كتب أحمد عز الدين وبولين فاضل في “الأنباء”:
إذا كان لبنان هذه السنة، بحركة طرقاته وأسواقه وزينته وزواره من مغتربين وسياح، يبدو على اختلاف إيجابي عن الفترة نفسها من الأعوام السابقة بعدما تكرس الاطمئنان إلى مرور الأعياد في البلد بلا مفاجآت عسكرية إسرائيلية، فإن عين أركان الدولة هي منذ اليوم على كيفية إدارة المرحلة الثانية من خطة حصر السلاح في شمال الليطاني، بعدما باتت المرحلة الأولى من الخطة والمتعلقة بجنوب الليطاني على بعد أيام من الانتهاء، حيث ينتظر أن يصدر بيان عن قيادة الجيش اللبناني وربما أيضا عن الحكومة للإعلان عن إنجاز الجيش المرحلة الأولى من الخطة التي وضعها بتكليف من الحكومة لحصر السلاح بيد السلطة الشرعية وحدها.
وبين جنوب نهر الليطاني وشماله، شوط قطعته الدولة وأشواط لاتزال أمامها، فيما إسرائيل من جانبها تراوح مكانها من دون أدنى «نقلة» على الرغم من السؤال المشروع عن المقابل الإسرائيلي البديهي عن كل ما التزمت به الدولة اللبنانية ونفذته حتى اليوم، والذي لايزال يواجه بتفلت إسرائيلي من أي التزام أو مساهمة تنم عن رغبة وجدية في التعاطي بعيدا عن النوايا العدوانية والتصعيد المستمر في الجنوب والبقاع بموازاة لغة التهديد والوعيد بحرب واسعة.
وقال مرجع سياسي لـ «الأنباء»: «فيما تتردد معلومات عن إعلان «حزب الله» إخلاء كل مناطق جنوب الليطاني من أي تواجد له، ينصب الاهتمام على التحضير للمرحلة الثانية من نزع السلاح، ابتداء من شمال الليطاني حيث يجري الإعداد لوضع خطة بهذا المجال، وهذا ما أكده صراحة رئيس الحكومة نواف سلام. ويترافق هذا الأمر مع تأكيد دولي على تمديد المهلة لحصرية السلاح وبسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية».
وتابع المرجع «ينتظر لبنان موقفا أميركيا حازما بشأن وقف التهديدات الإسرائيلية بالحرب الواسعة، في ضوء الخطوات الإيجابية التي اتخذتها السلطة اللبنانية ولاقت ثناء دوليا». وفيما تسمح أجواء التطمينات للبنانيين بقضاء فترة الأعياد واستقبال السنة الجديدة بعيدا عن صخب الحرب وأهوالها، أشارت مصادر رسمية إلى دور كبير لـ «الميكانيزم» في المرحلة المقبلة كراعية للوضع الأمني وتأمين الاستقرار من خلال متابعة أي تحرك، ودعم الجيش اللبناني في الخطوات التي يتخذها.
وتحدثت عن حصر النقاش في المرحلة المقبلة عبر «الميكانيزم» بالجانب الأمني وموضوع الحدود لإنجاز كل الخطوات المتعلقة ببسط سلطة الدولة، فيما يبقى أي بحث في الشأن السياسي لما بعد اتخاذ خطوات مقابلة من الجانب الإسرائيلي، وفي مقدمتها الانسحاب من المواقع التي لاتزال تحتلها، أو على الأقل وضع برنامج زمني لهذا الانسحاب، إضافة إلى التخلي عن التهديدات والتهويل بشن حرب على لبنان، ومن ثم إطلاق الأسرى.. ورأت المصادر أن كل هذه الخطوات تبقى ضرورية لعودة الحياة الطبيعية إلى الجنوب من خلال بدء عملية الإعمار، والسماح لسكان المناطق الحدودية بالعودة إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.
البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي قال في عظة الأحد الأسبوعية من الصرح البطريركي في بكركي «تاريخ لبنان فيه نور وظلال، مجد وانكسار، نجاحات وإخفاقات. الدعوة اليوم ليست إلى الهروب من التاريخ أو إنكاره، بل إلى شفائه وقراءته بصدق ومسؤولية. يطلب اليوم تسجيل الوطن في مسار خلاص جديد: إصلاح المؤسسات، استعادة الثقة بين الدولة والمواطن، احترام الدستور، حماية الإنسان، وصون العيش المشترك. هذه ليست شعارات، بل مسؤوليات تاريخية».
وفي الشق الاقتصادي الذي يعني الناس قبل أي شيء آخر، تعقد الحكومة اليوم الاثنين جلسة لها في قصر بعبدا، تنظر فيها من ضمن جدول أعمالها في مشروع قانون الانتظام المالي واسترجاع الودائع، وهو مشروع أعلن رئيس الحكومة د.نواف سلام عن إنجازه يوم الجمعة بالتعاون مع وزيري المال والاقتصاد ياسين جابر وعامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد.
وفي وقت لاتزال تفتقر بنود عدة من المشروع إلى التوضيح الكافي ردا على استفسارات الخبراء الاقتصاديين والمودعين أنفسهم، توزعت الآراء من المشروع بين قائل إنه مجحف بحق المودعين ويجب محاربته بشراسة لضمان عدم مروره، وقائل إنه يحوي نقاطا إيجابية على الرغم من نواقصه، ويجب النقاش بشأنه بشكل هادئ وعاقل.
«الأنباء» سألت خبيرا اقتصاديا واكب كواليس نقاشات المشروع عما إذا كان المودعون المستفيدون من التعميمين 158 و166، والذين قال المشروع بحصول جميعهم على مبلغ 100 ألف دولار على أقل تقدير، سيتم التعامل معهم على أساس أن يحسم من مبلغ الـ 100 ألف ما استحصلوا عليه حتى الآن من مبالغ شهرية، أم انه سيصار إلى تجزئة الـ 100 الف على مدى أربع سنوات كاملة، فكان الجواب «أن المشروع لا يوضح هذه النقطة، لكن المداولات السابقة أكدت دوما أن الـ 100 ألف ستحسم منها المبالغ التي تقاضاها المودعون بحسب التعميم 158. أما التعميم 166، فلا يمكن الجواب بشأنه لأن لديه حالة خاصة، أو بمعنى آخر تسعيرات خاصة بالأموال التي تغيرت وضعيتها بعد أزمة عام 2019 الاقتصادية».