كتبت لارا يزبك في “نداء الوطن”:
ليس أدل على الموقع الحرج الذي يجد “حزبُ الله” نفسَه فيه، مِن الجولة التي يقوم بها على القوى السياسية التي كانت حتى الأمس القريب، تسايره في موضوع سلاحه، لحسابات نفعيّة أو خوفًا على السلم الأهلي.
“الدولاب برم”
هذه المسايرة، بحسب ما تقول مصادر نيابية سيادية لـ “نداء الوطن”، كانت ضرورية في الحقبة السابقة عندما كان الحزب “الآمرَ الناهي” في لبنان، وسلاحُه يتحكّم باللعبة السياسية والقضائية والأمنية في البلاد. لكن بعد “حرب الإسناد” التي كسرت شوكةَ “الحزب” وانتهت بخسارة مكلفة له، وقد فَقَدَ خلالها أرفعَ قياداته والأخطر أنها أفقدته هالتَه وفائضَ قوته التي بنى عليها بعضهم أمجاده في الداخل أو كانوا يُدارونها على قاعدة “الإيد لي ما فيك ليا، بوسها ودعي عليها بالكسر”، التفَتَ الحزبُ من حوله، ليجد نفسه وحيدًا. فالدولاب “برم” وهو لم يعد “يذبح بظفره” كما إنه ما عاد يخيف أحدًا.
معادلة مغرية لباسيل
“التيار الوطني الحر”، أكبر حلفاء “الحزب” والمستفيدين منه سياسيًا، ابتعد عنه، تتابع المصادر، بعد أن فهم رئيسه النائب جبران باسيل أن الشارع المسيحي سئم من سلاح “الحزب” وحساباته الإيرانية. فقرّر الفريق البرتقالي إعلان الطلاق مع “الحزب”. غير أنه لا يزال يراعيه ويطالب باستيعابه وبمدّ اليد له لا تحديه، وبِبحث سلاحه على طاولة حوار تُفضي إلى تسليمه السلاح طوعًا لا عنوة. وهنا، يجري باسيل حساباتٍ انتخابية، إذ سيحتاج حكمًا إلى أصوات شيعية في انتخابات أيار 2026. “الحزب” الذي فهم هذه اللعبة، شرع الإثنين في جولة بدأت بالرئيس الفخري لـ “التيار” رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون وشملت أيضا باسيل أمس حيث تحدث النائب علي فياض مِن ميرنا الشالوحي عن “قراءة ليست ببعيدة” بين الجانبين وعن اتفاق على “الاستراتيجية الوطنية التي يجب أن تشكل الإطار لمقاربة موضوع السلاح وغيره”. بهذه الاجتماعات، يحاول ترطيبَ الأجواء مع “التيار” وترميمَ الجسور معه. فـ “الحزب” يحتاجه اليوم لفكّ عزلته، وإذا تجاوب “التيار”، فسيردّ له الجميل في الانتخابات المقبلة، وهي معادلة مرضية ومغرية لباسيل.
بين الدبلوماسية والتهديد
وفد “الحزب” يُفترض أن يزور أيضًا رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” السابق وليد جنبلاط. فالأخير لطالما كان مرنًا في مسألة السلاح ويعتمد أسلوب تدوير الزوايا في مقاربته. ومع ذهابه اليوم نحو خطابٍ أكثر صرامة، لِخوفه من التداعيات الكارثية للتأخّر في حصر السلاح بيد الدولة، يحاول “الحزبُ” إعادة جنبلاط إلى المربّع الأول. للغاية، يستخدم الدبلوماسيةَ والوجوهَ الضاحكة، من خلال زيارات “الودّ” لجنبلاط، ويستخدم أيضًا التهديدَ والخشونة من خلال التلويح بتكرار سيناريو 7 أيار 2008.
ما كان “الحزبُ” ليضطرّ إلى هذه الجولات لو لم يفهم أنه بات وحيدًا وبلا أي حليف وازن، لا مسيحيّ ولا درزيّ ولا سنّيّ. لكن بدلًا من المكابرة ومحاولة البحث عن مظلة داخلية لن يجدها لسلاحه، وبدلًا من ترهيب اللبنانيين عبر مسيرات درّاجة في شوارع العاصمة وتهديدهم بالقتل إذا طالبوا بقيام دولة، علّهم يخضعون له من جديد، الأفضل لـ “الحزب” أن يلاقيهم تحت سقف هذه الدولة وينخرط في مسيرة بنائها. وعليه أن يعلم أن اللبنانيين جميعهم ما عادوا يهابونه، تختم المصادر.