Site icon IMLebanon

تحرّك قضائي بعد استئناف الأشغال قرب “مغارة الفقمة”

تقرير مانويل مطر:

أُطلقت أجراس الإنذار مجددًا عند الشاطئ الصخري في عمشيت، حيث تعرّضت مغارة الفقمة، إحدى أبرز الكنوز الطبيعية على الساحل اللبناني، فجر اليوم الأربعاء، لاعتداءٍ بيئي خطير تمثّل بدخول جرافة إلى محيطها عند الساعة السادسة والنصف صباحًا وقيامها بأعمال حفرٍ وجرفٍ في منطقة تُعدّ من أكثر المواقع الساحلية حساسيةً بيئيًا.

وأثارت هذه الأشغال موجة استنكارٍ واسعة بين الناشطين والجمعيات البيئية، وسط تحذيرات من أنّ استمرارها قد يؤدي إلى تدمير أحد أهم المعالم الطبيعية في عمشيت وطمس جزءٍ من الإرث البيئي اللبناني وتهديد لحيوان الفقمة المهدد بالانقراض.

بدوره، أعرب الناشط البيئي والقانوني، ورئيس جمعية الأرض، بول أبي راشد، في حديث لموقع IMLebanon عن استغرابه من استئناف الأعمال في “مغارة الفقمة” في عمشيت، موضحًا أنّ آخر تواصل مع بلدية عمشيت أفاد بأنّها تنتظر صدور قرار إعادة المحاكمة من مجلس شورى الدولة، وأنّها كانت تدرس الملف القانوني بالتنسيق مع محامي الجمعية والمحامي الخاص بها.

وأشار أبي راشد إلى أنّ رخصة العمل في المغارة صدرت في عهد رئيس البلدية السابق أنطوان عيسى، وأنّ العقار العائد للسيدة رولا بهنام يشكّل خرقًا لجمال الكورنيش البحري، لافتًا إلى أنّه في وزارة البيئة جرى ما وصفه بـ”اللعبة السيئة” التي اصطدمت بجدار القوانين اللبنانية وقانون حماية البيئة.

وأضاف أنّ القانون اللبناني وقانون حماية البيئة يفرضان على أيّ مشروع يُقام في مواقع حساسة بيئيًا، كالمواقع التي تضمّ أنواعًا مهددة بالانقراض، إجراء دراسة تقييم أثر بيئي (EIA)، تتضمّن جلسة استماع عامة (Public Hearing) يُدعى إليها المواطنون والاختصاصيون لإبداء آرائهم، متسائلًا: “هل من المنطقي أن يُسمح ببناء منزل قرب المغارة حيث تعيش الفقمة؟”

وأكد أنّ صيادي السمك والجمعيات البيئية يرفضون المشروع رفضًا قاطعًا، مشيرًا إلى أنّ الفقمة حيوان خجول، وأي ضجيج أو نشاط بشري مفرط يهدد بقاءها، فضلًا عن أنّ اتفاقية برشلونة، التي وقّع عليها لبنان، تُلزم الدول بحماية مساكن الكائنات البحرية المهددة بالانقراض، وبالتالي لو تمّ تنفيذ تقييم الأثر البيئي فعليًا، لكان من المستحيل السماح ببناء هذا المنزل.

وأوضح أبي راشد أنّ الجمعية قدّمت شكوى أمام مجلس شورى الدولة، واستمرّ النظر فيها نحو سنة ونصف، قبل أن يقرر القضاء إبطال الدعوى بحجة تجاوز المهلة القانونية لتقديمها، من دون النظر في مضمونها، مشيرًا إلى أنّه خلال تلك الفترة، دخل خبير إلى المغارة وأكّد أنّ الفيديوهات المنتشرة عن وجود الفقمة هي من داخل مغارة عمشيت نفسها.

وختم أبي راشد قائلاً إنّ ما يجري اليوم هو خيانة من بعض المسؤولين في بلدية عمشيت، إذ كان الاتفاق واضحًا بعدم بدء أي عمل قبل استكمال النقاش بين محامي الجمعية ومحامي البلدية، لكنّ العمل استؤنف فجأة في الموقع.

وأعلن أنّ جمعية Terre Liban تقدّمت اليوم بإخبار يحمل الرقم ١٥٢٣٠/م إلى النيابة العامة البيئية.

من ناحية أخرى، صرّح مصدر من بلدية عمشيت لموقع IMLebanon بأنّ الأعمال الجارية في المنطقة ليست فوق “مغارة الفقمة”، موضحًا أنّ خريطة المشروع لا تصل إلى موقع المغارة.

وأشار المصدر إلى أنّ استئناف العمل في الموقع تمّ بناءً على قرار صادر عن مجلس شورى الدولة، وليس بقرار من البلدية، لافتًا إلى أنّ مسألة البناء فوق البحر قانونية بالكامل، والقانون اللبناني يسمح بمثل هذا النوع من الأعمال.

وأضاف المصدر أنّ المشروع بعيد عن المغارة ولا يشكّل أي خطر على الفقمات أو على البيئة المحيطة، مؤكّدًا أنّ قرار مجلس شورى الدولة صدر بعد التحقق من أنّ البناء لا يتعارض مع الشروط القانونية، وأنّ المشروع يملك الرخصة اللازمة.

تبقى “مغارة الفقمة” في عمشيت محور جدلٍ بين الناشطين البيئيين والجهات الرسمية، في انتظار ما ستؤول إليه التحقيقات التي ستباشرها النيابة العامة البيئية، وسط دعواتٍ متزايدة لوقف الأعمال فورًا إلى حين البتّ قانونيًا في الملف، حفاظًا على إرثٍ طبيعي نادر يُعدّ من الكنوز البيئية القليلة المتبقية على الساحل اللبناني.