Site icon IMLebanon

نرفض جرّ إيران لكن لبنان مجرور!

كتب طوني فرنسيس في “نداء الوطن”:

تقف غالبية اللبنانيين، أفراداً وجماعات، إلى جانب حق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه. وتتعاطف الغالبية منهم، أو كلهم، مع أهالي قطاع غزة في محنة القتل والتهجير والدمار التي يفرضها عليهم التوحش الإسرائيلي المدعوم من قبل أقوى قوى الكرة الأرضية.

وليس في موقف جمهور اللبنانيين هذا ما يفاجئ أو يثير العجب. فاللبنانيون، من دون توجيه من أحد، لا من ديكتاتور متسلق على ظهر القضية، ولا من رجل سياسة يبيع ويشتري أو رجل دين يخلط دينه بدنياه، كانوا دوماً إلى جانب فلسطين. وبينهم، من مفكريهم وسياسييهم، قبل الاستقلال وبعده، ومنذ انطلاقة الحركة الصهيونية، من كانوا سبّاقين إلى التحذير من مخاطر هذه الحركة على فلسطين خصوصاً ومحيطها العربي عموماً. ولا حاجة لذكر أسماء تمتد من سليم خيّاطة في الثلاثينات إلى ميشال شيحا وشارك مالك وغيرهم وصولاً إلى زمننا الراهن.

الخلاف اللبناني- الفلسطيني الوحيد دبَّ عندما تحوّلت منظمة التحرير إلى دولة داخل الدولة في لبنان، فدخل لبنان في حروب بلغ تعداد ضحاياها ما يفوق تعداد كل الضحايا في الحروب العربية – الإسرائيلية. الآن يواصل اللبنانيون موقفهم التضامني الثابت. من منطلق التعاطف مع شعب مظلوم، لكن من منطلق رفض إضاعة بلدهم الذي تمكن من النجاة رغم حروب السماسرة وتسلط الفاسدين، وغصباً عن «لعبة أمم» تلوّح بتغيير الحدود والخرائط.

ومن منطلق الخوف على بلدهم يرفضون جرّه على يد حزب أو فئة أو مجموعة إلى حرب مدمرة جديدة، يعرفون أنّه يمكن ويجب تجنبها. هؤلاء الرافضون ليسوا قلة. هم الأكثرية. أكثرية الطوائف الإسلامية والمسيحية، وأكثرية الجمهور الشيعي نفسه. وليس في قول هذه الحقيقة أي افتئات عليها. فنحن أبناء بلدٍ يعرف فيه الجميع الجميع. وهذا الجميع في مجمله غير مقتنع ببساطة بحرب «حزب الله» ويخشى في المقابل من رد إسرائيلي لا يدفع «الحزب» وحده ثمنه، بل ما تبقى من لبنان، الأرض والمؤسسات التي أمعنت فيها سلطات النهب فساداً وسرقات.

العماد ميشال عون حليف «حزب الله» الرئيسي منذ 2006 قال هذا الكلام، ووجه مثل هذه التحذيرات. أحزاب وشخصيات أخرى سبقته إلى هذا الموقف، ومع ذلك أدار «حزب الله» وقادته الأذن الطرشاء إلى هؤلاء جميعاً، وواصل نشاطه في جرِّ لبنان إلى الحرب المدمرة. لكن «الحزب» نفسه يرفض جرّ إيران إلى هذه الحرب. ما نقلته «رويترز» أمس عن لقاء أمينه العام مع قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني مثير للعجب بقدر ما هو مثير للتأمل. وكان الله في عون مواطنيه.