Site icon IMLebanon

الحليفان إيران وإسرائيل والحدود المزعومة[1/2]

 

«ثرثرة».. لا يقال عن كلام يحيى رحيم صفوي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني والمستشار العسكري لمرشد إيران علي الخامنئي أكثر من «ثرثرة»، بل يقال عنه أيضاً «كلام كذوب»، و»كذب يحيى رحيم صفوي»، وصدق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هَلَكَ كِسْرَى ثُمَّ لاَ يَكُونُ كِسْرَى بَعْدَهُ»، ولا ينبغي لـمُلْكٍ دعا عليه رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنْ يُمَزَّقُ كُلَّ مُمَزَّقٍ» أن تقوم له قائمة، حتى لو كان اسم كسرى هذا العصر «الخميني أو الخامنئي»!!

وصحيح أن حزب الله ومن ورائه إيران يسعيان لبثّ الحديث عن «مؤتمر تأسيسي» للوصول إلى «ثلث معطّل» دائم من قلب الدولة، ولكن؛ تتجاهل إيران أنّ اللبنانيّين استغرقوا للوصول إلى الطائف حرباً مدمّرة استمرت خمس عشرة سنة ولم تستطع فيها طائفة أن تسيطر في هذه الحرب منفردة على لبنان وباقي الطوائف، ويدرك حزب الله أنه يقامر ويغامر بمصير الطائفة الشيعيّة في لبنان، وأن لحظة انكسارها ستكون عواقبها مدمّرة تماماً مثلما أخذ ميشال عون الطائفة المسيحيّة إلى حتفها وإضعافها وتهميشها، بل وربما أسوأ.. ويُدرك حزب الله أن دون تحقيقه «المثالثة» حرباً «مذهبية» طاحنة وحده الله يعلم متى تنتهي إن بدأت وكيف ستنتهي، وما هو مصير شيعة لبنان «الأقليّة» في محيط سُنّي «اكثري»، أو كيف سيقود حزب الله «شيعة» لبنان إلى حتفهم، فلا يخافنَّ أحد ولا يُصدّقن أحد الكذبة «الصفويةـ الخامنئيّة»!!

كلام صفوي «هراء» وهو ليس أكثر من محاولة استدراج لعروض «مقايضة» في مفاوضات إيران مع مجموعة الـ 5 +1 بادّعاء أنّ «حدود بلاده الحقيقية تنتهي عند شواطئ البحر الأبيض المتوسط عبر الجنوب اللبناني»!! ويُدرك أي متابع ومحلّل عسكري أن هذا الكلام زائف ولا يُصرف في أيّ مفاوضات، وأنّ ما بين «إسرائيل وإيران» يصحّ أن نطلق عليه «طبعاً أحباب» مهما اختلفت تسمية الحدود بين إسرائيل وإيران!!

هذا من حيث «الحقيقة العسكريّة» للقدرات الإيرانيّة الـمُدعاة و»المنتفخة والـمُتَوهّمَة»، أما من حيث «الهراء» الذي ادّعاه صفوي بأن «هذه المرة الثالثة التي يبلغ نفوذنا سواحل البحر الأبيض المتوسط»، ومسارعة المحلّلين إلى الحديث عن إشارة صفوي إلى الإمبراطوريتين «الأخمينية والساسانية»، وهذا «الهراء» الصفوي من حقّ القارئ أن يعرف أسبابه وتاريخه و»نهايته» أيضاً!!

هذه «النفخة» الفارسيّة «الكذوبة» لها أصلها من حيث التأريخ، والمدهش أنها «يهوديّة» الأصل والفصل، إذ يتحدث الباحث الفارسي ناصر بوربيرار في كتابه «12 قرناً من السكوت» عن دور إسرائيل في إعلاء «الحضارة الإيرانية»، فـ»التاريخ الإيراني يستند في كتابته إلى بحوث قام بها اليهود، وبذلوا جهداً لإعلاء شأن الاخمينيين كمحررين لهم وكمدمرين لحضارة بين النهرين، فاليهود يسعون أن يقدموا الأخمينيين كمبدعين للثقافة والحضارة أو أي شيء يرغبونه وذلك بسبب الخدمة التي قدمها لهم الاخمينيون بتحريرهم من سبي نبوخذ نصر ملك بابل (…) وأنّ علماء الآثار ، والمؤرخون اليهود كـغيريشمن  وداريشتيد واشكولر كما أن 90 في المئة من مؤرخي التاريخ الإيراني هم من اليهود، أي أن اليهود قاموا بتهويل تاريخ الأخمينيين، فهؤلاء حاولوا خلال المائة سنة الماضية أن يصوروا «قورش» في التاريخ الإيراني بشكل يتطابق وصورته في التوراة حيث تقدمه كصورة نبي، وقد نجحوا في ذلك، إذ لم يُعرف قورش في إيران حتى قبل 100 عام»!!

ويقول الباحث عبد الوهاب المسيري، في كتابه «اليهود واليهودية والصهيونية»: «الدولة الفارسية نفسها كانت دولة يشكّل الكهنة فيها عنصراً أساسياً في النخبة الحاكمة. وهكذا، أصبح كهنة الهيكل الثاني النخبة اليهودية الحاكمة التي تحكم باسم الإمبراطور الفارسي وتُسيّر أمور الجماعة اليهودية المتماسكة لصالحه داخل وخارج فلسطين وفي كل أنحاء الإمبراطورية الفارسية. ومن هنا كانت عودة زروبابل عزرا ونحميا. كما وُجدت جماعات يهودية في أرجاء الإمبراطورية على هيئة مستعمرات موالية للدولة الفارسية وجنود مرتزقة. بل عمل اليهود كجواسيس للفرس إذ يقول هيرودوت إن قمبيز أرسل بعض اليهود ليتجسّسوا لصالحه في مصر قبل أن يُجرِّد حملته.

ويمكن أن نقول إن اليهود، أو على الأقل نخبتهم الحاكمة، قد تحوّلوا إلى جماعة وظيفية تخدم المصالح الفارسية. ولذا، فقد كان من مصلحة هذه الدولة تقوية هيمنة النخبة الكهنوتية، وهي هيمنة استمرت منذ مرسوم قورش وحتى التمرد اليهودي الأول ضد روما والنخبة الكهنوتية عام 66م. ومن هنا كان دعم الدولة الفارسية لعزرا ونحميا في محاولتهما تسجيل التوراة وفرضها باعتبارها شريعة وقانوناً ملزماً في كثير من الأمور الشخصية تكملها شريعة الدولة. وقد تم ربط الشريعة اليهودية بشريعة الدولة حتى يكتسب القانون الفارسي الدنيوي (الوضعي) شيئاً من الشرعية الدينية (…).

ويتجلى ارتباط اليهود بالدولة الفارسية الأخمينية في واقع أن كهنة الهيكل كانوا يقدمون قرباناً في الهيكل كل يوم استجلاباً للسعادة والرفاهية لسيِّد صهيون وحاكمها الأعلى قورش. ويتضح إحساس اليهود بالعرفان تجاه الأخمينيين حيث جاء في المشناه أن صورة مدينة سوسة عاصمة ملوك فارس كانت تُثبَّت على البوابة الشمالية من الهيكل لتُذكّر اليهود بأن خلاصهم تم على يد الأخمينيين».