Site icon IMLebanon

هيكل لسفراء العالم من الجنوب: أخبروا عن عدوان إسرائيل

جاء في “الأخبار”:

عشية أسبوعين حافلين باللقاءات والاجتماعات المرتبطة بالجبهة اللبنانية مع العدو، تتجه الأنظار إلى زيارة المبعوث الأميركي توم براك لكيان العدو، بالتزامن مع زيارة رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي لبيروت، إضافة إلى اجتماعات مُرتقبة في باريس بمشاركة أميركية وسعودية، وصولاً إلى اللقاء المُنتظر في نهاية الشهر الجاري بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو.

وبالتوازي مع تسريبات مُكثّفة في إعلام العدو عن «ضغوط أميركية لمنع تنفيذ عملية عسكرية واسعة»، تكثّفت الاستفسارات في بيروت حول ما إذا كانت واشنطن قد منحت لبنان مهلة إضافية تمتدّ حتى نهاية آذار المقبل، لإنجاز خطة حصر السلاح جنوب نهر الليطاني.

كما تزايد الاهتمام بمعرفة نتائج اللقاء الثلاثي الأميركي – الفرنسي – السعودي في باريس مع قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل، وما إذا كانت نتائجه ستنعكس على مسار التحضير لمؤتمر دعم الجيش اللبناني. وبحسب المصادر نفسها، فإنّ هيكل، الذي سيشارك في اجتماع باريس، سيعرض بالتفصيل المهمات التي نفّذها الجيش في مختلف المناطق اللبنانية، لا في الجنوب فقط، في إشارة إلى العمليات المُنفّذة على الحدود مع سوريا، ولا سيما في ملف التهريب.

الجيش تحت الاختبار
والجديد في هذا السياق، ما أظهرته اتصالات اليومين الماضيين بشأن الموقف الأميركي من الجيش اللبناني، ولا سيما في ظلّ مواصلة إسرائيل ضغوطها الرامية إلى «إدخال تغييرات كبيرة في بنية الجيش، سواء على مستوى الضباط أو على مستوى العقيدة القتالية».

فبعد جولة الضغوط التي استهدفت منع الجيش من توصيف إسرائيل كعدو، ثم الدفع باتجاه الانتقال إلى مفاوضات مباشرة على مستوى دبلوماسي، واصلت إسرائيل ممارسة ضغوط عملية على الجيش لإلزامه بالدخول إلى المنازل وتفتيشها، وهو أمر كان يرفضه في السابق.

وكشفت مصادر مطّلعة لـ«الأخبار» أنّ ما جرى في بلدة يانوح نهاية الأسبوع الماضي هدف إلى تكريس معادلة جديدة لا يزال من غير الواضح إلى أين يمكن أن تقود.

فالأحداث في يانوح تحمل دلالات تتصل بمحاولة اختبار مدى التزام الجيش اللبناني بتنفيذ ما يطلبه الجانب الإسرائيلي. ويعود ذلك إلى اللحظة التي قرّر فيها لبنان رفع مستوى تمثيله في لجنة «الميكانيزم»، وهي خطوة تعامل معها الأميركيون بإيجابية، خصوصاً في ظل غياب أي معارضة جدّية لها.

وقد تعهّد الأميركيون في حينه ببذل جهد كبير من أجل «منع إسرائيل من توسيع هجماتها»، مع التشديد في الوقت نفسه على أنّ الانتقال إلى مسار تفاوضي سياسي لا ينبغي أن يوقف الجيش عن أداء مهمّته الأساسية.

وقالت المصادر، إنّ الجديد في الموقف الأميركي تمثّل في «تفهّم الصعوبات التي يواجهها الجيش في أداء مهمته». وقد عبّر عن هذا التوجّه كلّ من توم برّاك والسفير الأميركي ميشال عيسى، الذي قال في أكثر من لقاء، إنّه «يجب إعطاء الجيش مهلة إضافية لإنجاز المرحلة الأولى».

وهو كلام سمعه مباشرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي استفسر عن سبب غياب أي ضغط أميركي على إسرائيل للقيام بخطوات مقابلة، مثل الانسحاب من إحدى النقاط المحتلّة أو إطلاق سراح أسرى. وكان لافتاً في ردّ عيسى قوله، إنّ «الاهتمام الأميركي ينصبّ حالياً على وقف الحملة على الجيش اللبناني، وإنّ النقاش في المرحلة المقبلة يجب أن يتركّز على استعادة الثقة به».

ويرى الأميركيون أنّ استعادة الثقة تبدأ أولاً بـ«مواصلة العمل الذي يقوم به لنزع السلاح جنوب نهر الليطاني، والتعهّد بعدم السماح بانتقال السلاح بين المناطق، والأهمّ قبول الجيش بآلية جديدة لتعزيز عمله».

