تقرير داني دياب:
يرزح القطاع الزراعي تحت وطأة عدة مشاكل ترهق كاهله. وهذا الواقع ينعكس مباشرة على المزارع اللبناني الذي يواجه تحديات متزايدة، أبرزها غياب الدعم الرسمي عن القطاع الزراعي، وتراجع الموارد المائية نتيجة الجفاف وقلة المتساقطات خلال هذه السنة.
ورغم الصعوبات، يبقى لبنان من أبرز البلدان المعروفة بالزراعة في المنطقة، نظرًا لخصوبة أرضه وتنوّع تربته، ما يجعله بيئةً مثاليةً لإنتاج أصنافٍ عديدة من الفاكهة والخضار التي لطالما شكّلت مصدر فخرٍ للاقتصاد الريفي اللبناني.
وفي هذا الإطار، أوضح رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين اللبنانيين إبراهيم ترشيشي في حديث لموقع “IMLebanon”، أن “السوق اللبناني لا يشهد ارتفاعًا في أسعار الخضار والفاكهة فالأسعار مناسبة للسوق، لكن هناك صنف واحد ارتفع سعره وهو البندورة بسبب خسارة المزارع فيه من تاريخ 1-6-2025 لغاية 15-10-2025 وقلة العرض الموجود في الأسواق وفي شرح بسيط “قل العرض، زاد الطلب فإرتفع سعره”، مشيرًا إلى أنّه “حتى في موضوع البندورة، هناك صنف يمكن شراؤه بقيمة 100 ألف ليرة للكيلوغرام، وآخر بقيمة 250 ألفًا للكيلوغرام، وذلك حسب النوع”.
وشدد ترشيشي، على أن “الخضار الورقية والخيار والتفاح والعديد من الاصناف الأخرى سعرها منخفض ومناسب في السوق وبالتالي لا يمكن أن نشمل كل الخضار والفاكهة بإرتفاع الأسعار”، متابعًا: “اسعار الخضار والفاكهة في لبنان منخفض مقارنة مع أسعارها في العديد من البلدان الأخرى”.
وأردف، أن “وزير الزراعة نزار هاني لديه الخيارات في السماح بإعطاء إيجازات للإستيراد الخارجي عندما يكون هناك حاجة في السوق والانتاج الملحي لا يكفي، ولكن نحن لا نفضل التوجه إلى هذا الحل بل نفضل الإعتماد على منتجات المزارع اللبناني، وهذا ما تعتمده الدول كافة التي تحترم مزارعيها ومحاصيلهم لأن هذا الواقع يشجع المزارع على البقاء في أرضه وعدم تركها، وصولًا إلى الإفلاس والسقوط في الهاوية”.
وعن سيطرة الجفاف وقلة الأمطار، قال رئيس الاتحاد الوطني للفلاحين لـ”IMLebanon”: “منذ 50 سنة حتى اليوم لم نشهد على هذا الجفاف الذي يضرب المنطقة”، مضيفًا: “حتى تاريخنا هذا لم يسجل مستوى المتساقطات في البقاع أكثر من 2 ميلمتر في حين أن المعدل المفروض هو 130 ميلمتر وهذه ظاهرة غريبة جدًا”.
وأضاف: “حلو البرد يجي بوقت البرد” فإذا قلنا شهدنا أمطارًا وثلوجًا وصقيعًا في تشرين الثاني وكانون الأول فهذا طقس لبنان المعتاد ولكن من غير المعتاد والغير طبيعي أن نقول مستوى الحرارة 30 درجة في تشرين الثاني، وهذا إن دل على شيء فهو على قوة التقلبات المناخية ومدى تأثّر لبنان بهذه التقلبات”، مردفًا: “هذه الظاهرة المناخية كبّلت المزارع ودفعت به إلى خسائر لا تعد ولا تحصى، وأولى المزروعات الخاسرة من جراء هذه الظاهرة هي زراعة القمح”.
وتابع: “بسبب الجفاف الحاصل هناك العديد من المساحات المزروعة المهددة بالتقلص وبالتالي عند تقلص هذه المساحات العرض في السوق سينخفض والإسعار سترتفع، ولكن لا يمكننا التأكيد على هذا الشق فنحن في بداية السنة المطرية، والسنة المطرية تبدأ بتاريخ 5 تشرين الأول”.
وختم ترشيشي قائلًا: “بعد مرور حوالي الشهر وعدة أيام على بداية السنة المطرية لم نشهد تساقطًا للأمطار، وأملنا كبير برحمة الله بأن تعود الامطار وتتساقط وبالتالي العودة لأيامنا الطبيعية في مثل هذا الوقت من السنة”.
يبقى القطاع الزراعي في لبنان أمام مفترق طرق حاسم، بين واقعٍ مثقلٍ بالأزمات وغيابٍ واضحٍ للدعم الرسمي، وبين تحدياتٍ طبيعيةٍ كبيرة تتيح له استعادة دوره كمصدرٍ أساسي للاقتصاد الوطني وللأمن الغذائي. ومع تفاقم تأثيرات الجفاف وتراجع الإنتاج، يطرح المشهد سؤالًا جوهريًا: هل يشهد هذا القطاع نهضة حقيقية تعيد له حيويته أم يستمر في التراجع؟

