Site icon IMLebanon

الملف السوري – اللبناني.. ما مصير النازحين والسجناء؟

تقرير داني دياب:

يُعتبر الملف السوري – اللبناني من أكثر الملفات تعقيدًا في المنطقة نظرًا لتداخل العلاقات التاريخية والجغرافية والسياسية بين البلدين. فمنذ إندلاع الأزمة السورية عام 2011، دخلت العلاقات الثنائية في مرحلة دقيقة، تأثرت فيها مختلف جوانب التعاون السياسي والاقتصادي والاجتماعي، خاصة مع تحمّل لبنان أعباء كبيرة نتيجة تدفّق أعداد هائلة من النازحين السوريين إلى أراضيه.

وتأتي قضية النزوح السوري في صلب هذا الملف، حيث يشكّل وجود عدد كبير منهم تحديًا كبيرًا على الصعيد الأمني والاقتصادي واللوجستي، في ظل تراجع الموارد ووقف عدد كبير من المساعدات الدولية للاجئين وغياب حلول جذرية تضمن عودة آمنة لهم.

وفي هذا السياق، أوضح رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في مجلس النواب النائب فادي علّامة في حديث لموقع “IMLebanon”، أن “الحكومة اللبنانية أنشأت لجنة لمتابعة ملف العلاقات اللبنانية – السورية العالق بين البلدين وموضوع النازحين وبدأنا نرى تبادلًا في الزيارات على الصعيد الحكومي، ونحن كلجنة شؤون خارجية استضفنا نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزيرة الشؤون الإجتماعية حنين السيد ووزير العمل محمد حيدر وإطلعنا على عمل اللجنة والواضح أن هناك مسار جدي يبنى عليه في التعاطي مع الملف، كما أن المسار القضائي والقانوني يتم العمل عليه من قبل وزيري العدل اللبناني عادل نصار والسوري مظهر الويس”، مضيفًا: “هذا المسار يبدو طويلًا لحساسية الملفات ودقة المرحلة الراهنة لكن مع خطة الحكومة اللبنانية إنطلقنا في المسار الصحيح”.

وعن ملف الموقوفين السوريين بلبنان، فأكد علامة انه “في عهدة وزارة العدل اللبنانية والقضاء اللبناني وعلينا الاحتكام للقوانين وتطبيقها وخصوصًا في موضوع الجرائم المرتكبة ضد القوى المسلحة اللبنانية وعلى هذا الاساس يتم التعاطي مع هذا الملف الدقيق بالإضافة إلى التعاون بين الجانبين من خلال الزيارات التنسيقية”.

أما عن ملف المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية، فلفت الى أن “هذا الملف يندرج أيضًا ضمن خطة عمل اللجنة الحكومية المعنية بالملف، والدولة اللبنانية حريصة على إعطائه العناية الكافية للكشف عن مصيرهم وإعطاء عائلاتهم الحق في معرفة مصيرهم”.

وعند سؤاله عن خطة الحكومة اللبنانية لعودة النازحين السوريين، فقد أكد رئيس لجنة الشؤون الخارجية في حديثه لـ”IMLebanon”، أن “هذا الملف تناولناه منذ سنتين ونصف كلجنة واستضفنا كل المعنيين فيه وحملناه معنا إلى البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية، وقمنا بزيارات إلى الحدود اللبنانية – السورية بالتعاون مع قيادة الجيش”

وأشار إلى أننا “إذا قاربناه من الناحية المنطقية فكان هناك رادع أساسي أمام العودة ألا وهو قانون العقوبات على سوريا لأن فرصة العمل وإعادة الإعمار لم تكن موجودة وخصوصًا أن حوالي الـ80 إلى 85% من النازحين في لبنان هم نازحون إقتصاديون إن كانوا أفرادًا أم شركات ناشئة، أما اليوم مع التغييرات الجيوسياسية ورفع العقوبات تدريجيًا سيفتح الباب أمام عودة الإعمار وسريان فرص العمل ومن الممكن أن تشكل حافزًا لعودتهم. أما النقطة الثانية، المساعدات التي كانوا يتلقونها من الـUNHCR داخل لبنان والتي ستتوقف مع نهاية السنة الحالية بحسب المفوضية وستنتقل إلى إعطائهم إياها في الداخل السوري وفق شروط تحددها وهذا سيشكل حافزًا أساسيًا في عودتهم”.

وردًا على سؤال عن موضوع الشركات السورية الناشئة التي سبق أن ذكرها، قال: “حسب آخر لقاء مع وزير العمل محمد حيدر، شرح لنا عن كيفية تنظيم العمالة السورية في لبنان من خلال إعطائهم طابع قانوني مثل أي شخص أجنبي آخر ومنع المنافسة مع اللبنانيين بفرض شروط معينة مثل توظيف اللبنانيين بنسب معينة ضمن هذه الشركات”، وتابع: “قبل بداية الأزمة السورية كنا نستعين في بعض الأشغال باليد العاملة السورية لأن اللبناني لا يعمل بها ولكن يجب أن تكون تحت سقف قانون وزارة العمل مثل أي شخص أجنبي آخر”.

وفي الشق المتعلق بتعليم النازحين السوريين في المدارس الرسمية بدوام بعد الظهر، شرح علّامة، أنه “في آخر لقاء مع المنظمات الأممية في لجنة الشؤون الخارجية تناولنا الموضوع، وبرأيهم أن ترك الطلاب السوريين خارج الصفوف لن يكون عاملًا مساعدًا للبنان ومن الأفضل إنسانيًا وأخلاقيًا فتح المدارس أمامهم لضبط هذا الظاهرة ونتلقى مساعدات خارجية لنتمكن من الإستمرار بهذا الملف وهذا يخفف من عبء إنخراطهم في أعمال تشكل خطرًا على استقرار الداخل اللبناني”.

وأردف: “في الإجتماع مع نائب رئيس الحكومة ووزير الشؤون الإجتماعية في لجنة الشؤون الخارجية أوضحوا أنهم يتوقعون عودة حوالي الـ400 ألف نازح حتى نهاية العام وبالتالي أولادهم سيعودون معهم وسيتراجع الضغط عن المدارس”.

وختم علّامة متمنيًا أن “المساعدات التي تأتي إلى الجيش والقوى الأمنية أن تساعد في ضبط الحدود بين البلدين وتمنع ظاهرة النزوح بالإضافة إلى التقنيات الأخرى كالأبراج وطرق المراقبة المتقدمة لأن الحدود كبيرة جدًا وضبطها يحتاج إلى جهود جبارة”.

في ضوء التحديات المتداخلة بين الجوانب السياسية والإنسانية في الملف السوري – اللبناني، تبقى الحاجة ملحّة إلى مقاربات شاملة ومسؤولة توازن بين مصالح الدول وحقوق الأفراد. وبين تعقيدات العودة وتحديات التعليم والدعم، يبرز دور التعاون الثنائي والدولي كعامل حاسم في رسم مستقبل أكثر استقرارًا للبلدين.

فهل يمكن تحويل هذا الملف من عبء متراكم إلى فرصة لبناء شراكة حقيقية بين البلدين؟