جاء في “الراي الكويتية”:
هل بدأت تتلاشى المَفاعيلُ التبريديةُ المفترَضةُ للخطوةِ العابرة لـ «خطوط التماس» المدنية – الدبلوماسية بين بيروت وتل ابيب التي شكّلها رَفْعُ لبنان مستوى التمثيل في اجتماعات لجنة «الميكانيزم» إلى ما فوق العسكري عبر السفير السابق لدى واشنطن سيمون كرم مقابل اعتماد اسرائيل المدير الأعلى للسياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي يوري رسنيك ممثلاً مُوازِياً لها؟
أم أنّ ملاقاةَ «بلاد الأرز» الولايات المتحدة في منتصف الطريق بإسقاط – بالحد الأدنى – «جدارٍ نفسي» اسمُه التفاوض «وجهاً لوجه» وعبر شخصيةٍ «دبلومدنية»، أسّس لمَسارٍ «حمى» بالدرجة الأولى الدولةَ اللبنانيةَ من عَصْفِ أي تَصعيدٍ اسرائيلي قد يكون قرار تكليف كرم ترؤس وفد لبنان إلى «الميكانيزم المعزَّزة» خفّف من سرعته نسبياً ولكنه لم يُسْقِطه عن الطاولة؟
سؤالان جديدان ولّدهما المَشْهَدُ بعد 3 أيام على الخطوة التاريخية للبنان والرئيس جوزف عون بكسْر واحدة من «المحرّمات» تجاه التواصل مع الجانب الاسرائيلي، وإن بقي تحت رعايةٍ وبوساطة وحضور أميركي (وفرنسي وأممي)، وذلك بعدما ضاقت أمام بيروت هوامش الحركة لردْع ما تعدّه تل ابيب عسكرياً للدولة كما لحزب الله، تحت عنوان إكمال مَهمة سَحْبِ سلاحه «بيدها».
ولم يكن عابراً أن تترسّخ في الساعاتِ الماضية مشهديةٌ مزدوجة على ضفّتيْ البلدين اللذين سلّما دفّتيْ قيادة وفديْهما الى اجتماعات لجنة الإشراف على تطبيق اتفاق وَقْفِ النار («الميكانيزم») التي تُعقد في الناقورة (جنوب لبنان) إلى مدنييْن بقبعتين، دبلوماسية – سياسية (كرم) وأكاديمية – أمنية تخطيطية استراتيجية (رسنيك):
– مَشهديةٌ رسّمت «بالنار» والتصريحات والرسائل – التي حملت «توقيعاً اسرائيلياً كما أميركياً – حدوداً واضحة لِما هو مُتَوَقَّع من «مَسار الناقورة المحدَّث» وذلك على قاعدة فَصْلِه عن المسار العسكري المتعلّق بسحب سلاح«حزب الله»، أي أن واشنطن وتل ابيب لن تقبلا بأن يتحوّل«تَطعيمُ» اللجنة بمدنييْن، على الأهمية فوق العادية لهذه الخطوة،«طُعْماً» لهما يتيح للحزب الإفلاتَ من«الشِباك»التي تعتقدان أنهما أَحْكمتا رَمْيَها فوق ترسانته العسكرية.
– ومشهديةٌ في بيروت حاولتْ احتواءَ ارتداداتِ الخطوةِ التي «زَلْزَلَتْ» خطوطاً حمر لم يَعتقد«حزب الله»أنه قد يتجرّع«مَحْوَها»، وأصرّ عون على أنه قام بها بالتشاور مع رئيس البرلمان نبيه بري (والرئيس نواف سلام)، وسط سَعَيٍ إلى فرْملة اندفاعةِ تل ابيب لإغراقها بعناصر«تطبيعية»(اقتصادية وما فوق) ورَسْمِ «حدود لها» لا تتجاوز القرار 1701 واتفاق وقف النار أي «وقف الأعمال العدائية التي تقوم بها إسرائيل على الأراضي اللبنانية واستعادة الاسرى، وبرمجة الانسحاب من المناطق المحتلة وتصحيح النقاط المختلف عليها عند الخط الأزرق».
«القنابل الدخانية»
ولم تحجب هذه المحاولات ما يشبه «القنابل الدخانية» في أجواء رئيس البرلمان والتي تكاد أن «تضيع» معها حدود التباين أو توزيع الأدوار بينه وبين شريكه في الثنائية الشيعية «حزب الله» الذي بدا وكأنه اضطُر لشرب «كأس السم»مرتين، بالتسليم بارتقاء «الميكانيزم» إلى مستوى مدني – دبلوماسي، وباسم كرم المدجّجة مسيرته بمسارٍ مُعانِد للوصاية السورية كما لتلزيم لبنان إلى السلاح خارج الدولة.
إلى ذلك، ومع إنهاء وفد ممثلي الدول الأعضاء في مجلس الأمن زيارتهم لبيروت بعد جولة في الجنوب، مضى الحزب في معاندة إسناد الدولة بأي موقف يساعد في إبعاد شبح التصعيد وتحديداً لجهة تكرار اعتراضه على مبدأ التفاوض وتشدده في رفض أي نقاش في سلاحه شمال الليطاني خارج إطار نقاش داخلي حول استراتيجية دفاعية يلي انسحاب اسرائيل وتسليم الأسرى ووقف الاعتداءات، علماً أن هذا التشدد تحوّل سلاحاً في يد تل ابيب لتفريغ كل خطوة لبنانية من أي «ثِقْلٍ» مانع لحربٍ جديدة باعتبار أن عدم إعلان الحزب استعداده لتسليم سلاحه وتمسكه برفض المبدأ يجعل لبنان مكشوفاً في ضوء عدم رغبته ولا قدرته على نزع السلاح بالقوة ما يجعله «بلا كلمة مسموعة» في اي تفاوض.

