Site icon IMLebanon

الراعي مستاء من إنقلاب عون

 

يشعر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بأنّ كل ما بذله لتوحيد الزعماء الموارنة بهدف تفادي الفراغ في الرئاسة الاولى قد ذهب أدراج الرياح. وينقل الزوّار عنه استياءه من نَكث رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون بالعهد الذي قطعه بعدم مقاطعة جلسات مجلس النواب.

يَروي الراعي أنّه حرص، وقبل إصدار البيان عن اجتماع الأقطاب الموارنة، على التأكّد من موافقة العماد عون ثلاث مرات: هل أنت موافق يا جنرال على البيان؟ ليُجيب عون: مئة في المئة.

يعكس تحوّل نسبة المئة في المئة الى واحد في المئة عند الجنرال، حالة طبيعية. فخلال أسابيع انقلب موقفه من ملتزم حضور الجلسات، بصرف النظر عن نتائج التصويت لتفادي الفراغ، الى غياب وتعطيل تحت عنوان: أنا أو الفراغ.

يحتار سيّد بكركي بما سيتخذه من مواقف إزاء هذا الانقلاب على الوعود. إلتقى الوزير جبران باسيل أمس، وأوصل الرسالة نفسها: لماذا تُقاطع أكبر كتلة مسيحية مجلس النواب، في أخطر مهمة وأدقّ موقع يفترض بالمسيحيين الحفاظ عليه؟ الجواب كان إنّ المقاطعة حق دستوري لا يُقنع رأس الكنيسة، ذلك على رغم التصريح التبريري الذي أطلقه المطران سمير مظلوم في هذا الخصوص.

من الآن وحتّى الجلسة المقبلة لا شيء يوحي بأنّ عون سيشارك، فهو لا يزال ينتظر موافقة تيار “المستقبل” والسعودية والولايات المتحدة الاميركية على ترشيحه التوافقي، لكن كل المؤشرات تقول إنّ السعودية، التي تدعم ترشيح رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع، تنتظر ما ستؤول اليه مفاوضاتها مع طهران، وما إذا كان ذلك سيترجم بتحييد لبنان عبر الاتفاق على اسم تسوية للرئاسة.

ترجم جعجع توجّهاً جديداً عبر إعلانه من بكركي أنه جاهز للانسحاب لمرشّح من قوى “14 آذار” إذا توافر النصاب وفرَص الانتخاب. هذا التصريح سحب البساط من تحت أقدام “حزب الله” الذي حاول ابتزاز “14 آذار” وتصويرها على أنها تعطّل الاستحقاق بتمسّكها بترشيح مستحيل.

الطابة باتت كليّاً في ملعب عون، واستمراره في تعطيل الجلسة سيؤدي عاجلاً أم آجلاً الى صدور موقف عن الكنيسة، والى تحميله مسؤولية الفراغ. صحيح أنه لا يأبه للفراغ، لكنّ شبح سيناريو العام 1988 مرشّح للتكرار. يومها رفض عون تسوية الطائف واصطدمَ بالكنيسة، التي نالت ما نالت من تظاهرة بكركي الشهيرة.

في المعلومات أنّ الكنيسة تُحضّر اجتماعاً لأقطاب الموارنة، فهل سيحضر عون أم سيتغيَّب؟ وكيف سيتنصّل من بيان وَقّعه وتعهّد تطبيقه؟ وإذا تنصّل، ماذا ستكون ردة فعل البطريرك الذي اعتبر أنّ مجرد صدور بيان بإلزام جميع النواب المسيحيين حضور الجلسة النيابية إنجاز؟

تواجه الكنيسة استحقاق الفشل في ترتيب البيت المسيحي قبل 25 ايار. الانتخابات الرئاسية أصبحت ورقة في يد المرشحين الأقوياء، وهذا ما يعطي لهذه الانتخابات بعداً جديداً مع جلوس الحلفاء في المقاعد الخلفية، لكنّ كل ذلك ليس مرشحاً للاستمرار، بعد الفراغ، لأنّ فترة السماح تكون قد انتهت، مع دخول العامل الاقليمي والدولي، الذي بدأت معالمه تظهر من خلال جَسّ نبض الاسماء، التي ستطرح فور التأكّد من استحالة انتخاب عون رئيساً توافقياً.

يحلو لقطب مسيحي أن يستذكر ما فعله عون عام 1988، وما يُكرّره اليوم، ويقول: “لو يقتنع الجنرال بأنّ وصوله الى الرئاسة بات مستحيلاً، ولو يقتنع بأن يتحوّل ناخباً، حينها يمكن له اذا فتح حواراً مسيحياً مع قوى “14 آذار”، ومع الرئيس سعد الحريري في آن، أن يساهم في تأمين حصول الاستحقاق الرئاسي، ويُجنِّب المسيحيين مخاطر الفراغ. ولكن يبدو أنه ذاهب مجدداً الى لعبة حافة الهاوية، التي أنتجَت عام 1988 حرباً مدمّرة بين المسيحيين، وعام 2008 فوضى السابع من أيار.