Site icon IMLebanon

تمثيل المغتربين على المحك… عقيص: مواقف بري “نكد سياسي”

تقرير داني دياب:

يُعد قانون الانتخابات أحد الأعمدة الأساسية في تكوين النظام السياسي لما له من تأثير مباشر على تمثيل القوى السياسية وتوازناتها داخل المجلس النيابي. ومنذ إقرار القانون النسبي المعتمد في انتخابات 2018 تصاعد الجدل حول ثغراته وضرورة تعديله بما يواكب تطلعات اللبنانيين نحو تمثيل أكثر عدالة وفعالية.

ومن أبرز النقاط الخلافية التي تلقي بثقلها على القانون الحالي، مسألة اقتراع اللبنانيين المقيمين في الخارج لما لها من دلالات سياسية وديموغرافية تؤثر على نتائج الانتخابات. فبين من يطالب بتوسيع مشاركتهم وضمان حقهم الكامل في اختيار ممثليهم، ومن يسعى إلى تقليص هذا الدور أو تأطيره، يبقى هذا الملف أحد أبرز عناصر الانقسام المرتبطة بإصلاح القانون.

وفي هذا الإطار، أوضح عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص في حديث لموقع “IMLebanon”، أن “القوى السيادية لا تعطل تعديل قانون الإنتخاب، فالحكومة قالت إن هناك تعذراً في تطبيق هذا القانون، ووزير الخارجية والمغتربين يوسف رجي تقدم بمسودة قانون معجّل مكرّر يرمي إلى إلغاء المادة 112 والمادة 122 من القانون بحيث يفسح المجال أمام المغتربين للتصويت للنواب الـ128 وهو على ذمة الأمانة العامة لمجلس الوزراء الذي من المفروض أن يدرج على جدول أعمال أقرب جلسة بالتنسيق مع رئيس الحكومة نواف سلام ويناقش ويقر ويحال إلى المجلس النيابي”، مضيفًا: “الطرف المعطل هو من يرفض بحث هذا القانون في المجلس النيابي والذي هو رئيس المجلس نبيه بري، إدراكًا منه أنه إذا فتح النقاش في كيفية تصويت المغتربين فالأكثرية النيابية تريد إلغاء الدائرة 16 – تصويت المغتربين للنواب الـ6 – وتكريس الحق بالتصويت للنواب الـ128”.

وأضاف عقيص: “رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع يطمئن بأن فكرة الدائرة 16 دفنت، لأن الطرف الآخر غير مقتنع بها، فهم لا يحاربون من أجل عدم تطبيقها بل همهم الأول ألا يصوت المغتربون للنواب الـ128 لأن ذلك سيعطي دفعًا للقوى السيادية أي ضد فريق الممانعة والتيار الوطني الحر”، مشيرًا إلى أن “الحكومة قالت إنه لا يمكنها أن تطبق المادة 112 من القانون الحالي والمجلس النيابي مغلق بشكل كامل أمام أي بحث في القانون لذلك هناك استحالة في تطبيق تصويت النواب الـ6”.

وتابع: “على المغتربين التسجيل عبر المنصة بكثافة حتى 20 تشرين الثاني لإرسال إشارة إلى الداخل تعبر عن اهتمامهم بانتخاب ممثيلهم والإنخراط بالحياة السياسية الداخلية”، مردفًا: “نحن كحزب نحثهم على الإقدام على التسجيل عبر تعاميم ومنشورات يومية لتشجيعهم لأن التصويت للنواب الـ6 لن يمر وبالتالي هناك احتمالان: أما أن يصوتوا للنواب الـ128 إن تمكنّا من تحقيق خرق في المعركة النيابية بوجه رئيس المجلس عبر الضغط السياسي لحمله إلى وضع قانون معجّل مكرّر على جدول الأعمال، وإما السيناريو الآخر، أن يلغى التصويت الإغترابي ويلغى معه التسجيل عبر المنصة وتدرج أسمائهم على لوائح الشطب وبالتالي يتمكنون من التصويت في مناطقهم”.

