Site icon IMLebanon

بِدعة لا غالب ولا مغلوب !!!

بقلم : الدكتور جورج شبلي

لقد استرسلَ حاملو الألقابِ، والمُكتنِزون بالأوهام، في تكرار بدعة ” لا غالب ولا مغلوب “، بعيدًا جدًّا عمّا كان يقصدُ إليه الرئيس صائب سلام، في السّابق من الأيام، وهو إعادة اللُّحمة بين شرائح الوطن، بهدف تفعيل العمل المشترك لبناء الدولة. أمّا الدونكيشوتيّون الحاليّون، فالهدفُ من حماية هذه البِدعة، أمران : ادِّعاء أنّها شِعارٌ وطنيّ أي حقيقة وطنيّة، والحقيقةُ منها بَراء، كما الوطنيّة، والتستّر بها وثيقةً، وإِنْ مهشَّمة، باهِتة، للبقاءِ في صميمِ البازار السُّلطوي، وعدم الاعتراف بواقعهم المَقيت والذي لم يَعُدْ يَخفى على أحد، في الدّاخلِ وفي الخارج.

إذا عُدنا الى الوقائع، فَبَعدَ المغامرة العبثيّة التي زجّ المُمانِعون لبنانَ في أتونِها، حربًا، ودمارًا، وضحايا، ونزوحًا، وهجرةً، ووجعًا عارمًا لا سابقَ له، وانهيارًا اقتصاديًّا فادِحًا… يبقى أنّ ادّعاءَ هؤلاءِ السفسطائيّينَ بتحقيقهم انتصارًا فاحِشًا، بمشيئةٍ تفوقُ إرادةَ البشر، لم يكنْ مفاجِئًا، فسَقطاتُهم مفضوحة، اعتادَ مُروِّجوها أن ينتَشوا بها كغُرابٍ فوق جيفةِ كِذبةٍ سرابيّة.

وكأنّ هؤلاءِ ” الهولاكووِيّين “، عاشِقي نكهة الدمّ، لم يعاينوا بشاعةَ المصير الذي افتعلوا أسبابَه، وحاولوا تجميلَ قبحِه بحججٍ مُعيبةٍ نحرَت، بوَحلِها، عُنقَ الحقيقة، والواقعيّة. والأدهى أنّهم، بتشويههم الواقع بلَبوسِ الزّخرفة التّلفيقيّة، أرادوا أن يتابعوا وضعَ اليدِ على الدولة، والحُكم، والسّلطة، لبَسطِ سلطان الأحاديّة المستبدّة، آنًا بالتّعطيل، وآنًا بعدم التّوقيع، وآنًا بفَرضِ التّنازلات… مستَغِلّين ضَعفَ المواجهة، وقَبولَ الشّريكِ الوطنيّ بعدم قَطعِ شعرةِ معاوية معهم !!!
إِسمَعْ منهم، تتوهَّمْ أنّهم حريصون على المشاركة، ومَدّ اليَد… عايِنْ ما يفعلون، تتأكَّدْ من أنّهم هدّامون بممارساتٍ نَكَبَت البلاد، وروَّعَت العِباد. وبالرّغم من أنّهم مهزومون، وقرائنُ الهزيمةِ لا تُحصى، لا يزالون يكابرون، ويحاولون إقناعَ الناسِ، وَهمًا، بالتفوّقِ، والنّصر ؟؟ أمّا خطّتُهم المعهودة، فهي الإدمانُ على تقويضِ الدولةِ ليستمرَّ الإحباطُ يلفُّ النّاسَ، والخيبةُ تأكلُ من صحنِ الوطنِ الذي صارَ، معهم، فاقِدَ الرمزيّة.

في زمنِ الشِّعارات، أو زمنِ تراجيديا البِدَع، أعادَ ممارِسو التّضليلِ الى الواجهة شِعار ” لا غالب ولا مغلوب “، ظنًّا منهم بأنّ الذين بَلَعوا موسى الأضاليل، في السّابق، ثمنًا لإيجابيّتهم ووجدانهم الوطنيّ، لا يزالون أغبياء، جَهَلَة، وسوف يتلقَّفون الدّعوةَ – غير البريئة – الى طّيِّ الصفحةِ الرديئةِ المُلطَّخَةِ بالحُطامِ، والرّماد، والشَّوك، والأغلال، والجراح، والذلّ، والقهر… وسوف يُخدَعون، مرّةً جديدة، بهلوساتِ ” الشِّعاريّين ” الفاسدين، المُفسِدين، المُصابين بوباءِ الولاءِ لخارجِ الخريطة، وكأنّ أولئكَ لم يبلغوا، بعد، سنَّ الرّشدِ الدِّماغي، والسياسي.

أيّها القَوم، إسمعوا وَعُوا، إنّ مفعولَ البِدَعِ قد اضمحلَّ، ولغَير رجعة، بفِعلِ الوعي الذي باتَ مقتنِعًا بعدمِ جدوى الاستمرار في تصديق تُرَّهاتِكم، يا مَنْ، بفرطِ قوّتِكم غير المشروعة، هيمَنتم، واستبدّيتُم، ونادَيتم بمشروعٍ هجينٍ قمعَ النّاسَ، وقسَّمهم رعايا، ودكَّ مقوّمات الدولة، وظهَّرَ للبنانَ مشهدًا لا يزالُ، بكم، في دائرة النّار.

وأخيرًا، يبقى السؤال : أيّها المُنهزِمون، لو كنتم منتَصِرين بالفِعل، هل كنتم لَجَأتم الى بِدعة ” لا غالب ولا مغلوب ” !!!؟؟؟