تقرير ماريا خيامي:
تفتح أزمة وقف تسجيل السيارات المستعملة في لبنان بابا جديدا من الإرباك الإداري والاقتصادي، في وقت يعاني فيه المواطنون والمستوردون على حد سواء من ضغوط مالية متراكمة وشلل شبه كامل في الحركة الاقتصادية.
فعشية الأعياد، وجد مئات اللبنانيين أنفسهم أمام معاملات معلّقة وسيارات متوقفة، نتيجة قرارات مفاجئة طاولت آلية العمل في مصلحة تسجيل السيارات من دون أي مسار انتقالي واضح أو إطار قانوني معلَن.
وفي ظل هذا الواقع، تتصاعد التحذيرات من أن المعالجة العشوائية للملفات المالية والجمركية، ولا سيما تلك المرتبطة بشهادات قديمة محتسبة على سعر صرف 1500 ليرة، لا تؤدي إلا إلى تعميق الفوضى بدل تصحيح الخلل.
وفي السياق، أفاد نقيب مستوردي السيارات المستعملة في لبنان، إيلي قزي، بوجود عرقلة جديدة في “النافعة” تتجلّى في وقف تسجيل السيارات التي تحمل شهادات جمركية محسوبة على سعر صرف 1500 ليرة.
وأشار قزي إلى أن هذا الإجراء أوقف كامل معاملات التسجيل وأوقف مئات السيارات عن إكمال إجراءاتها، موضحا أن المشكلة نتجت عن قرارات تُتخذ من دون دراسة مسبقة فنُعالَج الخطأ بخطأ آخر، وذكر أن نحو 300 سيارة متوقفة حاليا عن التسجيل، وأن عددا كبيرا من أصحاب هذه السيارات كان يعتمد على إتمام التسجيل قبل موسم الأعياد، ما يجعل القرار ذا أثر اجتماعي واقتصادي مباشران.
وأضاف قزي إنه لا يمانع في أي تعديل تنظيمي أو مالي من قبيل رفع الرسوم أو تعديل آليات التسعير، شريطة أن يسبقه إعداد آلية واضحة ومدروسة وأن تُنفَّذ هذه الآلية فورا دون تعطيل للمعاملات، ونبه إلى أن ما حصل غير مبرر من الناحية القانونية، متسائلا عن أي نص يسمح بوقف معاملات قانونية مكتملة الشروط أو بفرض أعباء جديدة على أصحاب الشهادات القديمة.
كما شدد على أن النقابة ستلجأ إلى الطعن قانونيا إذا حاولت الجهات المختصة فرض “تسعيرة على الغالي” من دون مرجعية قانونية واضحة، مؤكدا أنهم لن يقبلوا تحميل المواطنين عبئا إضافيا بهذه الطريقة، ورأى أن القرار كان يجب أن يسبق بإصدار توضيح أو آلية تنفيذية تسمح للناس باستكمال معاملاتهم، بدلا من إيقاف كل شيء وترك سيارات المواطنين عالقة أمام الأعياد.
وعلى صعيد الحلول، طالب قزي بتنسيق فوري بين وزارة الداخلية والجهات الجمركية و”النافعة” لوضع آلية تصحيح لا تعطل المعاملات، مع تحديد جدول زمني لتنفيذ أي تعديل بشكل تدريجي ومُعلَن.
وحذّر من أن استمرار هذا التعطيل سيزيد من معاناة المواطنين ويعمق حالة الركود في سوق السيارات التي تعاني أساسا من ضعف الحركة الاقتصادية وتردي الأوضاع الأمنية والمالية، كما دعا الجهات المعنية إلى التحلّي بروح المسؤولية وتقديم حلول سريعة تحفظ حقوق المستوردين والمواطنين معا.
في الخلاصة، تعكس أزمة تسجيل السيارات المستعملة صورة أوسع عن واقع الإدارة العامة في لبنان، حيث تؤدي القرارات غير المكتملة المعايير إلى شلل في المعاملات وإلى تحميل المواطنين أثمانا إضافية في توقيت حساس، وبين حق الدولة في تنظيم الرسوم وتحديث آليات العمل، وحق المواطنين في إنجاز معاملاتهم ضمن أطر قانونية واضحة، يبقى المطلوب حلا سريعا ومتوازنا يضع حدا للتعطيل ويعيد الانتظام إلى النافعة.