وعن تمديد ولاية المجلس الحالي في حال عدم تعديل قانون الانتخاب، يشدد عقيص في حديثه لـ”IMLebanon”، على أننا “ضد أي تمديد أو تأخير في تنفيذ الإستحقاق الدستوري فهذا حق للمواطن اللبناني مقيم أم مغترب، ولا نر أي مبرر للتأجيل أو التمديد، إلا عند بعض القوى السياسية والكتل النيابية التي ترى فرصها في الفوز تتضاءل وبالتالي لها مصلحة في التأجيل أو التمديد انتظارًا لمتغيرات ما تحسّن وضعها على الساحة السياسية”.

وأضاف: “سنقف سندًا منيعًا بوجه التأجيل أو التمديد وستتصاعد مواقفنا في هذا الإتجاه، ونحن حاضرون لمواجهة هذه السيناريوهات. وفي كل الأحوال، التأجيل أو التمديد للمجلس الحالي يحتاج إلى قانون لأن ولاية المجلس محددة بقانون وتعديلها يحتاج إلى تعديل قانوني، ولا يجرؤ أحد على الخروج إلى الرأي العام وعرض نفسه كـ”بطل للتمديد والتعطيل” ومنع اللبنانيين من ممارسة حقهم المدني والسياسي في الإقتراع”.

أما عن تأكيد الرئيس بري في مواقفه الاخيرة على أن “قانون الإنتخاب الحالي بعد الانجيل والقرآن”، يقول عقيص: “هذا خطأ إستراتيجي يرتكبه بري وليس في خانة زلة اللسان، فالقانون وضع لخدمة المواطن وليس من ضمن المقدسات وكل القوانين قابلة للتعديل والإلغاء”، ويتابع: “هذه المواقف فقط تأتي في سياق النكد السياسي ورفع التحدي، وهي نقطة غير مضيئة في سجله الدستوري الكبير، كأنه يقول أن هناك قوانين محصنة من قبله ويمنع على الآخرين تعديلها”.

وفي الشق المتعلق بتحضيرات حزب القوات اللبنانية لخوض المعركة الدستورية، كشف عن أن “القوات تحضر على مدى الأربعة سنوات للإستحقاقات الإنتخابية وهذا الأمر معروف وليس سرًا، فالحزب يحضر لهدف من الإنتخابات وهو بناء الدولة ومحاكاة هموم الناس والدفاع عنها من خلال حجم تمثيلهم داخل المجلس بالسيادة والإصلاح ومكافحة الفساد وفي المواضيع الأخرى، وهذا التمثيل النيابي ينعكس على حجم التمثيل في الحكومة”، مردفًا: “المواطن لمس هذا الموضوع من خلال أداء وزراء القوات في الحكومة، فوزير الخارجية يوسف رجي استطاع رسم ملامح سياسة خارجية واضحة المعالم للبنان، ووزير المهجرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كمال شحادة يعمل بجهد كبير واستثنائي على رقمنة الإدارة اللبنانية وتحويل لبنان إلى بيئة للذكاء الإصطناعي، كذلك وزير الصناعة جو عيسى الخوري، ووزير الطاقة والمياه جو الصدي الذي استطاع تشكيل الهيئة الناظمة للكهرباء خارقًا سنوات طويلة من التعطيل في هذا الملف”.

وأردف: “أعلنا ماكينتنا الإنتخابية ونحن منخرطون في ورشة عمل كبيرة جدًا لوضع النقاط على مشروعنا الإنتخابي بشكل نهائي كتكتل لإختيار المرشحين ونعمل وكأن الإنتخابات حاصلة في موعدها”.

وعن المزايدات والنكد السياسي، ختم عقيص قائلًا: “الشعب اللبناني سئم من هذه السجالات، فالعمل على الملفات العالقة والمضي في معالجة شؤون المواطن أفضل من الإنصياع وراء “أصوات النشاز” من هنا وهناك، فالدخول فيها يقلل من الإنتاجية ويعيقها”.

إن الجدل المستمر حول قانون الإقتراع، يعكس عمق الأزمة السياسية في البلاد حيث تُستخدم القوانين الانتخابية أداة لتكريس التوازنات الطائفية والحسابات الحزبية، بدل أن تكون وسيلة لتكريس الديمقراطية والمواطنة الفاعلة. ويبقى اقتراع المغتربين نقطة محورية في هذا السجال.

أمام هذا الواقع، يطرح السؤال التالي: هل يمكن التوصّل إلى قانون انتخابي يُنهي النكد السياسي ويُعزز تمثيل المواطنين في الداخل والخارج ويؤمن التمثيل الصحيح في مجتمع متعدد ومتنوع؟