Site icon IMLebanon

مسودة “الفجوة المالية” تؤسس لقانون عفو يهب المرتكبين صك براءة

أشار عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب د.رازي الحاج في حديث  الى”الأنباء”  إلى أن “ستة أعوام مضت على الانهيار الاقتصادي (2019-2025) لم نسمع خلالها سوى وعود بحماية ودائع الناس في المصارف اللبنانية، ولم نلمس سوى تعهدات بإصلاحات مالية وقوانين ناظمة للقطاعين النقدي والمصرفي، فيما كان ولايزال المطلوب خطة علمية وعملية واضحة قابلة للتطبيق من أجل استعادة المال المنهوب والمهرب، والذي يشكل بحد ذاته ودائع الناس وأماناتهم في المصارف اللبنانية”.

وأضاف: “ستة أعوام عجاف تمكنا خلالها من إحباط جملة محاولات لشطب الودائع، وأبرزها محاولة كتلة التنمية والتحرير خلال الجلسة العامة التي كانت مخصصة لمناقشة موازنة العام 2024، وتقضي بتمرير تسعير الدولار المصرفي بـ25.000 ليرة لبنانية، الأمر الذي كان سيشكل ضربة قاصمة للودائع فيما لو تم تمريره وبالتالي اقراره”.

وتابع: “مع وصول العماد جوزف عون إلى السدة الرئاسية وتشكيل حكومته الاولى برئاسة القاضي نواف سلام، استبشرنا خيرا وعقدنا على الحكومة آمالا لإخراج لبنان ومعه ودائع الناس في المصارف اللبنانية من النفق، وان تسلك معالجة الأزمة النقدية والانهيار الاقتصادي الطريق الصحيح والسليم باتجاه التعافي. الا ان الحكومة وبدلا من ان تطمئن اللبنانيين حيال ودائعهم وأماناتهم المصرفية من خلال إجراءات عملية تضمن تحريرها واستعادتها كاملة، فاجأتنا بتشكيل صدمة سلبية للبنانيين عموما والمودعين خصوصا، عبر اصدارها مسودة مشروع قانون معني بالانتظام المالي العام واسترداد الودائع، وأقل ما يقال فيه انه هزيل ينطوي على ظلم وتسرع”.

وقال: “على الرغم من ان الأسباب الموجبة المدرجة في مشروع القانون أسهبت في توصيف الأزمة المالية والنقدية، الا أنها جاءت قاصرة ومفككة على أكثر من مستوى وهي التالية:

1 – اخفاق مشروع القانون أولا في شرح الأسباب الموجبة للإجراءات الاستثنائية، لاسيما المعنية منها بالودائع المصرفية والتي تفرض قيودا طويلة الامد على حقوق مالية مكتسبة، وثانيا في تبيان مدى توافق التدابير مع المادة 15 من الدستور التي تحمي الملكية الخاصة. في حين أن الاجتهاد الدستوري استقر باعتراف أهل الاختصاص على أن الظروف الاستثنائية أيا تكن أنواعها وأشكالها ودرجاتها لا تعفي المشترع من التقيد بأحكام الدستور، بل تفرض عليه تقديم تفسيرات ضيقة ودقيقة وشفافة لا تحتمل الالتباس والتأويل.

2 – شكلت الأسباب الموجبة المنصوص عنها في مشروع القانون تجاهلا صريحا لطبيعة الودائع، بحيث لم تتضمن أي توصيف قانوني لها انطلاقا من كونها حقوق شخصية مكتسبة وملكية خاصة مصانة ومحمية بموجب أحكام الدستور.

3 – غياب تحديد المسؤوليات، بحيث اكتفت الأسباب الموجبة في مشروع القانون بإرجاع الأزمة النقدية إلى اختلالات عامة وسياسات تراكمية وظروف اقتصادية استثنائية، من دون تحديد أسباب الخسائر ومصادرها، وبمعزل عن توزيع المسؤوليات بين الدولة ومصرف لبنان والقطاع المصرفي، الأمر الذي يتعارض مع مبدأي العدالة وتحميل المسؤوليات أسبابا ونتائج.

4 – غياب الربط بين تنفيذ المشروع وبين التدقيق والمحاسبة، بحيث لم يتم ربط تطبيق القانون بالتدقيق الجنائي ومحاسبة المخالفين والمرتكبين، الأمر الذي يفرغ مبدأ العدالة من مضمونه، ويعبد عمليا الطريق أمام قانون عفو عام عن الجرائم المالية المرتكبة خلال المرحلة السابقة، ويهب بالتالي الفاسدين والمفسدين والمتواطئين والمنتفعين في القطاعين العام والمصرفي، صك براءة على قاعدة (صحتين على قلبك وعفا الله عما سلف ومضى)”.

وخلص الحاج إلى القول: “نؤكد رفضنا القاطع اليوم وغدا وفي كل حين لمسودة مشروع قانون الفجوة المالية الصادر عن الحكومة، لأنها (المسودة) وبكل بساطة لا تحرر ودائع الناس، ولا تحدد المسؤوليات، ولا تنطوي على محاسبة الفاسدين والمرتكبين وناهبي المال العام. لا تحمي الطبقة الوسطى، ولا تحمي القطاعين الصناعي والتجاري وصناديق التقاعد والتعاضد وأموال النقابات والضمان الاجتماعي، ولا تطلق عجلة الاقتصاد لاستعادة النمو العام والمستدام. والأهم انها لا تستعيد ثقة اللبنانيين وغير اللبنانيين بالدولة والقطاع المصرفي في لبنان”.