IMLebanon

“الحزب” يراهن على المسيّرات الهجومية

جاء في “نداء الوطن”:

يتصاعد الحديث في لبنان والمنطقة عن احتمال اندلاع حرب جديدة بعد رأس السنة، في ظلّ تقاطع غير مسبوق بين رواية إسرائيلية تتحدّث عن إعادة “حزب اللّه” ترميم بنيته العسكرية، وخطاب داخلي لـ “الحزب”، يؤكّد أنه استعاد عافيته وبات أكثر جهوزية لأي مواجهة مقبلة. لكن خلف هذه الروايات المتقابلة، ثمّة معطيات ميدانية أقلّ ظهورًا، تُظهر طبيعة التحضير الفعليّ بعيدًا من الشعارات.

وفق معلومات خاصة حصلت عليها “نداء الوطن”، يستند “حزب اللّه” في خطابه الداخلي حول استعادة العافية إلى عامل محدّد يجري تعميمه داخل البيئة التنظيمية، وهو التقدّم في تصنيع واستخدام المسيّرات الهجومية. هذا الملف يُقدَّم للعناصر والبيئة الحاضنة بوصفه عنصر التفوّق الأساسي في أي حرب مقبلة، ويُبنى عليه أمل بإحداث خرق نوعي في ميزان المواجهة، في ظلّ القيود المفروضة على استخدام الصواريخ الثقيلة.

أمّا على مستوى التسليح التقليديّ، فتشير المعلومات إلى أن نقل الصواريخ من سوريا إلى لبنان لم يتوقف بالكامل بعد سقوط النظام، حيث جرى نقل عدد منها لكن بوتيرة محدودة ومنخفضة، وجرى عبر شبكات تهريب مشتركة سورية لبنانية، بعيدًا من المسارات السابقة. في المقابل، عمد “الحزب” إلى تفخيخ مخازن سلاح على الحدود، لمنع الوصول إليها أو استخدامها من قبل الإدارة السورية الجديدة، لكنه في الوقت نفسه يؤمّن حماية عالية للمعدّات الثقيلة من الاستهداف المباشر.

في الميدان البقاعي، حيث يُعدّ البقاع الخزان البشري والعسكري الثاني بعد الجنوب، سُجّلت إجراءات أمنية غير معلنة شملت تعاميم صارمة للعناصر بضرورة اعتماد أقصى درجات الحيطة والحذر في التنقل والتواصل، واستخدام تقنيات متعدّدة لتفادي الرصد. هذا الواقع يفسّر انخفاض وتيرة استهداف الأفراد مقارنة بالجنوب، حيث تبقى حركة العناصر أكثر انكشافًا بحكم طبيعة الجبهة.

في المقابل، كثفت إسرائيل في الأسابيع الأخيرة ضرباتها على مواقع يُشتبه في أنها مخصّصة لتخزين السلاح في البقاع، وكان آخرها استهداف جرود الهرمل أمس، في مؤشر واضح على أن بنك الأهداف بات يركّز على البنية اللوجستية لا على العناصر، وعلى تقليص القدرة القتالية قبل أي مواجهة محتملة.

في المحصّلة، لا يبدو المشهد محكومًا فقط بخطاب التهويل أو التحدّي المتبادل، بل بسلسلة خطوات محسوبة على الجانبين. “حزب اللّه” يدير مرحلة “ما قبل الحرب” بهدوء أمني ولوجستي، ويعيد ترتيب أولوياته بعيدًا من الاستعراض، فيما تتعامل إسرائيل مع هذا الواقع باعتباره سباق وقت، فتسعى إلى تقليم عناصر القوة الأكثر حساسية قبل أن تُختبر في الميدان. وبين هذا وذاك، يبقى السؤال مفتوحًا لا عن توقيت الحرب فحسب، بل عن شكلها وحدودها، وما إذا كانت ستبقى ضمن قواعد الاشتباك المعروفة أم ستفرض واقعًا مختلفًا.