تقرير داني دياب:
في ظلّ التصعيد العسكري المتزايد بين إسرائيل وحزب الله، وارتفاع وتيرة التهديدات في الآونة الأخيرة، يبرز احتمال توسّع رقعة المواجهة، بما يحمله ذلك من تداعيات اقتصادية واجتماعية جسيمة. ويتزامن هذا المشهد مع تقارير إسرائيلية عن إعادة إعمار “الحزب” لبنيته العسكرية والتحتية، الأمر الذي يعكس استعدادًا لسيناريوهات تصعيد محتملة ويزيد من تعقيد المشهد الميداني.
من هنا، تكتسب مسألة الأمن الغذائي أهمية متقدّمة، ولا سيّما ما يتعلّق بقدرة الدولة والمجتمع على تأمين وتخزين المواد الغذائية الأساسية في حال اندلاع حرب واسعة النطاق. ومن هنا يطرح السؤال التالي: ما مدى جاهزية لبنان من حيث توافر المواد الغذائية وإمكانات تخزينها خلال الحرب، وهل تكفي هذه الإمكانات لتلبية حاجات السكان في ظلّ احتمالات تعطّل سلاسل الإمداد؟
إنطلاقًا من ذلك، إعتبر رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي في حديث لموقع “IMLebanon”، أن “هذه التساؤلات تردّنا إلى تداعيات الحرب الماضية على لبنان”، مضيفًا: “لا إحصاءات مركزية تشير إلى حجم المخزون الإستراتيجي للمواد الغذائية ولا أحد قادر أن يعطي رقمًا دقيقًا في هذا الموضوع، إلا أننا نعطي رقمًا تقريبيًا ألا وهو من شهرين إلى 3 أشهر لأن هذا هو المعدل الطبيعي الذي يُخزّنه التجّار بين بضائع موجودة في المستودعات وبضائع مطلوبة من المصدر في الفترة القريبة، لأن الدورة التجارية في لبنان هي تقريبًا 3 أشهر”.
وعن السيناريوهات البديلة في حال توقف المرافئ والمطار والمعابر الحدودية، أشار بحصلي، إلى أنه “لا بديل عن هذه المرافق الحيوية، والمطلوب هنا هو السعي الدبلوماسي لتجنيب البلد هذه الكارثة المتمثلة بإغلاق مرفئ بيروت أو المطار”.
أما عن الضمانات لاستمرارية نقل المواد الغذائية بين المناطق إذا تضررت الطرق، قال بحصلي في حديثه لـ”IMLebanon”: “يجب التنسيق في هذا الموضوع بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة والجهات الدولية للسماح لقوافل المساعدات الغذائية بالدخول إلى المناطق، لكن نحن نتكلم عن حرب إسرائيلية على لبنان، من هنا إذا عادت واندلعت هذه الحرب مجددًا ستتركز على مناطق نفوذ حزب الله تقريبًا”.
وأضاف: “كل ما ذكرناه سابقًا عشناه في الحرب الأخيرة على لبنان، فنحنا لا نبتكر شيئًا، ورغم كل المصاعب عولج هذا الموضوع بالطريقة المثلة التي يجب أن يعالج بها”.
وتابع: “طالما أن مرفأ بيروت ومطار بيروت يعملان فلن يكون هناك مشكلة”، مذكرًا بأن “السنة الماضية كنا ما زلنا ضمن الثورة السورية ولم يسقط الرئيس السوري السابق بشار الأسد وكانت المناطق الحدودية مقفلة أما الآن فنحن في وضع نسبيًا أفضل”، مشيرًا إلى أنه “في حال أقفلت المرافق في لبنان يمكن أن يصار إلى التعاون مع الحكومة السورية الجديدة لنقل البضائع إلى الداخل اللبناني، لكننا نتكلم هنا بسيناريوهات عشوائية وهوليوودية، لكن الأفضل هنا السعي لتجنب هذه الحرب عبر الدبلوماسية لأن في أي حال ستكون تداعياتها كارثية”.
وردًا على سؤال عن وجود آليات رقابة لمنع الاحتكار أو المضاربة على الأسعار خلال الأزمات، أجاب بحصلي: “لا أعتقد أنه سيحصل إحتكار في أي مكان، لكن إذا حصل نقص في المواد تلقائيًا سترتفع الأسعار وذلك بحسب العرض والطلب، لكن من الممكن أن يقدم بعض التجار على الإحتكار لكن ليس هذا النمط الطبيعي الذي يسلك طريقه واختبرنا هذا الموضوع في الحرب الماضية”.
وختم بحصلي: “من ناحية زيادة الإنتاج المحلّي في ظل الظروف الطارئة، لا يمكننا أن ننسى أنها تعتمد على استيراد المواد الأولية وبالتالي ما يطبق على الإستيراد يطبق على الإنتاج المحلّي”.
بناءً على ما تقدّم، يفرض الواقع الأمني المتقلّب والاستعدادات العسكرية المتبادلة بين إسرائيل وحزب الله ضرورة التعامل بجدّية مع ملفّ الأمن الغذائي كأحد ركائز الصمود في أوقات الأزمات. فمسألة تخزين المواد الغذائية لا تندرج ضمن إطار الاحتياط الوقتي فحسب، بل تشكّل عنصرًا أساسيًا في حماية الاستقرار الاجتماعي خلال أي مواجهة محتملة.

