IMLebanon

الأنظار تتّجه نحو جبل الشيخ… وأسئلة حول بيع أراضٍ!

كتبت جومانا زغيب في “نداء الوطن”:

لا أحد ولا شيء يمكنه إعادة عقارب الساعة إلى الوراء إقليميًا، فما ينفذه الأميركيون مباشرة وبالوكالة أو عبر الحلفاء بدفع من الرئيس دونالد ترامب ليس مجرد سلام سياسي أمني، على غرار الماضي مع اتفاقات السلام بين إسرائيل وكل من مصر والأردن، إلى اتفاق أوسلو، بل هو سلام على قاعدة التعاون الاقتصادي من الباب الواسع. فالسلام الراهن بين الدولة العبرية وكل من مصر والأردن هو أقرب إلى هدنة تشوبها علاقات حذرة ولا توفر أي فرصة جدية لتعاون مالي واستثماري وتجاري. وهذا ما لا يريده الرئيس الأميركي الذي يراهن على فتح الحدود وإطلاق مشاريع استثمارية مشتركة وتوظيف الأموال في ما يعود على أصحابها بالربح وعلى الدول المعنية وأهلها بالعمل المنتج.

ولذلك لا يمكن بأي شكل من الأشكال تصور حالة شاملة من السلام والتطبيع في المنطقة تستثني لبنان، بل إن الحجة القائلة بأن لبنان سيكون آخر من يوقع لم تعد صالحة للاستعمال. وتقول أوساط دبلوماسية أوروبية، إن أجراس السلام، وعلى الرغم من التباس مفهوم السلام بالنسبة للبعض بدأت تقرع بقوة، علمًا أن ثمة تساؤلات مشروعة حول هذا السلام في ما خص المسألة الفلسطينية وحل الدولتين، لكن الأكيد أن السلام بمعنى تعطيل آلة الحرب وخيار العنف سيشمل حتمًا الجبهة الفلسطينية الإسرائيلية من غزة إلى الضفة، وتاليًا تبقى مهمة بلورة السلام الفعلي على هذا المحور مرتبطة بتركيبة السلطة الإسرائيلية ومدى الضغط الأميركي في موضوع الدولتين.

وفي ما يتعلق بلبنان فإن مجال المناورة يضيق يومًا بعد يوم أمام “حزب الله”، الذي يجد نفسه بين “شاقوفين”: العجز عن الرد على الهجمات الإسرائيلية، وفي حال الرد سيكون كمن فتح عليه أبواب حرب أعنف وأشد إيلامًا على بيئته وستنتهي باتفاق لوقف النار أشد قسوة عليه. وتلفت إلى أن إيران لم تعد تتمتع بالقدرة ذاتها لرفد “الحزب” عسكريًا وماليًا، والعراق لم يلعب يومًا دور داعم جدي لـ “الحزب”، فيما زال نظام الأسد ويلتزم الحوثيون الهدوء في انتظار ما ستؤول إليه صيغة النظام العتيد في اليمن. ولعل الأمثولة الأكثر تعبيرًا برسم “الحزب” تتمثل بالمصير المحتوم للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الحليف الأجنبي الأبرز لإيران، إذ يشتد الضغط عليه أميركيًا على الصعد العسكرية والسياسية والاقتصادية للرحيل، ويشكل رحيله ضربة قوية لمحور الممانعة، لا سيما وأن عددًا من كوادر “حزب الله” لجأ إلى فنزويلا مع عائلاتهم، ويتردد أن كثيرين أمن لهم مادورو جوازات سفر فنزويلية، على أن الأهم هو أن الاعتماد على شبكات التهريب وتبييض الأموال عبر فنزويلا يكاد يصبح من الماضي.

ومن المسلّم به وفق الأوساط نفسها، أن السلطة اللبنانية تتقدم ولو ببطء وحذر في رهان استعادة سيادتها وحظر السلاح والمظاهر العسكرية، وهذا البطء إذا ما استمر بهذه الوتيرة سيستتبع تدخلًا إسرائيليًا قويًا قد لا يوفر بتشظياته الدولة اللبنانية وبعض البنى التحتية. وتلفت إلى أن الرهان على إضاعة الوقت بضغط من “حزب الله” من خلال لجنة الميكانيزم، ولو بوجود مفاوض مدني لبناني هو السفير سيمون كرم، سيرتب نتائج سلبية ويعزز الجنوح الإسرائيلي إلى خيار الضربات العنيفة، ويعني على خط آخر تسريع الضغوط وتشديدها توصلًا لوضع آليات وأسس للتعاون الاقتصادي والاستثماري بحسب ما تسعى إسرائيل إليه.

وتخلص الأوساط إلى القول: على “حزب الله” مهما ناور وحاول إعادة بناء قدراته العسكرية، أن يدرك انعدام الفرصة أمامه للاستمرار في حمل السلاح تحت شعار مقاومة إسرائيل أو أي شعار آخر، وهناك دوليًا وعربيًا شبه إجماع على ضرورة تخلي “الحزب” عن سلاحه، والمشهد اليوم يشبه المشهد الذي سبق عملية 13 تشرين 1990 وما تبعها من حل للميليشيات، وحينها كانت موافقة الفاتيكان أساسية على عملية محدودة للسيطرة على قصر بعبدا وتأمين الغطاء الأبرز لتلك العملية. واليوم يكفي أن يدعو قداسة البابا “حزب الله” إلى التخلي عن سلاحه ليتأكد للجميع أن القرار اتخذ ولم يعد هناك أي تحفظ، لا سيما وأن روسيا والصين تتصرفان كأنهما غير معنيتين، باعتبار أن الشرق الأوسط محسوم للنفوذ الأميركي.

وتلفت الأوساط إلى أن التفاوض بات عمليًا بحكم الأمر الواقع، وأن لجنة الميكانيزم توفر ضمانة جيدة للبنان لضبط الجموح الإسرائيلي وفي الوقت عينه لحماية السلطة اللبنانية في الخيارات التي تتخذها. وكل تطور في أداء اللجنة والخطوات العملية التي تتولاها سيقابله اقتناع متزايد بضرورة إنهاء مهمة قوة “اليونيفيل” ولو تدريجًا ولكن بوتيرة سريعة، ولذلك على “حزب الله” أن يستدرك و”يلحّق حالو” ويمتنع عن المعاندة والإصرار على رفع الشروط، لأن مشكلته لن تكون مع الدولة اللبنانية بل مع المجتمع الدولي، الذي لن يمانع في توجيه ضربات إسرائيلية كبيرة له.

يبقى أن الكلام على منطقة اقتصادية حدودية جنوبًا بدأ يلقى اهتمامًا من رجال الأعمال والمستثمرين وبعضهم عرب إلى شركات أجنبية، أقله على مستوى جس النبض والسؤال عن مساحات من الأرض للبيع، والأنظار تتجه بشكل خاص إلى جبل الشيخ كمنطقة استثمارية سياحية ممتازة، وهو المعروف بغناه بالمياه وبعض المعالم الأثرية وجمال طبيعته الفريدة وإمكان الاستفادة من الثلوج التي تغطي سفوحه وقممه فترة لا بأس بها من السنة. وقد سبق وحاولت شركات عدة متعددة الجنسيات استكشاف المنطقة على خلفية الرهان على السلام العتيد.

December 6, 2025 06:39 AM