Site icon IMLebanon

6 ملاحظات على معركة جرود بريتال

لم تكن المواجهة بين «حزب الله» والإرهابيين جديدة، إذ إن القتال يدور بينهما بين كرّ وفرّ منذ وقت طويل داخل الأراضي السورية، ولا سيما منها في بلدات القلمون وجرودها. كذلك كانت المجموعات الإرهابية تُهاجم «الحزب» في مناطق نفوذه في الضاحية الجنوبية لبيروت وفي البقاع عبر عمليات أمنية وتفجيرات إنتحارية.

إلّا أنه يُمكن تسجيل ست ملاحظات متصلة بالمعركة الأخيرة، هي:

1- هذا أول إشتباك عسكري مباشر يحصل مباشرة بين الفريقين داخل الحدود اللبنانية.

2- إن السيناريو الذي حصل مع الجيش في عرسال تكرّر مع «حزب الله» في جرود بريتال. وفي الحالين، إضطر المهاجمون الى الإنسحاب.

3- إن أعداد شهداء «الحزب» كانت مرتفعة بالنسبة الى معركة واحدة، إلّا أن «الحزب» قادر على تحمّلها نظراً لما يملك من خزّان بشري من جهة، ودعم أهلي كبير في محيطه وبيئته.

4- لن تكون هذه المعركة يتيمة، بل من المتوقّع أن تتجدّد في أي وقت سواء مع الجيش اللبناني أو مع «الحزب»، في المناطق التي شهدت الإشتباكات أو في أمكنة أخرى.

5- لن يتمكن المسلحون من الإنتصار، لا على الجيش ولا على «الحزب»، بناء على الوقائع والظروف الموضوعية والإمكانات العسكرية والبشرية وخطوط الدعم والإمداد.

6- سيعمد «الحزب» الى قواعد إشتباك جديدة سواء في سوريا أو في لبنان تجنّباً للوقوع في حرب استنزاف قد تُفرض عليه، وتحسُّباً من مفاجأة جديدة يقوم بها الإرهابيّون.

في كل الأحوال، لا يمكن التقليل من المخاطر التي تُمثّلها «داعش» و«النصرة» عسكرياً وأمنياً، ليس على الجيش أو «حزب الله» فقط، بل على خمسة وتسعين في المئة من اللبنانيّين. ولا يصح الظن في أن الضربات الجوية التي يشنّها الأميركيون والحلفاء على هؤلاء في سوريا والعراق قد تقضي عليهم فعلاً، أو تشلّ قدراتهم في المستقبل المنظور.

فالخبراء الإستراتيجيون على المستوى الدولي يُجمعون على أن إتفاقية سايكس بيكو التي رسمت الحدود الجغرافية والسياسية في الشرق الأوسط وفق موازين القوى والمصالح بين فرنسا وبريطانيا قد شارفت على النهاية، وإن العالم اليوم يعيش عصر الولايات المتحدة ونفوذها ومصالحها الإستراتيجية.

وشعارات الفوضى الخلّاقة والشرق الأوسط الجديد تشق طريقها يوماً بعد يوم نحو التنفيذ. إن العراق كما عرفه العالم إنتهى كنظام سياسي، والفدرالية بين ثلاث دويلات عرقية ومذهبية يتقاسمها الشيعة والسنّة والأكراد تلوح كحل سياسي في الأفق. وسوريا أيضاً إنتهت كدولة موحّدة ونظام، ولن تعود الى ما كانت عليه في القرن الماضي.

ليس واضحاً بعد كيف سترسو الأنظمة الجديدة وكيف ستبدو الحدود السياسية المستقبلية، لأن الحروب والإنتصارات هي التي ستحدّد موازين القوى في النهاية. وستتولّى الولايات المتحدة توزيع المغانم والمكاسب على المستحقّين والحلفاء المشاركين في مساندتها لتحقيق هذا المشروع الكبير.