائبة، وهو من عطّل الاستحقاقات الدستورية من الانتخابات الرئاسية إلى تأليف الحكومات، وهو من حمى المصارف والفاسدين في الدولة، ومن قوّض الدولة يا سيّد هي معادلة سلاحكم مقابل فسادهم، وارتهانكم كلكن يعني كلكن لأجندات ومشاريع خارجية، أما 17 تشرين فسيبقى يوماً مجيداً لحالة وطنية عابرة للطوائف”.
وعلى قاعدة معادلة “السلاح مقابل الفساد”، أتت مقاربة نصرالله للملف الرئاسي من زاوية استحضار هواجس “المقاومة” للاتكاء عليها في معرض تبرير ضرورة بقاء سلاح “حزب الله” خارج إطار الدولة، واضعاً من هذا المنطلق “مواصفات الحد الأدنى” الواجب توافرها في أي مرشح رئاسي لكي يستطيع الوصول إلى قصر بعبدا، فشدد باختصار شديد على ضرورة أن يكون الرئيس المقبل للجمهورية ضامناً و”مطمئناً للمقاومة” على صورة مستنسخة عن كل من الرئيسين السابقين إميل لحود وميشال عون.