وهو ما شرحه رئيس الجمهورية جوزيف عون أمام زوّاره، عندما تحدّث عن «توقّف الأميركيين عن توجيه تهديدات إلى لبنان، وظهور إشارات بعدم حصول حرب»، كاشفاً في الوقت نفسه عن «اقتراح أميركي يقضي بتعديل آلية العمل في الجنوب تحت عنوان «آلية التحقّق»، تقوم على أن يتولّى الجيش التحقّق من أي مزاعم إسرائيلية بوجود أسلحة في منشآت مدنية أو منازل».

وقالت مصادر متابعة، إنّ ما حصل في يانوح «شكّل اختباراً لمدى التزام الجيش بهذه الآلية»، إذ طلبت لجنة «الميكانيزم» من الجيش التوجّه إلى أحد المنازل في البلدة والتحقّق من عدم وجود أسلحة فيه. وبعد الردّ الأوّلي بعدم العثور على أسلحة، رفع العدوّ السقف، معلناً بصورة علنية نيّته قصف المنزل، قبل أن يعود الجيش، بطلب من اللجنة نفسها، إلى تنفيذ عمليات حفر وتحقّق أوسع، وهو ما أدّى في النهاية إلى إلغاء قرار القصف.

وبحسب المصادر، فإنّ ما جرى هدفه «التأكّد من قدرة الجيش على التوصّل إلى صيغة محدّدة مع الأهالي تتيح دخول المنازل وتفتيشها». وهو ما دفع الأميركيين إلى البناء على هذه الحادثة، واعتبار أنّ هناك فرصة لفرض ما كان الأهالي والجيش يرفضونه معاً سابقاً بذريعة حماية المنازل، وذلك عبر ابتزاز الناس في أرزاقهم وأملاكهم، ولا سيّما في ظلّ تقاعس الدولة عن القيام بدورها في إعادة الإعمار، ومن ثمّ إحراج المقاومة لعدم التحرّك.

ونقل زوّار قصر بعبدا أنّ الولايات المتحدة «أبلغت من يهمّه الأمر بأن تكريس ما يُسمّى «آلية التحقّق» هو السبيل الوحيد لوقف الحملة القائمة في أميركا ضدّ الجيش»، وأنّ التزام لبنان بها «سيساعد على استئناف التحضيرات لزيارة قائد الجيش للولايات المتحدة، وعلى إعطاء الضوء الأخضر للفرنسيين والسعوديين لدعم الجيش انطلاقاً من اجتماع باريس». غير أنّ مصادر متابعة لا تستبعد أن تتحوّل هذه الآلية إلى محطة جديدة لرفع مستوى الضغط على الجيش وإلزامه بشروط قد لا يكون لبنان قادراً على تحمّلها.

هيكل مع السفراء
واتّجهت الأنظار أمس إلى الجولة الجنوبية التي نظّمها قائد الجيش، برفقة كبار الضباط، للسفراء المعتمدين في لبنان والمُلحقين العسكريين، لإطلاعهم على مسار تنفيذ خطة حصر السلاح. وقد عرض هيكل بالخرائط والصور لمراحل عمل الجيش جنوب الليطاني. وردّ على أسئلة حول العقبات، وكان السؤال الأبرز عمّا إذا كان حزب الله أو سواه، يعيق الجيش، وهل ما زالت المقاومة تتحرك، ولماذا يرفض الجيش تفتيش المنازل والممتلكات الخاصة؟.

فردّ قائد الجيش بأن «العائق الأساسي هو إسرائيل التي تستمر في اعتداءاتها وتنتهك يومياً اتفاق وقف إطلاق النار». واستفاض في تعداد المساحات التي احتلتها بعد وقف إطلاق النار. وأضاف أن «المرحلة الثانية، مرتبطة بنتائج المرحلة الأولى، ومدى تجاوب العدو الإسرائيلي مع ضغوط الدول الراعية لوقف اعتداءاته والانسحاب من النقاط المحتلة». وطالب هيكل «سفراء الدول الشقيقة والصديقة بالكشف عن الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، سواء بالغارات أو بالاحتلال، طالباً دعم دولهم في الضغط عليها».

وزار السفراء مركز الجيش في لحلح في أطراف علما الشعب، وشاهدوا موقع الاحتلال المُستحدث في اللبونة وكيف تعمل الجرافات على توسعته، ثم تفقّدوا إحدى منشآت المقاومة التي تسلّمها الجيش في وادي زبقين ضمن خطة حصر السلاح.