IMLebanon

كوشنير… مهندس المنطقة الاقتصادية في الجنوب

كتب طارق أبو زينب في “نداء الوطن”:

لم يعد الحديث عن “منطقة ترامب الاقتصادية” في جنوب لبنان مجرد تحليلات أو مبالغات سياسية. فقد أكدت مصادر أميركية لصحيفة “نداء الوطن” أن مكتب جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعد خرائط تفصيلية للمشروع وقدمها رسميًا إلى البيت الأبيض، ضمن مسار متسارع لإدراج هذا الطرح على جدول التنفيذ كأحد أبرز مشاريع الإدارة الأميركية في الشرق الأوسط.

وترتكز الرؤية الأميركية على اعتبار الجنوب اللبناني بوابة مركزية لتحوّل اقتصادي واسع، قد يشكّل نقطة انعطاف في المشهد الأمني والجغرافي للمنطقة. ويُنظر إلى المشروع كنموذج استثماري يحمل اسم ترامب، مرتبط مباشرة بملف الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة، ويعكس إدراك واشنطن الدور الاستراتيجي للجنوب في خطوط الملاحة والتجارة وربط لبنان بالمشاريع الاقتصادية الإقليمية الكبرى.

الأمن مقابل الازدهار
تقوم الرؤية الأميركية على خطة طموحة لإطلاق نهضة تجارية واستثمارية ضخمة، تعتمد معادلة “الأمن مقابل السلام، والسلام مقابل الازدهار الاقتصادي”. تشمل الخطة استقطاب رؤوس أموال دولية، إنشاء مصانع ومناطق لوجستية، تطوير بنية تحتية متكاملة، وبناء ميناء متصل بشبكة النقل البحري العالمية.
كما تتضمن الخطة فتح آفاق تصديرية جديدة عبر نموذج يحاكي المناطق الحرة المتقدمة، وجذب شركات الطاقة العالمية للاستفادة من الربط بين الممر الاقتصادي الهندي والجنوب اللبناني. ويضاف إلى ذلك تطوير المنطقة اقتصاديًا وسياحيًا عبر مرافق حديثة، جزر اصطناعية، ومساحات لدعم استخراج الغاز، إضافة إلى مشاريع ترفيهية لجذب الاستثمارات والزوار الدوليين.

اهتمام أميركي وإصرار إسرائيلي
أوضحت المصادر لصحيفة “نداء الوطن” أن كوشنر يبدي اهتمامًا بالمناطق الممتدة من جبل الشيخ وصولًا إلى شبعا والناقورة جنوب لبنان، بالتزامن مع الإصرار الإسرائيلي على إقامة منطقة عازلة. ويشمل المشروع أكثر من 27 بلدة جنوبية، ما يشكّل تحديًا للسيادة اللبنانية.
ويرى ترامب في المشروع وسيلة لتحقيق توازن بين معالجة التهديدات الأمنية وخلق بيئة اقتصادية مستقرة تعيد إعمار الجنوب وتعزز السلام في المنطقة. كما يتيح للمجتمع اللبناني استثمار موقعه وموارده، ويعمل على تطوير البنية التحتية الاقتصادية، ما يعزز مكانة لبنان الإقليمية.

ترتيبات ما بعد نزع السلاح
كشف مصدر أميركي أن الاجتماعات بين الوفدين اللبناني والإسرائيلي في الناقورة ناقشت ضبط وقف إطلاق النار وإعادة إعمار الجنوب. وطرح خلال الاجتماعات مشروع “منطقة ترامب الاقتصادية” بعد تنفيذ عملية نزع السلاح غير الشرعي، باعتباره جزءًا من ترتيبات ما بعد الحرب لإعادة رسم التوازنات في الجنوب.
وأشارت المصادر لـ “نداء الوطن” إلى أن المشروع سيحفز استثمارات عربية ودولية ضخمة، ويعزز مستوى المعيشة ويفتح فرص عمل مستدامة، ما يقلل احتمالات عودة التوتر. كما يمكن أن يصبح منصة لتطوير التعليم والتكنولوجيا في المنطقة، بما يدعم الشباب ويخلق فرصًا اقتصادية مستدامة.

المخاوف اللبنانية
من الجانب اللبناني، ترى المصادر أن المشروع يسير وفق نهج جديد يقوم على “الهيمنة”، محذرة من أبعاده السياسية. وتشير إلى أن الخطة الأميركية تتجاوز التنمية الاقتصادية لتتصل بفكرة إقامة مستوطنات يهودية في جنوب لبنان، مستندة إلى خلفيات دينية وسياسية تُعرف بـ”الإيمان اليهودي”، الذي يعتبر تواجد المستوطنات ضمانًا أمنيًا لشمال إسرائيل.
ويخشى المصدر أن تؤدي هذه الخطوة إلى ربط إسرائيل جغرافيًا وروحيًا بالمناطق الجنوبية، ما يثير تساؤلات حول سيادة الدولة ومسار الجنوب السياسي في المستقبل.

مشروع اقتصادي أم إعادة صياغة للجنوب؟
في المحصلة، يتجاوز مشروع “منطقة ترامب الاقتصادية” كونه مبادرة استثمارية، ليصبح خطة ذات أبعاد سياسية وأمنية واستراتيجية. ويؤثر المشروع على لبنان والمنطقة، ويطرح أسئلة حول مستقبل الجنوب، وسيادة الدولة، ودور الفاعلين الإقليميين والدوليين في تحديد ملامح المرحلة المقبلة .

يبقى السؤال الأساسي: هل سيصبح المشروع فرصة اقتصادية حقيقية للبنان، أم بداية لإعادة صياغة الجنوب وفق مصالح دولية وإقليمية متشابكة؟