تقرير ماريا خيامي:
عادت الحياة الى أسواق بيروت بعد حفل إعادة الافتتاح، حيث امتلأت شوارع الاسواق وممراتها بزخم زوار متنوعين من لبنانيين ومغتربين وسياح، وبرزت المحال والمقاهي والمطاعم في مشهد يعكس حيوية متجددة. ما تشهده الأسواق اليوم يفوق مجرد ذروة مؤقتة في الحركة، فهو مؤشر مبكر على بدء مسار انتعاش اقتصادي يسعى إلى التثبيت عبر تنويع العلامات التجارية، وتنشيط الفعاليات الثقافية والترفيهية، وتحسين تجربة الزوار.
بالرغم من حالة عدم الاستقرار التي ما زال يعيشها لبنان، الا أن الثقة بانتخاب رئيس الجمهورية جوزاف عون سرعان ما انعكست اقتصاديا، حيث عاد المستثمرون الى بيروت. فشهدت أسواق بيروت عودة ماركات عالمية الى أسواقها وافتتاح مطاعم وعلامات تجارية محلية في أسواقها.
وفي هذا السياق، وصف المدير العام لأسواق بيروت أديب النقيب الحركة في “beirut souks” بالمزدهرة حيث امتلأت الشوارع وممرات الأسواق بزوار من مختلف الفئات والمناطق.
وأوضح النقيب أن المشهد الراهن يعكس “عطشا جماعيا للحياة في وسط العاصمة”، وعودة واضحة للثقة ببيروت، مشيرا إلى أن الأجواء مفعمة بالحيوية وكأن الناس كانت تنتظر هذه اللحظة لتتنفّس المدينة مجددًا.
وعن أسباب هذه العودة، أفاد بأن إعادة الافتتاح حملت رسالة أمل وصمود، كما أن طبيعة أسواق بيروت المفتوحة وتنوّع علاماتها التجارية والمقاهي والمطاعم والترفيه والسينما أسهمت في جعل المكان وجهة متكاملة تناسب مختلف الأذواق والميزانيات، ما جذب العائلات والمغتربين والسياح على حد سواء.
ولفت إلى أن الحركة لم تعد محصورة بعطلة نهاية الأسبوع، بل بات هناك تدفّق مستمر للزوار على مدار الأسبوع، مع تسجيل أكثر من 15 ألف زائر في يوم الافتتاح، ما اعتبره مؤشرا واضحا على حجم الاشتياق والتفاعل مع إعادة الحياة إلى وسط العاصمة.
وعن تأثير الانتعاش على المبيعات والإيجارات، نوّه النقيب بوجود مؤشرات إيجابية على مستوى المبيعات وحدثت حركة بيع نشطة شملت المحال الكبيرة والصغرى، مشددا في الوقت نفسه على أن الإدارة لم تسجّل زيادات في الإيجارات في هذه المرحلة، حرصًا على إعادة ملء المساحات ودعم تنوّع العلامات والمحلات الصغيرة والمتوسطة.
وأكد أن هناك خطة استراتيجية طويلة المدى تهدف إلى تثبيت هذا الزخم عبر إدخال علامات تجارية جديدة، وتنظيم فعاليات ترفيهية وثقافية وموسمية، وتحسين تجربة الزوار باستخدام التكنولوجيا والخدمات الذكية، إضافةً إلى تبنّي تسهيلات وشروط مشجِّعة لجذب المستثمرين.
ومن المشاريع المنتظرة، بيّن النقيب خطة افتتاح “Grand department Store” في الجهة الشمالية خلال سنتين كخطوة لإكمال مشهد الأسواق كوجهة حضرية متكاملة تجمع بين التسوّق والترفيه والثقافة.
وختامًا، اعتبر النقيب أن ما تشهده أسواق بيروت اليوم بداية لمسار يسعى إلى الاستمرارية، موضحًا أن العمل مستمر لترجمة هذا الزخم إلى حضور دائم يعود بالنفع على التجار والزوار على حدّ سواء.
إذا العودة القوية لأسواق بيروت تشكّل فرصة تاريخية لإعادة تشكيل قلب العاصمة من جديد، غير أن تحويل هذه اللحظة إلى واقع دائم يتطلّب نهجًا مدروسًا وتكامليًا بين القطاع العام والخاص، بحيث ينبغي أن تتركز الأولويات على استدامة الحراك التجاري من خلال سياسات إيجابية تدعم المحال الصغيرة والمتوسطة، وتحافظ على توازن الإيجارات، وتسهّل تدفّق الاستثمارات دون المساس بهوية الأسواق وتنوّع علاماتها.
فما بدأ كانتعاش واضح يستدعي الآن بناء إطار استراتيجي طويل الأمد يضمن أن تبقى أسواق بيروت وجهة حضرية نابضة بالحياة يعود نفعها الاقتصادي والاجتماعي إلى الجميع.

